فشلت إسرائيل بتحقيق أهداف حرب إبادتها على غزة!

بواسطة | يناير 28, 2024

بواسطة | يناير 28, 2024

فشلت إسرائيل بتحقيق أهداف حرب إبادتها على غزة!

تستمر حرب الإبادة في غزة بعد 110 أيام، مع استمرار كيان الاحتلال في مواصلة هجماته، رغم تحقيق أهداف واقعية تبدو بعيدة المنال.

حرب إبادة في غزة: إصرار على الفشل وأزمات داخلية تهزّ كيان الاحتلال

بعد 110 أيام على حرب الإبادة التي يشنها الصهاينة على غزة، التي تُركت بمفردها لتواجه آلة القتل والإبادة الصهيونية، التي تتفنن بأساليب القتل الوحشي على البشر والحجر، يصر كيان الاحتلال على الاستمرار في الحرب حتى تحقيق أهدافه غير الواقعية.

يأتي هذا الإصرار برغم استشهاد أكثر من 30 ألفا، بعضهم ما زالوا مُسجَّلين كمفقودين تحت أنقاض منازلهم وشققهم وملاجئهم، وإصابة أكثر من 65 ألفاً من المدنيين، وتدل الأرقام على أن أكثر من ثلثي الوفيات والإصابات من النساء والأطفال والمسنين وأصحاب الأمراض المزمنة.. والإصرار قائم أيضا برغم مطالبات وقف إطلاق النار من جهات متعددة، أبرزها الدول العربية والأمم المتحدة، وحتى من داخل كيان الاحتلال المنقسم على نفسه، بعدما دبت الخلافات داخل أركانه، ووصل تصاعد الخلافات إلى الاشتباك بالأيدي داخل حكومة الحرب، وتتابعت المطالبة بمفاوضات لإطلاق سراح الرهائن والأسرى بصفقة متكاملة. كما أن الإصرار على الاستمرار في الحرب يأتي رغم غضب في واشنطن، وصل إلى حدّ إغلاق الرئيس بايدن الهاتف بوجه نتنياهو.

يكرر نتنياهو بحساباته الكارثية بنك الأهداف غير الواقعية، التي يدعي أن الحرب البرية ستحققها، وهي: 1-سحق وهزيمة حماس. 2-إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس والفصائل الفلسطينية في غزة. 3-تحييد غزة وجعلها منطقة منزوعة السلاح، وإنهاء وضعيتها كمصدر لتهديد الأمن للإسرائيليين (والهدف غير المعلن هو ترحيل سكان غزة لخارج القطاع واحتلاله وإدارته أمنياً وعسكرياً). 4-إنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية، وفرض فصلٍ دائم لغزة عن الضفة الغربية.. ولكن، يستمر التعثر والفشل في تحقيق أي من تلك الأهداف.

واليوم، قتال نتنياهو هو للبقاء في السلطة أكثر من أن يكون لتحقيق الأهداف، خاصة وأنه يعلم أن بانتظاره بعد سقوط حكومته المتطرفة تشكيل لجان للتحقيق في أسباب الفشل العسكري والأمني والاستخباراتي، وأنه سيحاكم على التهم الجنائية بحقه، والتي تشمل الفساد وخيانة الأمانة والتكسب غير المشروع، وهذه كفيلة بإنهاء حياته السياسية وحتى إدخاله السجن، وإن كان قد سعى لتكبيل يد القضاء، وأحدث بسبب ذلك انقساما في كيان الاحتلال قبل طوفان الأقصى.

والملفت الآن هو بروز الخلافات والتباين بين الرئيس الأمريكي بايدن وإدارته وبين نتنياهو، وتشكيك إدارة بايدن – الحليف الأهم والداعم الأول لحرب إسرائيل على غزة- بإمكانية تحقيق الأهداف، التي روَّج لها نتنياهو وفشل رغم دخول الحرب شهرها الرابع في تحقيق أي منها. وكذلك فإن قادة المعارضة وأهالي الرهائن وجنرالات سابقين، وعلى رأسهم أيزنكوت، رئيس الأركان السابق وعضو حكومة الحرب، الذي قُتل ابنه في حرب غزة في ديسمبر الماضي، أولئك كلهم يرون بأنه لا يمكن هزيمة حماس هزيمة مطلقة، وأن من يدَّعي غير ذلك (في إشارة إلى نتنياهو) لا يقول الحقيقة!. وبات هناك قناعة راسخة باستحالة تحقيق ما يروج له نتنياهو، من أن الحرب ستؤدي إلى هزيمة حماس كلياً وإطلاق سراح حوالي 139 من الرهائن والمحتجزين في غزة؛ وبالتالي فالحاجة ملحة لوقف الحرب والتفاوض حول صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين بين الطرفين – ما يعني انتصارا لحماس وللمقاومة- وهذا ما بات مرجحاً!

يتسع الانشقاق داخل كيان الاحتلال، وتتعالى الأصوات الرافضة لمسار الحرب من المعارضة وأهالي المحتجزين الإسرائيليين، ومن حملة الجنسيات الأخرى الغاضبين والناقمين على نتنياهو وحكومته لفشلهم في إطلاق أبنائهم، الذين يتظاهرون يومياً أمام سكن نتنياهو، وقد اقتحموا الكنيست (البرلمان)، وهم يطالبون بصفقة كاملة لمبادلة الجميع بالجميع. إلا أن الحكومة الأكثر تطرفاً وعنصرية وفاشية في تاريخ الكيان تصر على المضي في حرب تحولت إلى حرب استنزاف في غزة، حيث سقط مئات القتلى من الضباط والجنود، وتمرغ بالتراب أنف ما كان يروج له على أنه “الجيش الذي لا يُقهر”، بعدما ثبت أنه لم يكن مستعدا للحرب، وأنه مرتبك وتتكرر عنده الأخطاء القاتلة للنيران الصديقة، فيقتل الجنود زملاءهم الغزاة على أرض غزة.. حتى إن هذا الجيش وصل الأمر به إلى تطبيق عقيدة هنيبعل، التي تدفعه لتدمير الدبابات والآليات التي يعجز عن سحبها من أرض المعركة، وقتل الجنود والضباط داخلها حتى لا يسقطوا أسرى بيد مقاتلي حماس!

في ظل هذا الواقع تتواصل عمليات سلاح الطيران الإسرائيلي، الذي ينفذ غارات وحشية في استهداف متعمد ومنهجي للمدنيين، سعيا لزرع الشقاق والخلاف بين السكان والمقاومة، وإجبار السكان على مغادرة غزة قسراً، وتحويلها لخرابة غير قابلة للعيش فيها، تمهيداً لترحيل سكان غزة إلى سيناء في مصر، أو تنفيذ اقتراح سخيف قدمه وزير الخارجية الصهيوني إسرائيل كاتس للأوروبيين، يدعو لترحيل سكان قطاع غزة إلى جزيرة اصطناعية في البحر الأبيض المتوسط، كبديل لحل الدولتين، ويأتي ذلك في سلسلة خرق إسرائيل للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.

تشمل حرب الإبادة التهجير القسري، واستهداف المدنيين العزل، وتدمير منازلهم، وملاحقتهم في مدارس الأمم المتحدة والمستشفيات؛ وهذا ما أوضحه الفريق القانوني لجنوب أفريقيا في مرافعة تاريخية، في محكمة العدل الدولية في لاهاي الشهر الماضي.. والعالم أثارت إعجابه المرافعة لرصانتها ومهنيتها، وبات ينتظر حكم محكمة العدل الدولية على الصهاينة، الذين يرتكبون عشرات المجازر يومياً في أفظع حرب إبادة دموية في القرن الحادي والعشرين، وبسلاح ودعم وتمويل وتسليح أميركي تسانده دول غربية في حلف الناتو، في سقوط قيمي وأخلاقي كامل أمام مرأى ومسمع العالم بأسره، وحتى أمام شعوب الغرب الغاضبة التي تخرج بالملايين في مظاهرات غضب واحتجاج في مدن وجامعات الغرب، من واشنطن إلى لندن، ومن برلين إلى مدريد، وحتى في اليابان وكوريا الجنوبية والعالم الإسلامي من المغرب إلى إندونيسيا.

واليوم، نجد كل المعطيات تدفع للانخراط بمفاوضات جادة حسب تصور الخارجية القطرية، تقودها قطر والولايات المتحدة ومصر للتوصل لهدنة قد تمتد لشهرين، ويتم تبادل إطلاق سراح الرهائن والأسرى بين الطرفين.. والمعطيات التي تدفع في هذا الاتجاه تحققت بفضل صمود المقاومة برغم الأوضاع المأساوية ومجازر حرب الإبادة؛ كما فرضها تضخم الخسائر في صفوف المدنيين ولدى قوات الاحتلال الغازية، وتأكدت في ظل انقسام مؤسسة الحكم السياسية والعسكرية، والخلافات بين الولايات المتحدة وبين نتنياهو وحكومته المتطرفة، ورفض نتنياهو تقديم تصور لليوم التالي بعد وقف الحرب، وضبابية مستقبل حل الدولتين وفق رؤية إدارة بايدن.

لكن الواقع أن نتنياهو وأركان حكومته المتطرفة فشلوا وسيفشلون في تحقيق أي من أهداف حربهم، لاستنادهم إلى حساباتهم الخاطئة! ومع ذلك الفشل تتلبسهم الإدانة الكاملة، وتسقط عندهم غطرسة القوة!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...