كريم “خان” الجنائية الدولية

بواسطة | أبريل 11, 2024

بواسطة | أبريل 11, 2024

كريم “خان” الجنائية الدولية

أكثر من نصف عام مضى، ومازالت إسرائيل ترتكب كل أنواع الجرائم في قطاع غزة، دون أن تتحرك المحكمة الجنائية الدولية، وهي نفسها التي اتهمت روسيا بارتكاب جرائم حرب، وأصدرت مذكرات توقيف بحق عدد كبير من المسؤولين الروس، في مقدمتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لم تأخذ المحكمة الجنائية الدولية وقتا طويلا لتصدر سلسلة من التهم بحق روسيا بسبب حربها على أوكرانيا؛ وتحرك البريطاني كريم خان، المدعي العام للمحكمة، بسرعة البرق ليقود فريق التحقيق لإصدار مذكرات التوقيف بحق الروس؛ وهي المحكمة نفسها التي تعيش في حالة سبات عميق تجاه كل ما يحدث من الكيان الصهيوني من جرائم حرب موثقة بالصوت والصورة ويشاهدها العالم، حتى أن محكمة العدل الدولية أقرت بشروع الكيان المحتل في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بفضل الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا، وتنظر حاليا دعوى من نيكاراغوا ضد ألمانيا تتهمها فيها بتسهيل ارتكاب الإبادة الجماعية.. لكن كريم خان لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، على الرغم من الطلبات التي تقدم بها المئات من المحامين من مختلف دول العالم، ضد المسؤولين في الكيان الصهيوني لارتكاب جرائم الحرب.

في الثالث عشر من ديسمبر الماضي، وهنا في “مدونة العرب”، سألت: من يحاسب الكيان الصهيوني؟ في محاولة للإجابة على السؤال: لماذا ترتكب إسرائيل كل هذه الجرائم، ولا تكترث للقوانين والأعراف الدولية، ولا تخشى أن تتعرض للمحاكمة؟

واستعرضت الدور المنوط بمحكمة العدل الدولية في تسوية النزاعات الدولية التي تُعرض عليها من طرف الدول، في إطار ما يسمى بـ”القضايا الخلافية” وفقا للقانون الدولي، مع إبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية التي تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة، والوكالات الدولية المخولة.. وهي تبُتّ أيضا في النزاعات بين البلدان على أساس المشاركة الطوعية للدول المعنية، وإذا وافقت دولة ما على أن تكون طرفا أمام المحكمة، فهي ملزمة بالامتثال لقراراتها، وعلى هذا الأساس تحركت جنوب إفريقيا، التي امتلكت الشجاعة الكاملة للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني.

ثم استعرضتُ دور المحكمة الجنائية الدولية، وهي أول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء؛ وشددتُ على أن المسؤولين في الكيان الصهيوني بعيدون عن أي خطر تشكله المحكمة الجنائية الدولية، فهنا عليك أن تعرف أن كريم أسعد أحمد خان، المحامي البريطاني، هو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والذي تولى المنصب في العام 2021، ورفض كل طلبات زيارة الأراضي المحتلة، سواء في الضفة الغربية أو غزة، للتحقيق في جرائم حرب يرتكبها الكيان المحتل المغتصب بحق الفلسطينيين العزل الأبرياء. واكتفى كريم خان بظهور وحيد من أمام معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن مكتبه يجري تحقيقات نشطة حول “الجرائم التي يُدَّعى ارتكابها في إسرائيل في السابع من أكتوبر”، وأيضا في ما يتعلق بالوضع في غزة والضفة الغربية؛ ووصف الفترة الحالية بأنها أكثر الأيام مأساوية.

وفي مطلع ديسمبر الماضي قام الرجل بزيارة تاريخية إلى الكيان الصهيوني، وتعاملت معه مؤسسات الكيان المحتل بصفته سائحا مرحَّبًا به، وبعدها قام بزيارة رام الله؛ وقال خان في بيان مكتوب صدر بعد زيارته إنه رأى “مشاهد من القسوة المحسوبة” في مواقع هجوم 7 أكتوبر؛ وتحدث خلال الزيارة إلى أفراد عائلات الضحايا الإسرائيليين، ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن المحتجَزين من قِبل حماس والمسلحين الآخرين.

وفي رسالته بالفيديو، قال خان أيضًا إنه يجب السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة؛ وقال: “في غزة، من غير المقبول – ولا يوجد أي مبرر– أن يقوم الأطباء بإجراء العمليات من دون ضوء، وأن يتم إجراء العمليات الجراحية للأطفال دون تخدير، تخيلوا آلام العمليات الجراحية التي يتعرض لها الأطفال، أو أيُّ شخص أو أيٌّ منا، دون تخدير. وشددت أيضا على أنه يجب على حماس ألا تقوم بتحويل أي مساعدات مقدمة إلى أغراضها”.

ومن يومها اختفى كريم خان بينما ترتكب إسرائيل كل أنواع جرائم الحرب الموثقة بالصوت والصورة؛ ولم تعد بحاجة لزيارة منه أو من فريق عمله لقطاع غزة، الذي يشهد على بشاعة أسوأ أنواع البشر على وجه الكرة الأرضية، يقتلون ويذبحون ويسفكون الدماء بدماء باردة، وبتصريح من كبار رجال الدين والمتطرفين من رجال السياسة.. وقبل دخول جيش الاحتلال غزة برا كانت صواريخه وقنابله تدمر كل ما هو حي في القطاع، من أطفال ونساء ومدنيين، وتستهدف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس ومنشآت المنظمات الإنسانية؛ وكان يستهدف الصحفيين وعائلاتهم لمنعهم من إيصال الصورة الوحشية التي يرتكب بها كل جرائمه، ويستهدف العاملين في المنظمات الإنسانية لمنعهم من إيصال المساعدات لأهل غزة، لتشديد طوق المجاعة عليهم حتى يموت من الجوع من لم يمت بالرصاص أو القنابل، وحتى لا يجد المريض أو المصاب مكانا للعلاج.

كل هذا والسيد كريم خان مازال في حالة سبات ليثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه متواطئ – كغيره من حكومات الغرب- ومشارك في هذه المأساة التي ستبقى وصمة عار في جبين العالم الحر.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...