
رسائل صاروخ الحوثيين.. يعمّق مأزق إسرائيل الأمني!!
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 17 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 17 سبتمبر, 2024
رسائل صاروخ الحوثيين.. يعمّق مأزق إسرائيل الأمني!!
في ذكرى المولد النبوي الشريف، أطلقت جماعة أنصار الله (الحوثيون) ضمن ما يسمونه المرحلة الخامسة- كما وصفها عبد الملك الحوثي، أمين عام أنصار الله- ضربة مفاجئة ومباغتة لإسرائيل، بإطلاق صاروخ فرط صوتي (Hypersonic) باتجاه تل أبيب قلب كيان الاحتلال.
وللمرة الأولى يصل صاروخ بسرعة تبلغ 9 أضعاف سرعة الصوت من مسافة أكثر من 2000 كلم خلال 11 دقيقة ونصف إلى تل أبيب. وفشلت- أو لم تقم- الدفاعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية في البحر الأحمر في التصدي واعتراض الصاروخ. وبالتالي أثبت اختراق الصاروخ الدفاعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، التي تصدت لصواريخ ومسيرّات إيران ضد إسرائيل منتصف أبريل الماضي واسقطتها، فشل عملية “تحالف حارس الازدهار الأمريكية البريطانية منذ ديسمبر 2023، لحماية أمن الملاحة في البحر الأحمر، بعد فشل مدمرتين أمريكيتين ومدمرة فرنسية في اعتراض الصاروخ اليمني الفرط- صوتي!
لماذا لم تُسقط المضادات الجوية الأمريكية والغربية الصاروخ فوق البحر الأحمر؟ وهل تعمدت الولايات المتحدة عدم إسقاط الصاروخ برغم اكتشافه عند إطلاقه، لإرسال رسالة لنتنياهو المأزوم بأن استمراره بحربه، ورفضه جميع مبادرات الوسطاء- وخاصة الوسيط القطري- يعرض إسرائيل وأمنها للخطر، وبذلك يدفعون الإسرائيليين الغاضبين والمتظاهرين لممارسة المزيد من الضغط والمطالبات مع أُسَر الأسرى لدى حماس بالتحرك أكثر، لإجبار نتنياهو وحكومته المتطرفة على تقديم تنازلات، خاصة وأن الشعور لدى المواطن الإسرائيلي بأنه غير آمن بات واقعاً، وليس تصوراً مستبعداً ومقتصراً على سكان الشمال مع لبنان، والجنوب في غلاف غزة مع الفصائل الفلسطينية وحماس والجهاد الإسلامي. وبالتالي بدأت تتسلل إلى الإسرائيليين حقيقة مؤلمة، أنه لا مكان آمن في قلعتهم التي كانت محصنة!!
كما عمّق اختراق الصاروخ مأزق إسرائيل الأمني والدفاعي، بفشل جميع منظومات الدفاعات الأرضية الإسرائيلية المتطورة (مقلاع داوود، ومنظومة حيتس 3 المتطورة، ونظام أرو-السهم)، لينجح الصاروخ بضرب تل أبيب، ويسقط غير بعيد عن مطار بن غوريون الدولي في اللد.. الهدف الحيوي والمطار الأهم في كيان الاحتلال، محدثاً حالة من الهلع والرعب، بعد تدافع مليوني إسرائيلي إلى الملاجئ بعد دوي صفارات الإنذار في مدينة تل أبيب الكبرى ووسط الكيان، ما أدى إلى وقوع تسع إصابات في الإسرائيليين بسبب التدافع وحالات الهلع.
هذا يُغيّر قواعد الاشتباك، خاصة وأنها المرة الأولى التي يصل فيها صاروخ فرط صوتي إلى داخل الكيان الإسرائيلي، بعدما فشلت الأنظمة الدفاعية باعتراض وإسقاط الصاروخ، وهُم يجرون تحقيقا للوقوف على أسباب فشل اعتراض الصاروخ. وبرغم عدم سقوط قتلى بهذا الصاروخ إيراني الصنع، المطوّر عن صاروخ شهاب-3، فإن الأثر النفسي كان مدمراً لنتنياهو وحكومته المتطرفة، حيث بات واقعا معاشا الشعور بعدم الأمن، وغياب الثقة بقدرة حكومة نتنياهو المأزومة والمثخنة والغارقة في مستنقع غزة، والفشل في تحقيق أهداف حرب الإبادة على غزة، بعدما اقتربت الحرب من ذكراها السنوية الأولى.
كان الصاروخ ضربة الحوثيين الثانية، سبقها اختراق مسيّرة “حيفا”، التي أطلقها الحوثيون واستهدفت تل أبيب في 19 يوليو الماضي، وسقطت المسيّرة قرب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب، وأودت بحياة شخص. وردت إسرائيل في اليوم التالي بقصف ميناء الحديدة في اليمن.
حتى قبل وصول الصاروخ إلى تل أبيب، أكد أكثر من جنرال إسرائيلي متقاعد صعوبة تحقيق أهداف الحرب بتحول الحرب إلى حرب استنزاف، وآخرهم الجنرال يسرائيل زيف، الذي اعترف أن “إسرائيل عالقة في غزة وتنزف”.. ماذا عساه أن يقول اليوم؟
من مفاعيل الصاروخ الحوثي خرق حصانة إسرائيل، وانهيار قوتها المزعومة، وصار يثبت مع كل هجوم، ومع كل فشل في التصدي للصواريخ والمسيرات، وجود مبالغة بقدرات الجيش، الذي روجوا بأنه لا يُقهر وأنه الأكثر أخلاقية، ليكتشف الجميع أن تلك الأوصاف من الأساطير المبالغ فيها.
وهكذا يتعمق الشعور بفقدان الأمن في عقلية الصهاينة والإسرائيليين داخل الكيان، وتستمر بالارتفاع وتيرة الهجرة المعاكسة؛ فحسب هيئة الإحصاء الإسرائيلية، بلغ عدد الإسرائيليين الذين هاجروا من إسرائيل دون عودة، منذ 7 أكتوبر 2023 حوالي 600 ألف، بسبب إحساسهم بفقدان الأمن!. وبذلك تسقط النظرية الرئيسية في العقل الجمعي لليهود حول العالم، بأن إسرائيل هي الوطن الموعود والآمن لليهود، للهجرة والعيش فيه.
كما تسبب فشل اعتراض الصاروخ- وقبله مسيرة حيفا- بهزيمة نفسيه ليس للمواطنين الإسرائيليين فقط، بل شكّل انتكاسة لاستراتيجية حكومة نتنياهو ووزرائه المتطرفين الفاشلة، فعلى عكس تصوراتهم، تتمدد وتعمق حرب غزة، وتتعدد جبهاتها، ويتعرى الانكشاف الأمني لإسرائيل، خاصة أن نتنياهو دأب على الترويج للإسرائيليين أنه “سيد الأمن”، ليُثبت للجميع- وخاصة للأمريكيين- أن نتنياهو بات عبئا يهدد الأمن والاستقرار، وهو يرفض وقف الحرب والتوصل إلى صفقة تفرج عن الأسرى والمحتجزين، بل هدد بتهور أحمق- قبل يوم واحد من ضرب تل أبيب بالصاروخ- بتوسيع الحرب وتفجير الجبهة الشمالية مع حزب الله!!
احتفل الحوثيون بنشوة انتصار معنوي، ومعهم إيران ومحورها، وحتى المواطنون العرب، وترسخ شعور كبير لدى الحوثيين والجماهير العربية، أن بالإمكان مواجهة وضرب غرور الصهاينة، وتكبيدهم كلفة كبيرة على جرائم احتلالهم.
التحليل الواقعي يقول: طالما نجح صاروخ واحد أطلقه الحوثيون باختراق جميع منظومات الدفاع الإسرائيلية ووصل تل أبيب، فماذا سيكون عليه الحال إذا أُطلقت عشرات الصواريخ من مسافات قريبة من لبنان وسوريا والعراق؟ خاصة بعد كشف الصاروخ عيوب ونقاط ضعف الدفاعات الأرضية الإسرائيلية، وشكل صدمة للمؤسستين العسكرية والسياسية وللعامة، مع تهديد نتنياهو بالانتقام ودفع الحوثيين ثمن هجومهم، وتهديده بتهور وحماقة بتوسيع حرب إبادة غزة وفتح جبهة لبنان!
أحرج صاروخ الحوثيين النظامين السياسي والعسكري العربيين.. كيف ينجح فصيل عسكري حليف لإيران (الحوثيون)، وبصاروخ إيراني واحد، بهزّ كيان الاحتلال وإجباره على إعادة حساباته، أكثر مما أجبرته الجيوش العربية، العاجزة عن كسر الحصار وإدخال مساعدات لغزة!
بات ملحا استثمار فقدان الأمن، والتخبط والضغط السياسي والشعبي، واحتجاجات أهالي المحتجزين، في الضغط على بايدن لوقف حرب الإبادة قبل ذكراها الدموية الأولى في 7 أكتوبر القادم، وقبل إشعال نتنياهو حربا إقليمية!

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق