
ما جاء في حروب التوابل
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 28 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 28 يوليو, 2024
ما جاء في حروب التوابل
قد تتعجب إن علمت أن الفلفل الأسود كان يستخدم لدفع الضرائب، وتسديد الإيجارات، وأن قيمته وصلت إلى ما يعادل قيمة الذهب؛ وأما رطلٌ من الزعفران فقد كان يكلف ما يكفي ثمنا لحصانين.. هكذا كانت التوابل في أوربا في العصور الوسطى، سلعة غالية الثمن، سحرت عقول الأوربيين، وكانت ثروة لمن يمتلكها!
وعلى الرغم من أن بعضنا قد يراها اليوم سلعة ثانوية تُضاف إلى الأطعمة لزيادة نكهتها ومذاقها، فإنهم كانوا يعتبرونها على درجة من أهمية في العصور الوسطى، فقد كانت تستخدم في تحصين الأجسام من الأمراض، وتدخل في صناعة الأدوية والعقاقير الطبية، وكانت توضع على موائد الأثرياء. ونظرًا لأهميتها تكالبت عليها الدول الأوربية، وخاضت من أجلها حروبًا ومعارك ضارية استمرت لعدة قرون، وراح ضحيتها الآلاف من البشر.
والتوابل لا تنمو إلا في المناطق الحارة، القريبة من دائرة الاستواء، لذلك لا نجدها تنمو في القارة الأوربية، التي تقع ضمن المنطقة المعتدلة نسبيًا والباردة، بينما اشتهرت الهند والصين وبلاد جنوبي شرقي آسيا بإنتاج هذه السلعة النادرة. وكانت هذه التوابل تصل من الشرق إلى أوروبا عبر الطرق البرية والبحرية بواسطة التجار العرب والهنود، ومن خلال مجموعة أخرى من التجار الوسطاء، لينتهي بها المطاف في أسواق أوربا، وتُباع بأسعار عالية.
هنا بدأ الأوربيون يفكرون في طريقة يستطيعون من خلالها الوصول إلى الموطن الأصلي لهذه السلعة، ولكن الذي وقف حائلًا بينهم وبين منابعها آنذاك هو عدم معرفتهم بالطرق التي يستطيعون من خلالها الوصول إلى تلك المناطق البعيدة. وكانت إسبانيا والبرتغال من أكثر دول أوربا التي أبدت اهتمامًا لهذا الأمر؛ نظرًا لتفوقهما في مجال العلوم الجغرافية والملاحية، بفضل الإرث الحضاري الذي تركه العرب المسلمون في بلادهم.
وبالفعل استطاع البرتغاليون اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح عام 1497م، بقيادة الرحالة البرتغالي فاسكو دي جاما، ونشير هنا في البداية إلى أن هذه الحملات التجارية والاقتصادية كانت لها مطامع سياسية ودينية بجانب الدوافع الاقتصادية الاستعمارية، واستطاع القائمون عليها الوصول إلى الهند عن طريق الدوران حول أفريقيا، وتمكنوا من السيطرة على جزيرة الملايو، أو ما تعرف بجزيرة التوابل، وسيطروا على منابع التوابل بالقوة، وظلت للبرتغال السيادة على هذه المناطق لمدة ما يقرب من قرن من الزمان.
أما إسبانيا، فقد سعت إلى كسر احتكار البرتغال لتجارة التوابل، ثم برزت هولندا كقوة بحرية قوية، نافست البرتغال وإسبانيا، واستطاعت الوصول إلى مناطق التوابل، ونجحت عام 1599م في تأسيس شركة الهند الهولندية، وطردت البرتغاليين، وظلت محتكرة هذه السلعة لمدة طويلة.
أما إنجلترا فلم تكن بمنأى عن هذه المناطق، فنافست عليها هولندا، وبدأت الحرب الإنجليزية الهولندية الأولى عام 1652م، واستمرت لفترة طويلة، وفي نهايتها استطاعت إنجلترا أن تسيطر على مستعمرات هولندا في منطقة التوابل بما فيها مستعمراتها في الهند والصين. أما جزر التوابل فقد تمسكت بها هولندا، ما أدى إلى نشوب الحرب مرة أخرى بين إنجلترا وهولندا، من فبراير/ شباط إلى أغسطس/ آب 1810م، وانتهت الحرب بسيطرة بريطانيا على جزر التوابل.
وهكذا كانت حروب أوروبا على التوابل حلقة من حلقات الصراع العالمي على الموارد، ولا نستطيع إغفال أن الشرق الأوسط العربي كان وما زال في مرمى مطامع القوى الاستعمارية في زماننا، لوفرة الخصوبة اللازمة لإنتاج هذة الثمرات والثروات الطبيعية .

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق