
قبس من روح مصر
بقلم: سامي كمال الدين
| 13 ديسمبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: سامي كمال الدين
| 13 ديسمبر, 2023
قبس من روح مصر
تتحدث المقالة عن تحول وسط القاهرة المفاجئ والتحديات التي تواجه الحفاظ على التراث والهوية المعمارية. يتناول الكاتب مشهد المحلات والشقق التي تحولت لأغراض مختلفة ويسلط الضوء على أهمية تطوير المنطقة لجعلها جاذبة سياحيًا. يدعو الكاتب للحفاظ على التراث وتجنب الاستثمار العشوائي.
“ذات مرة كنت قادماً من مطار القاهرة، وعبَر السائق في وسط البلد وفوجئت بأن أغلب محالها العتيقة تحولت لمحلات أحذية، وصارت واجهات أغلب المحلات الزجاجية تتكدس بالأحذية، ولا أعرف لماذا أحذية بالذات؟!”.
قالها محمد حسنين هيكل ثم صمت أثناء مشاركتنا في إحدى الدورات الصحفية في مؤسسة هيكل، وقبل هذه الجملة وبعدها كان يحملني الإلحاح لدرجة تتجاوز القلق والأرق معاً كلما كنت أمر في شوارع وسط القاهرة، المدينة الخديوية التي تحمل طرازها الفريد والمميز عن غابات الإسمنت التي بنيناها حديثاً..
وكثيراً ما تجاوز الأمر ذلك، ووصل إلى أنني كنت أصعد لسطوح بعض عمارات وسط القاهرة بحثا عن جماليات العاصمة، لكن العشوائية لم تكن أبداً في السطوح، العشوائية كانت في داخل الشقق نفسها، فكنت أثناء هبوطي لا أستخدم المصعد من أجل رؤية التشكيل البنياني من الداخل لهذه التحف الفنية، فأكتشف أن أغلب الشقق عبارة عن مخازن لقطع غيار السيارات ولمحلات الملابس والأحذية، أو أنها شقق مغلقة منذ عشرات السنين، ولا تعرف كيف يترك أصحاب هذه الشقق تلك التحف المعمارية، ويذهبون إلى السكنى في غابات الأسمنت، كيف يسكنون الأرض الجافة ويرفضون السكنى على كوكب بديع مرصع بالنجوم؟! أما عن استخدامها كمخازن فلعل الداعي لذلك قلة إيجارها في الشهر.. فأين يجد أي تاجر مكانا لتخزين بضاعته مقابل هذا المبلغ الضئيل؟!
حضرت مرة مزاداً لبيع طابقين في مبنى مساحته تصل إلى ألف متر مربع في شارع شامبليون، عبارة عن بدروم ودور أرضى 6 غرف ودور أول مكون من 14 غرفة، كانت ملكاً لأحد رجال الأعمال الذين ملؤوا الأرض شهرة ومالاً ذات يوم هو وزوجته الفنانة الشهيرة، ورحل مكبلاً بالديون، فبيعت شركته في هذا المزاد.. حين تسللتُ ضمن التجار الذين يشترون ما غلا ثمنه بأبخس الأثمان، وجدت أن المكان فيه ديكور تتجاوز قيمته المليون جنيه، بل فوجئت بمكتبة في حائط، هي عبارة عن مكتبة حين تحركها تجد نفسك على سلم العمارة إلى الشارع مباشرة، وبذلك تهرب وتتخلص من اللصوص والشرطة في أنٍ واحد.! هل تتخيل بكم بيعت كل هذه المساحة؟ قيمتها لا تقل 20 مليون جنيه، وقد بيعت فقط بمليوني جنيه بموجب عقد مفتوح مدى الحياة، وسبعمائة جنيه كل شهر، هذا وقت أن كان الدولار بستة جنيهات!
منطقة “الداون تاون” في مصر، التي لم تعد استثمارية الآن مثل التجمع وزايد أو العلمين، ليست شارعاً ولا مقهى ولا عمارة أثرية، لكنها قبس من روح مصر، قطعة من مصر الجميلة الرائعة المنظمة، العاشقة للأناقة والإبداع، والتي تحتاج للحفاظ عليها، هي بحاجة إلى حكومة يترأسها رجل مثل تشرشل تقدِّر قيمة البلد الذي تنتمي إليه، تضع خطة شاملة لتطوير وسط القاهرة، تنـزع لافتات تلوث واجهات العمران، ولافتات يضعها الأطباء على عياداتهم بعرض العمارة، تتجاوز عدد المرضى! لماذا لا يتم طباعة دليل يحتوي على عناوين كل العيادات في وسط القاهرة وأسماء الأطباء كما كل الدول المتحضرة، وأن يُجبر أصحاب المحلات على التزام مظاهر الأناقة؟ ففي عهد لا تعرف فيه الحكومات المتوالية الفرق بين القبح والجمال، وبين العشوائية والنظام، يتم هدم المقابر التاريخية لأجل كوبري!
نحن الذين قُدنا الشعوب إلى الحضارة.. جاءت أسرة محمد علي لتقودنا إلى الحضارة والمدينة الحديثة، فأصررنا بعد ذلك أن نسير على خطى بعض الضباط الذين جاءت بهم ثورة يوليو في تخريب كل القصور والمباني، وإذا كان هذا هو حال المحرِّرين، فليس عيباً أن يدمر الناس الآن كل الطرز المعمارية الرائعة التي في وسط القاهرة!
ولعلها من حسنات هذه الحكومة تحويل وسط القاهرة لمنطقة سياحية نظيفة وهادئة بلا سيارات ولا تلوث، وأتمنى تطوير القاهرة الخديوية أكثر من ذلك، وألا يأتي لنا رجل أعمال ليصادر الجمال ويحوله إلى قبح، وألّا يُباع وسط البلد في مزاد كما بيع الكثير من وطننا الضائع في ظل حكومات تائهة!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق