دموع في عيون وقحة

بواسطة | يونيو 13, 2024

بواسطة | يونيو 13, 2024

دموع في عيون وقحة

“دموع في عيون وقحة”.. هو اسم المسلسل الدرامي المصري الذي جسد قصة أحمد الهوان، ابن مدينتي السويس وأحد أبطال الحرب الباردة بين مصر وإسرائيل، الذي خدع جهاز المخابرات الصهيوني على مدار سنوات قبل انتصار أكتوبر 1973، وجسد شخصيته في المسلسل الفنان عادل إمام باسم “جمعة الشوان”، وكتبه صالح مرسي، وأخرجه يحيى العلمي.

وفي نهاية المسلسل ينخرط ضابط الموساد في نوبة من البكاء بعدما اكتشف الخديعة، وفي الأحداث الحقيقية كان ضابط الموساد وقتها هو شيمعون بيريز، الذي تولى لاحقا رئاسة وزراء إسرائيل، ثم رئاسة الكيان المحتل.

تذكرت تلك الدموع وأنا أتابع على الهواء مباشرة وقائع جلسة مجلس الأمن الدولي لإقرار مشروع الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يدعو إلى “وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن” في قطاع غزة، وأستمع بدهشة لكلمات ليندا توماس غرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن، وهي تكاد تذرف الدموع إذ تتحدث عن أطفال غزة وتقول نصّا: “إن الأطفال في غزة توقفوا عن التوجه إلى المدارس، وكبار السن لا يحصلون على المواد الغذائية والأدوية اللازمة، وإن الفلسطينيين يدفعون الثمن، والأوضاع الإنسانية في غزة تتدهور، وإنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، وعلى إسرائيل اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين”.

تخيلوا.. تلك الكلمات التي تفطر القلوب جاءت على لسان ليندا توماس غرينفيلد، التي اشتهرت خلال الأشهر الثمانية الماضية بأنها رافعة الفيتو ضد فلسطين.

نعم.. هي ليندا توماس غرينفيلد، التي استخدمت حق النقض “الفيتو” 3 مرات ضد مشروع قرار في مجلس الأمن، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي، الذي بدأ على القطاع في السابع من أكتوبر 2023. وهي ذاتها التي ترتدي ثوب الفضيلة هذا الأسبوع، وترتدي قناع الحمل الوديع الذي يشعر بالرعب والقلق على أطفال غزة، فهل يمكن أن نصدق الذئب الذي يحرس الخراف؟

هي نفسها ليندا توماس غرينفيلد، التي اتهمت المقاومة الفلسطينية مرارا وتكرارا بالإرهاب وارتكاب الأعمال الوحشية ضد الإسرائيليين؛ وهي ذاتها من أعلنت أمام مجلس الأمن حق إسرائيل في استخدام جيشها كل الطرق للدفاع عن نفسها، وبررت له سفك دماء الأبرياء والأطفال والنساء والمدنيين بداعي أن المقاومة الفلسطينية تستخدم المدنيين كدروع بشرية عن قصد.

هي نفسها التي وصفت صمود المقاومة الفلسطينية والدفاع عن أراضيها المحتلة بالأعمال الإرهابية والفظائع، وطلبت مرارا من أعضاء المجلس إدانته، ووصفت إجماع بقية الأعضاء على الرفض بأنه أمر غير مقبول ومشين؛ وهي ذاتها ليندا توماس غرينفيلد، التي رفضت الاعتراف بأن ما يرتكبه الكيان المحتل في غزة هو جريمة إبادة جماعية، ولا ترى غير أن حماس تشكل خطرا على الكيان المحتل.

اليوم، ومع دخول الحرب شهرها التاسع، تؤكد ليندا توماس غرينفيلد ضرورة العمل على ضمان استمرار المفاوضات بحسن نية، حتى يتم التوصل إلى اتفاق بشأن كل النقاط الأخرى، وبدء المرحلة الثانية.

لا يمكن لعاقل أن يصدق كلمات ليندا توماس غرينفيلد، ولا يمكن أن يصدق مشاعرها ودموعها.. فهي ليست دموع تماسيح، ولكنها دموع في عيون وقحة، ولا تختلف كثيرا عن أي فرد في الإدارة الأمريكية الحالية التي تقول شيئا في العلن، وترضخ وتنفذ كل ما ترغب فيه عصابة الصهاينة بقيادة “النتن ياهو”.. فلا تأمنوا لمن ليس لهم عهد ولا ميثاق.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...