
رمضان أبو جزر.. شاهد على العصر
بقلم: هديل رشاد
| 8 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 8 يوليو, 2024
رمضان أبو جزر.. شاهد على العصر
رمضان أبو جزر طفل فلسطيني، يحمل على كتفيه الصغيرين همَّ أمة بأكملها، يؤمن بأنَّ ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، فصاحة لسانه وحسن منطوقه يجبرانك على الإنصات له، فحديثه يوازي عمر رجل أربعيني.
له من الألقاب فوق ما أحصيه عدّاً؛ فهو الخوارزمي الصغير، وسفير أطفال فلسطين، والنابغة أيضاً.. إلا أنه يفضل أن يُنادى باسمه “رمضان”، تيمنا باسم عمه الذي سقط شهيدا في عدوان جيش الاحتلال عام 2014 على قطاع غزة، وقد تزامن ذلك مع أولى صرخاته في هذه الدنيا؛ فرمضان أبو جزر ليس طفلاً عادياً.. ولادته لم تكن عادية، وتنشئته كانت بحجم عِظم الرسالة التي أراد والداه أن يُحمِّلانه إياها، في أن يكون صوتا لفلسطين الأبية والعصية على الانكسار.
رمضان أبو جزر حلَّ ضيفا على مركز الصحافة القطري وبدعوة منه، في سلسلة حلقات مقهى الصحافة، وكان من حسن طالعي أنني حضرت هذه الحلقة التي عقدت بحضور لافت للطفل وأسرته الكريمة. وفي اللقاء تحدث وشرَّح للحضور الوضع المأساوي الذي يمر به قطاع غزة، وكيف أبيدت مناطق على بكرة أبيها، وسوّتها مدرعات جيش الاحتلال بالأرض، وأن هذا الجيش الذي يصف نفسه بالجيش الأكثر أخلاقية قتل أكثر من 15 ألف طفل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، مؤكداً أنَّ أطفال فلسطين غير أطفال العالم، ففلسطين معهم في أحلامهم وتحت وسائدهم.
عاهد الله أن يسخّر بلاغته وفصاحته للتعريف بفلسطين، من خلال عدد من الفيديوهات التي يقوم بتصويرها بمساعد والده محمود، منذ أن كان ابن عامين ونصف العام، فهو يرى أن شهرته هي حتماً وسيلة لتعرية الجيش “الأكثر أخلاقية” أمام مناصريه، ولكشف وجه الاحتلال الحقيقي أمام ثلة ممن صموا آذانهم متبنّين السردية الإسرائيلية، في أنَّ ما يقومون به من إبادة لشعب أعزل، وتهجير قسري، وسياسة تجويع ممنهجة، بمساندة دول عظمى لم ترحم أطفال غزة ولا شيوخها ونساءها، هي في سياق الدفاع عن النفس!
قال رمضان: “إن قذائف العدو لم ترحم براءة أطفال غزة، فخلال هذه الحرب فقدتُ كثيرين من رفاقي وأبناء عمومتي، الذين كنت ألهو معهم في أوقات الفراغ، كما أنَّه في هذه الحرب استشهد عدد من أقربائي؛ وكلما اتخذت مضجعي أسأل نفسي: ما حدث واقع أم كابوس؟ ألن أرى رفاقي وأبناء عمومتي الذين كنا نتقاسم معهم سوية ألم النزوح، ووقوفنا لساعات أمام طوابير الماء والغذاء؟ فحتى هذا الألم بات ترفا في زمن الحرب!”.
فرمضان أبو جزر واحد من بين أطفال كثر، حُرموا أبسط مقومات الحياة، من غذاء ومياه نظيفة ودواء، فهناك في غزة – على سبيل المثال- أكثر من ثمانية آلاف طفل دون سن الخامسة تلقوا علاجا من سوء التغذية الحاد، من بينهم 1600 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد، ومنهم 28 فارقوا الحياة، حسب منظمة الصحة العالمية؛ وأفاد ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية، أن “الوضع متفاقم بشكل خاص في شمال غزة”، كما أفاد تقرير صادر عن المنظمة في مارس/ آذار 2024 أن غزة على شفا مجاعة.. ورغم هذه التصريحات والتحذيرات الرسمية من منظمات دولية فإنَّ أحداً لم يحرك ساكناً.
وقد شكلت شهادة الطفل رمضان أبو جزر خير دليل على كيفية ضرْب المجاعة قطاع غزة، وأن الأطفال باتوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة بسبب سوء التغذية، قائلا: “إنَّ كل الاحتياجات الأساسية تتطلب الوقوف في طابور، فالحصول على حصة محدودة من الغذاء يتطلب الوقوف في طابور لمدة قد تتجاوز ست ساعات، والحصول على رشفة ماء نظيفة تحتاج إلى طابور أيضا، وحتى العلاج يحتاج إلى طابور على مد البصر، فضلا عن التعليم الذي حرمنا منه”.
ويصل إلى طرح تساؤلات بريئة: أين هي المنظمات الدولية عما يحدث في قطاع غزة؟ أين هي منظمات حقوق الإنسان عن الوضع اللا إنساني في قطاع غزة؟ أين هي منظمات حقوق الطفل عن حقوق أطفال غزة، التي استُبيحت وانتُهكت على مرأى ومسمع العالم، الذي يواجه تجاوزات وانتهاكات الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني بعبارات الشجب والإدانة والاستنكار لا أكثر، ليتضح مدى تواطؤ هذه المنظمات مع المحتل.
الطفل رمضان أبو جزر، رغم سنواته العشر التي لم يتمها بعد، كان شاهدا على جرائم العدو الصهيوني المحتل، كغيره من مئات الآلاف من أطفال غزة الذين أُثقلت ذاكرتهم بالفقد والخوف، ففاشية الاحتلال جعلت من قطاع غزة هدفاً لصواريخها وقذائفها وبواريدها، دون أن تردها أية قوة رادعة، سيما وأن أهدافها مستشفيات ومدارس ومنازل، وكان أقرب إجرام الاحتلال القصف الوحشي الذي استهدف مدرسة تؤوي آلاف النازحين، متحديا قوانين حماية المدنيين والأعراف الدولية في حالة الحرب.
ختاما..
إن ما يعيشه أطفال فلسطين في غزة والضفة الغربية، من انتهاكات متواصلة من قبل الاحتلال، يبدو معه وكأن الاحتلال الإسرائيلي أَسقط أطفال فلسطين من حسابات اتفاقية حقوق الطفل، سيما وأنَّه لم يترك حقا إلا وانتهكه، ويعد الحق في الحياة من أبسط الحقوق التي نصت عليها المادة السادسة من الاتفاقية، إلا أنَّ أطفال فلسطين يتعرضون لعمليات إعدام عشوائية، واستهداف يهدد حياتهم بالخطر، وفي كل لحظة يسقط عدد من الأطفال شهداء إما قصفا أو جوعاً، أو تعذيبا في سجون الاحتلال.
5 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
ربح رمضان البيعه بإذن الله وخسر كل متأمر ومطبع .. أشكرك أستاذه هديل تسليط ضوء قلمك على ما يعيشه أطفالنا هناك و أشكرك شكر خاص رسم صورة حقيقية للطفل الغزواي وكيف أنه هرم من أهوال ما يصيبه ليضاهي بالبلاغه كبار فصحاء اللغه ..
البطل رمضان منظومة عمل اعلامية وتعليمية متكاملة
لا تقدر بثمن
رمضان أبو جزر وكل اطفال غزه وجميع اطفال فلسطين
دعواتنا لهم ان الله يحميهم من كل شر
الطفل رمضان أبو جزر جعلنا نخجل من أ نفسنا لعجزنا من أن نفعل شيئا تجاه ما يحدث فى غزة حتى ولوبكلمة
الطفل رمضان أبو جزر خير دليل على أن شعب فلسطين بكل ما مر عليه من محن و مصائب ، إلا أنه شعب محبُ للحياة و العلم .. و مهما ساءت الأوضاع و ازداد الألم ، تمخض عنه ولادة آلاف الأبطال .. الأفذاذ ، كل ما راد وطيس المعركة ، كلما زادت عزائمهم على استرداد حقهم المسلوب في الأرض و في الحياة الكريمة .
رمضان أبو جزر ماهو إلا صورة مصغرة لشجاعة شعب بأكمله يرزح و يعاني ويلات الإحتلال ، إلا أنه شعب حر.. أبيّ .. يعيش مرفوع الرأس ..وإن حانت المنية فأهلا بالشهادة .