الفيلم الفلسطيني القصير “الهديّة”

بقلم: محمد القاسمي

| 8 فبراير, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: محمد القاسمي

| 8 فبراير, 2024

الفيلم الفلسطيني القصير “الهديّة”

يسلط فيلم “The Present” أو “الهديّة” الضوء على حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال، محمّلاً رسائل إنسانية مؤثرة في قالب سينمائي واقعي. يتأمل الفيلم تحديات اليومية والصعوبات التي تواجه الفلسطينيين في مواجهة الظلم والاضطهاد.

دعمته مؤسسة الدوحة للأفلام، وترشّح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير..

فيلم “The Present”: تأمل في الحياة تحت الاحتلال

فيلم “The Present” أو “الهديّة” هو فيلم دراما فلسطيني قصير من إنتاج عام 2020، للمخرجة الفلسطينية البريطانية “فرح النابلسي”، وقد قامت بكتابة النص السينمائي مع زميلتها الكاتبة “هند شوفاني”، ومدة الفيلم الإجمالية هي 24 دقيقة فقط.

شاركت مؤسسة الدوحة للأفلام بتمويل الفيلم، بالتعاون مع شركة الإنتاج “أفلام فلسطينية” الرائدة في فلسطين والأردن، بينما تولّت شركة الإنتاج “ناتيف ليبيرتي برودكشنز” مهمة التنفيذ، وهي شركة إعلامية غير ربحية أسّستها المخرجة “فرح النابلسي” في بريطانيا في عام 2016، وتهدف من خلالها إلى تسليط الضوء على القصص ذات الطابع الإنساني في فلسطين، ولفت أنظار المشاهدين من أنحاء العالم إلى واقع الظلم والاضطهاد والقمع، الذي يواجهه الشعب الفلسطيني من قوّات الاحتلال الإسرائيلية منذ أكثر من 75 عامًا.. ولقد كرّست “فرح النابلسي” حياتها وجهدها كناشطة لحقوق الإنسان، ودشّنت منصة تعليمية إلكترونية تهدف من خلالها إلى إيصال الصوت الفلسطيني المظلوم في الأراضي المحتلّة والمغتصبة.

في فيلمها القصير هذا، قامت “فرح النابلسي” بسرد قصة بسيطة، ولكنّها تحمل في طيّاتها رسائل إنسانية واجتماعية وسياسية مهمّة ولاذعة، وقد أخرجت الفيلم بشكل متميز، دون بهرجة إنتاجية أو لمسات جمالية أو بهارات درامية كالتي نراها في أفلام هوليود، حيث اعتمدت على الواقعية لجعل المُشاهِد يعيش الأحداث كما هي تمامًا، فالواقع المرير والمؤلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني لا يحتمل أيّة مبالغات درامية، لأنهم يعيشون أقصى درجاتها حرفيًّا، والتاريخ يَكتُب، والعالم يشهد.

قصة هذا الفيلم هي جزء بسيط جدًّا من قصص مريرة لا يُمكِن أن يتخيّل الإنسان حدوثها في وطنه، بل هي أقرب إلى قصص السجون والعبودية التي نقرأ عنها في كتب التاريخ القديمة، ولكن المواطن الفلسطيني يعيشها اليوم وكل يوم، ويعيش أشدّ وأشنع منها مرارًا وتكرارًا، تحت سطوة الاحتلال الإسرائيلي المجرم.

تبدأ قصة الفيلم في مدينة بيت لحم في الضفّة الغربية، مع “يوسف” وهو زوجٌ حنون وأبٌ عطوف، بالرغم من ألم ظهره يُمضي صباح كل يوم بالوقوف في طابور طويل لساعات في نقطة التفتيش رقم 300 المزدحمة والمليئة بالحواجز العسكرية، للعبور بين بيت لحم والقدس المحتلة، التي يتمركز فيها جنود الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من أجل الوصول إلى عمله في الوقت المحدّد!

ولكن، في ذكرى زواجه، يخطّط “يوسف” لشراء ثلاجة جديدة لزوجته “نور” كمفاجأة لها، وبالرغم من أن المتجر موجود في القدس فإنه يعقد العزم على تحمّل كل عواقب ذلك، والنظرة المتفحّصة للجنود الإسرائيليين المسلّحين، وتعاملهم اللاإنساني والمليء بالإذلال والإهانة، حيث يذهب للتسوّق مع ابنته الصغيرة “ياسمين”، فماذا سيحدث؟!

إنّه حقًّا فيلم عميق ومؤثّر ويلامس مشاعر المُشاهد مهما كانت لغته أو ديانته، إذ يخاطب الضمائر الإنسانية الغائبة لأغلب سكّان هذا العالم، التي تقف ساكنة دون حراك! لقد قدّم الممثّلون أداءً متميّزًا، وخصوصًا “صالح بكري” بشخصية البطل “يوسف”، و”مريم باشا” بشخصية زوجته “نور”، و”مريم كانج” بشخصية ابنته “ياسمين”.

ترشّح الفيلم لنيل جائزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير، بينما فاز بجائزة بافتا، التي تعادل الأوسكار في بريطانيا، لأفضل فيلم قصير، كما فاز أيضًا بجائزة التحكيم لأفضل فيلم قصير بفئة الهلال في مهرجان أجيال السينمائي، الذي تنظّمه مؤسسة الدوحة للأفلام بشكل سنوي، وقد تجوّل الفيلم في مجموعة من أبرز المهرجان السينمائية العالمية، محقّقًا العديد من الجوائز والأصداء الطيّبة من النقّاد والجمهور، وبعد ذلك قامت إحدى المنصّات الشهيرة بعرض الفيلم بشكل موسَّع ليصل إلى جميع المشاهدين حول العالم.

محمد-القاسمي

كاتب وناقد ومخرج بحريني

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...