ما بين “تمثيلية” أكتوبر 1973 و”مسرحية” أكتوبر 2024!
بقلم: سليم عزوز
| 6 أكتوبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 6 أكتوبر, 2024
ما بين “تمثيلية” أكتوبر 1973 و”مسرحية” أكتوبر 2024!
لم يقف أحدهم ليسأل نفسه عن القيمة الدفترية لذاته المصونة، حتى تنشب حروب، ويُقتل بشر، من أجل إدخال الغش والتدليس عليه، لكي يقتنع شخصه الكريم أن هناك عداوة بالفعل بين أطراف القتال، فيحقق المخطط أهدافه، لكن هيهات!
عندما سهر العالم على وقع الصواريخ البالستية التي انطلقت من إيران إلى الكيان الصهيوني، كان قول البعض إنها مسرحية، وأن ما يحدث تمثيل يستهدف الضحك على الذقون، ومن ضمنها ذقنه الشريف، وذلك للتغطية على علاقة الحب العذري بين طهران وحزب الله من ناحية، وبين الغرب وإسرائيل من ناحية أخرى، وهدف العالم كله أن يأكلوا بعقله حلاوة، ومن ثم يجري التمهيد لدفعه للتشيع!
اليوم، السادس من أكتوبر، هو اليوم الذي حقق فيه العرب أول انتصار لهم على إسرائيل في عام 1973، ولم يسلم هذا الانتصار من الأذى، ومن مثل هذه الافتراءات. الفارق الوحيد أن بعضاً من خصوم صاحب قرار العبور؛ الرئيس السادات، قالوا إنها تمثيلية، في حين أن الكارهين لأنفسهم ولمن حولهم قالوا إن ما جرى يوم 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، هو مسرحية، وإن دخل التوصيفان ضمن الأعمال الدرامية!
عبيط القرية وأي قرية:
لقد استقلوا السادات، واستكثروا أن ينسب هذا الانتصار إليه، فكان القول إن قرار العبور متفق عليه برعاية أمريكية، بأن تقبل إسرائيل أن تهزم ليستخدم الانتصار أداة لتشكيل زعامة الرئيس السادات، لكن هذه الأصوات سكتت الآن، لدرجة أن الأجيال الجديدة لم يصلها هذا التشكيك، لأن الانتصار صار أمراً مفروغاً منه؛ فقد أكدته الأيام والسنوات، ولو استمر هؤلاء على ذات النغمة؛ من أنه تمثيلية، لكانوا أهدافاً لحجارة الأطفال في الشوارع، كما يحدث لعبيط القرية، في أي قرية!
إن الكارهين لأنفسهم ولمن حولهم، يرون أنهم لا يمكنهم الانتصار في قضايا الاستقطاب إلا إذا جعلوا من خصمهم إبليس، وقد تجسد بشراً سوياً، فلا شيء في سيرته يستحق الإشادة، ولو فكروا لعلموا أن هذا ضد طبائع الأشياء، لأن الإنسان- كما المجتمعات- مهما كان فيه من شر مطلق، فإن فيه جانب خير، لأنه ليس شيطاناً في الأخير، وأن الخير نسبي في المجمل، والفارق بين إنسان فاضل، وآخر غير ذلك، هو مقياس من خفت موازينه ومن ثقلت موازينه!
وإنك قد تختلف مع السادات في اتفاقية كامب ديفيد وما أنتجته من آثار، وفي استبداده في أيامه الأخيرة، دون أن تبخسه حقه في أنه صاحب قرار الحرب، رغم أن ظروف خوضها لم تكن مواتية، وأن ما حدث من جانبه أثناء الحرب، يدخل في باب وجهات النظر، وأنه اجتهد في هذا التصرف فأصاب لدى البعض، وأخطأ لدى البعض الآخر، لكنه في أي تصرف لم يكن أبداً خائناً أو عميلاً، ولم يكن الذين أدانوه من قادة أكتوبر يملكون الحق المطلق، وللأسف فإن من بين من كانوا معه في غرقة عمليات الحرب، من اندفعوا يسيئون للرجل قبل أن يسيء إليه غيرهم، ولأسباب تخصهم ولم يكن للوطنية فيها نصيب!
الثغرة وغيرها:
ففي الموقف من “الثغرة”، كان الإجماع مع السادات لا يخدشه إلا موقف رئيس أركان الجيش، الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي كان يرى نفسه عنوان الانتصار، لاسيما وأن وزير الدفاع المشير أحمد إسماعيل كان مريضاً، والسادات تجاهل الشاذلي، وجاء بمبارك من الخلف ليتخطى الرقاب مندوباً عن الشرعية الجديدة- وهي شرعية نصر أكتوبر- ويعينه نائباً له، أما اللواء محمد عبد الغني الجمسي، فهو وإن كان ضد الشاذلي، لم ينس للسادات عزله من منصب وزير الحربية بعد أن وعد بأنه وزير مدى الحياة!
وكان السادات، الذي كان يفخر بأنه ليس عسكرياً ولكنه سياسي، ملماً بأصول الحكم، ويقول إن خدمته في القوات المسلحة لا تتجاوز خمس سنوات متفرقات، وكان الفريق الشاذلي صاحب شخصية قوية، والسادات يؤسس لشرعية أكتوبر باعتباره رمزها، فإذ نفخ في الشاذلي بما هو أهله، وعينه نائباً للرئيس، فقد تتكرر تجربة عبد الناصر والمشير عامر، وقد تحول الأخير لمركز قوة، استدعى إبعاده والتخلص منه إجراءات خارقة.
كما أنه ليس من أصول الحكم أن يستمر الجمسي وزيراً للحربية بعد أن حقق انتصارا بتثبيت أركان حكم السادات، عندما أمر الجيش بالنزول للشارع وقمع انتفاضة الخبز في يناير 1977! لا سيما وأن السادات حديث عهد بتعملق قائد الحرس الجمهوري الليثي ناصف، الذي انحاز له في معركة مراكز القوى في مايو/ أيار 1971؛ فبعد تمكن السادات من خصومه، تصرف الليثي على أنه صديق الرئيس، وصاحب أفضال عليه، وكانت الخطوة التالية أن يقدم نفسه أنه شريك في الحكم، فكان يتحلل من الانضباط العسكري إذا دخل على الرئيس أو دخل عليه، ما عرضه للتوبيخ من السادات بسبب ذلك، وقبل أن يسرحه إلى لندن. فليس معقولاً- والحال كذلك- أن يستمر الجمسي في موقعه، فكان عزله من الوزارة سنة 1978، وإن رقاه لدرجة المشير بعد ذلك بعامين!
إن الجمسي ألمح في مقابلات صحفية وتلفزيونية بما يطعن السادات في وطنيته وإن قدم الحيثيات وترك التوصيف للقارئ أو المشاهد!
وكلها معارك انتقام، لم يكن السادات ضحية فيها، عندما رد على اتهام الشاذلي إياه وهو في الخارج في وطنيته، بتجريده من هذه الوطنية بحكم صدر من مجلس الدولة، يمنعه من حق تجديد جواز سفره الدبلوماسي، وجاء في حيثيات الحكم ما إذا صح لوجب إعدامه رمياً بالرصاص!
ليست تمثيلية:
دخول قادة الحرب على خط المواجهة، مثّل طريقاً جديداً للنيل من السادات، دون الادعاء بأن نصر أكتوبر تمثيلية، فلا يمكن لرموز هذا النصر أن يقولوا ذلك، ليتم غلق الباب في هذا الاتجاه، فلا تعلم الأجيال الجديدة أن هناك من غلبت عليهم شقوتهم فقالوا إنها تمثيلية، ويعد الذين يقولون إن ما جرى يوم 1 أكتوبر/ تشرين الأول، من رد طهران الاعتبار لنفسها إنه مسرحية، هم الامتداد لهؤلاء!
وعندما بدأ الرد الإيراني انتقاماً لاغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله، تمطع شر خلف لشر خلف وقالوا: مسرحية!
أكان الحصار المفروض على إيران مسرحية، أو فصلا من فصول المسرحية؟
أكان اغتيال قيادات من حرسها الثوري مسرحية، أو فصلا من فصول المسرحية؟
وهل كان دخول حزب الله على خط المواجهة مع إسرائيل، بعد انتفاضة الأقصى، مسرحية؟
وهل اغتيال هنية ونصر الله مسرحية؟
وذلك ليكتمل المشهد بصواريخ طهران وأنها مسرحية، وأن هناك اتفاقا مع إسرائيل برعاية أمريكية أن تتقبل الضربة الإيرانية “الفشنك” من باب اتقان الأدوار، والخداع الاستراتيجي لحضرته.
فما القيمة الدفترية لحضرته؟!
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
احسنت يا استاذ سليم
بورك قلمك الرصين
وإن كان في النفس من السادات اشياء