
أحمد بن حنبل وموقفه من السلطة السياسية
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 1 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 1 سبتمبر, 2024
أحمد بن حنبل وموقفه من السلطة السياسية
الإمام أحمد بن حنبل هو أحد أبرز أعلام الحركة الفقهية الإسلامية، ورائد المذهب الحنبلي، يُعرف بالورع والزهد والصبر على البلاء في سبيل إنقاذ الفكر السني والدفاع عنه.
ارتبط اسمه بمحنة خلق القرآن، وكان موقفه صلباً تجاه السلطة السياسية التي تبنت فكرة خلق القرآن، فصبر على ما جاءه من عقوبات شديدة وسجن وتحقيقات، ويُعدّ موقفه من المواقف المثيرة في تاريخ الإسلام السياسي والفقهي. يقول عنه علي بن المديني، وهو من أشهر علماء الحديث: “إن الله أعز هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة”.
بدأ ابن حنبل منذ صباه بجمع السنة النبوية حتى صارت له الريادة بين المحدّثين في عصره، وقد رحل إلى العديد من البلاد من أجل جمع الحديث النبوي وحفظه، ولُقب بإمام أهل السنة، وله الكثير من المؤلفات، من أشهرها كتابة “المُسند” الذي جمع فيه أكثر من أربعين ألف حديث. وقد تعرض الإمام لمحن شاقة وكثيرة إلا أنه صبر عليها؛ فقد دُعِي إلى تبني رأي الدولة في مسألة خلق القرآن في عهد الخليفة العباسي المثقف المأمون، ولكنه رفض وحُبس، وظل في السجن فترة من الزمن دون أن يثنيه ذلك عن رأيه، وظل مُعارضًا للسلطة السياسية العباسية فيما يخص القول بخلق القرآن .
وفي عهد الخليفة العباسي العسكري المعتصم، طلب الإمامَ أحمد إلى مجلسه، وأحضر له العلماء والفقهاء فناظروه، واستمر في رفضه القول بخلق القرآن، والثبات على موقفه العلمي من تلك المسألة، فأمر المعتصم بضربه وحبسه، وظل في سجنه لأكثر من عامين، ثم أفرج عنه. وبعد المعتصم تولى الواثق الخلافة، وكان الواثق قد تربى وترعرع منذ صغره على فكرة القول بخلق القرآن، فقد كان أشد الناس في القول بتلك الفكرة وأجبر الناس عليها، وكان يفرّق بين الرجل الذي لا يقول بفكرته وبين امرأته، وكان يأمر المعلمين بتعليم الصبيان في الكتاتيب كل ما يتعلق بخلقانية القرآن .
وفي أثناء اشتداد المحنة أيام الخليفة الواثق بالله، جاء بعض العلماء والفقهاء إلى الإمام أحمد في سجنه واستشاروه في الخروج على الخليفة والثورة على النظام الحاكم في بغداد، ولكن الإمام ابن حنبل رفض ذلك، ونصحهم بالثبات والصبر وعدم الاستعجال بالثورة.. هذا الموقف من الثورة ضد الدولة، وتبني الإمام أحمد أسلوب المسايسة وعدم الخروج المسلح ضد الدولة، جعل الخليفة الواثق يعيد النظر في موقفه من سجن الإمام، وكان يخشى من ردة فعل عامة الناس وتزايد المتعاطفين مع الإمام أحمد لو استمر في تعذيبه.
لذلك أمر الواثق بنفي ابن حنبل من بغداد، فخرج الإمام من بيته واختبأ عند أحد زملائه لعدة أيام، ثم خرج من عنده واختبأ في مكان آخر لشهور، وظل الإمام أحمد هكذا ينتقل من مكان إلى آخر، ولا يخرج أبدًا للصلاة، ولا يجتمع بتلاميذه، وتوقف عن دروس العلم، وظل في إقامته الجبرية حتى توفى الواثق سنة 231هـ، وتولى الخلافة المتوكل، الذي نصر السنة، وقضى على فكرة خلق القرآن، وأطلق سراح الإمام فخرج للصلاة، واجتمع بالناس، وألقى دروس العلم على تلاميذه، وظل هكذا حتى توفى في بغداد سنة 241هـ.
الشاهد من أمر الإمام أحمد أنه فرق تفريقاً واضحاً وجلياً بين كارثة الخروج على الدولة والإطاحة بنظامها، وبين “كارثة” الصمت على مخالفات السلطة، فمع رفضه الخروج والثورة حقناً للدماء، فإنه في الوقت نفسه لم يهادن السلطة في ممارساتها، بل أنكر عليها نكراناً علنياً بيناً، ولم يجعل رفضه للثورة سبباً للصمت، فصمْت العالِم هدمٌ للعالَم أجمع .

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق