كذبة أبريل العالمية

بواسطة | أبريل 4, 2024

بواسطة | أبريل 4, 2024

كذبة أبريل العالمية

اعتادت بعض الصحف، وخصوصا الغربية، اختلاق بعض القصص الغريبة المريبة لتتصدر العناوين العريضة في أول أبريل، وبعد أن تثير مساحة كبيرة من الجدل، تنشر تلك الصحف في اليوم التالي توضيحا تؤكد فيه أن القصة التي نشرتها بالأمس ليست أكثر من كذبة أبريل.

ورويدا رويدا انتشرت كذبة أبريل بشكل مروع على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت تتحول إلى نكات لتحقيق أكبر قدر من الانتشار، وبات البعض يخلط بينها وبين الحقيقة.

وبما أن حرب الكيان الصهيوني على غزة أكملت نصف العام مع مطلع شهر أبريل، فقد اكتشفنا أن العالم كله يعيش كذبة كبيرة عالمية.. تلك هي الحقيقة الدامغة التي أسقطت فيها عملية طوفان الأقصى ورقةَ التوت، وكشفت عورات العالم قبل أن تكشف بالصوت والصورة، وفي كل أرجاء كوكب الأرض، هشاشة الكيان المحتل ووحشيته.

العالم الذي أرهقنا بالشعارات الزائفة عن حقوق الإنسان والقوانين الدولية والإنسانية، يقف عاجزا عن وقف حرب اعترفت محكمة العدل الدولية بأنها تصل إلى كونها جريمة إبادة جماعية، ولا يستطيع إيقاف آلة الحرب الصهيونية، التي تدمر الأبرياء من أطفال ونساء ومدنيين، وتقتل البشر والشجر والحجر، وقد زاد عدد الشهداء عن 30 ألف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء، وتم تدمير ما يزيد عن نصف بيوت غزة، ودُمّرت المشافي والمدارس والمؤسسات الحكومية ومخازن المؤسسات الإنسانية وكل ما يخدم الحياة.

من اليوم الأول وصفناها بأنها حرب إبادة، تنطلق من عقيدة الصهاينة الذين يؤمنون بأنهم شعب الله المختار وأن ما دونهم ليسوا أكثر من مجرد حيوانات بشرية، فلا مانع من قتلهم وذبحهم بدم بارد، وقد قالها أكثر من مسؤول في حكومة الاحتلال مع انطلاق شرارة الحرب على غزة، واقترح أحدهم إلقاء قنبلة نووية على غزة، وطالب آخر بإيجاد وسيلة أكثر قسوة من الموت على الفلسطينيين، وشجع آخر على قتل الأطفال قبل الكبار.

تخيلوا هذا العالم الذي لم يقدر على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لقطاع غزة، وهو العالم نفسه الذي شهد قرار محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية، ولم يفعل شيئا مع سقوط ما يزيد عن 30 ألف شهيد فلسطيني.. هذا العالم انتفض لمقتل 7 من العاملين في المطبخ المركزي العالمي، لكونهم من جنسيات بريطانية وبولندية وأسترالية وأمريكية، وعبرت حكومات الغرب عن غضبها بسبب تلك الحادثة، واعترف رئيس وزراء العصابة الصهيونية “النتن ياهو” بارتكاب جيشه تلك الجريمة، ووصفها بأنها مأساوية لكنها جاءت بالخطأ وتسببت في مقتل أبرياء.

نعم.. هم يرون العاملين في المؤسسات أبرياء، لكن المدنيين والأطفال والنساء في غزة ليسوا كذلك، والأسرى الذين اقترب عددهم من 20 ألف أسير في سجون الاحتلال من الصفة الغربية ليسوا أبرياء.

تخيلوا أن هذا الجيش قتل في يوم سبعة من العاملين في المطبخ المركزي العالمي في ثلاث سيارات في مواقع متباعدة، وفي اليوم ذاته اعتدى على سيادة سوريا بغارة دمرت القنصلية الإيرانية، واعترف بذلك دون خوف من أي رادع.

اعتراف الكيان الصهيوني بجريمته ضد عمال الإغاثة تأكيد على عدم الخوف من المحاسبة، وتوجيه رسالة صريحة لكل المؤسسات الإنسانية أنه لا مكان آمن لها في غزة، لمنع وصول المساعدات إلى شعب يموت جوعا، ليكمل حرب الإبادة على غزة، التي لا يريدها مكانا صالحا للعيش.

بكل وضوح وصراحة، العالم أصبح أكذوبة كبيرة فلا تصدقوا من يقول إنه يدافع عن المدنيين، أو يحافظ على حقوق الإنسان، أو حتى حقوق الحيوان؛ فكلهم انكشفوا ولا يستطيع أحدهم أن يتخذ موقفا مع الكيان المحتل، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي المثالية لم توقف دعمها العسكري والاقتصادي والدبلوماسي لدعم الكيان المحتل، وتصريحات مسؤوليها بالغضب لاستهداف المدنيين ما هي إلا استهلاك إعلامي، ومحاولة لتحسين صورتها التي تشوهت عالميا.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...