
الرهان
بقلم: سامي كمال الدين
| 26 يونيو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: سامي كمال الدين
| 26 يونيو, 2024
الرهان
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، أم كائن منعزل يميل إلى العزلة والابتعاد عن الناس؟ هل يستطيع الإنسان أن يعيش ردحا من الزمن بمفرده، دون وجود أحد معه؟!
يقرر محامٍ شاب يدعى إيفان المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام من القانون، ويأمل في تبديلها إلى حكم المؤبد، محتجًّا بأن عذاب الإنسان في السجن أكثر إيلامًا من إعدامه!
كان إيفان يترافع في إحدى القضايا عن مجرم يثق في أنه مجرم، وتأكد أنه ارتكب جريمته لكنه يطالب بعدم إعدامه.. أن يدخل السجن الانفرادي طوال عمره أفضل من الإعدام. وبعد خروجه من المحكمة يذهب إيفان إلى صالون يقيمه مصرفي ثري في بيته، ويطرح موضوع عقوبة الإعدام؛ المصرفي صاحب البيت مع عقوبة الإعدام، يرى أنها أكثر إنسانية من السجن مدى الحياة، وإيفان المحامي ضدها، يدور نقاش بين الضيوف، يقر فيه المحامي الشاب أنه لو خير بين أن يعدم أو أن يسجن مدى الحياة فإنه سيختار السجن مدى الحياة.
المصرفي شخص سلطوي يميل إلى التحكم في الناس والسيطرة عليهم وفرض رأيه، يحاول قمع من معه ويمارس استبداده على من حوله بالمال والسلطة، شخصيته ضعيفة يخفيها خلف السطوة والسلطة والمال، بينما المحامي الشاب صاحب ذكاء حاد، وسعي إلى المعرفة، وهو طامح يريد تحقيق أحلامه بصرف النظر عن العقبات.
انتهى الجدل والنقاش الطويل بين الجميع إلى رهان بين المحامي والمصرفي، بموجبه يوافق المحامي الشاب على أن يسجن في غرفة منعزلة وحيدا في بيت المصرفي مقابل 2 مليون روبية، تُدفع له عند خروجه من السجن بعد 15 عاما..! ودخل المحامي غرفة سجنه بمحض إرادته، مع توفير كل الكتب التي يطلبها، وبيانو وخمر وأكل وشراب، ووجود حارس على غرفته يمنعه من الخروج من سجنه الاختياري.
في البداية أخذ ينتاب المحامي الشعور بالضجر والملل والحزن، لكنه اعتاد سجنه مع مرور الأيام، وانغمس في القراءة والدراسة وتثقيف وتعليم نفسه، فدرس وتعلم العديد من لغات العالم، ثم انتقل بعد ذلك إلى دراسة شتى أنواع العلوم والفلسفة والأدب والفيزياء.. قرأ حوالي 600 مجلد في السنوات الأربع الأولى لسجنه، ثم بدأ في السنوات التالية دراسة الإنجيل وتاريخ الأديان، وبعد عدة سنوات أخرى درس الطب والفيزياء.
في الناحية الأخرى عاش المصرفي حياته المترفة، ومارس أعماله، وراهن على أن المحامي لن يكمل ربع المدة وسيخسر الرهان؛ لكن المحامي واصل صموده وتوحد مع وحدته، بينما خسر المصرفي أغلب ثروته، وأدرك أنه لو دفع للمحامي مليوني روبية فإنه بذلك سيفلس، وحين اقتربت نهاية الخمسة عشر عاما أحس بالخوف والقلق، فهناك رهان مكتوب على أن يدفع المبلغ للمحامي، والمحامي التزم برهانه.
قرر المصرفي لكي يخرج من الورطة أن يقتل المحامي في آخر يوم من الخمسة عشر عاما، ذهب إلى غرفته لكي يقتله، كان المحامي نائما، قبل أن يرتكب جريمته التفت فوجد رسالة تنتظره من المحامي، كتب فيها أنه في الفترة التي قضاها في السجن توصل إلى احتقار الماديات لأنها أشياء عابرة، المعرفة أهم من المال، لذلك فهو يتنازل عن مال الرهان.
صعق المصرفي من الرسالة، قبل رأس المحامي وتركه ومضى، لم يعد بحاجة إلى قتله، الرسالة أنقذت حياته من الموت!
في الصباح المتمم للخمسة عشر عاما غادر المحامي السجن الاختياري، ومضى قبل أن يتم يومه الأخير ليخبر الحارس صاحب البيت أن المحامي غادر خاسرا رهانه..!
هرول المصرفي الثري خلف المال وخسره على مدى 15 عاما، بينما اكتسب المحامي العديد من الخبرات والثقافات والعلوم عبر 15 عاما.
هذه القصة ألفها أنطون تشيكوف عام 1898، قُدّمت في سهرة تلفزيونية بعنوان “الرهان”، أدى يحيى الفخراني فيها دور المحامي، وقام بدور المصرفي عبد الرحمن أبو زهرة، كتب لها السيناريو والحوار صبري جرجس، وأخرجها أحمد صلاح الدين، وأنتجها اتحاد الإذاعة والتلفزيون.. عُرضت عام 1983، وشاهدتها أنا عام 2024 بترشيح من صديق.
ماذا ترى أنت؟ ما هو رهانك في هذه الحياة؟
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق