بين المسرحية والواقعية

بقلم: أسامة السويسي

| 3 أكتوبر, 2024

بقلم: أسامة السويسي

| 3 أكتوبر, 2024

بين المسرحية والواقعية

هل المطلوب أن نصدق الرواية الصهيونية، سواء تلك التي خرجت من البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية، أو من تل أبيب من داخل الأراضي المحتلة؟ 

أعلينا أن نتفق على أن الضربة الجوية الإيرانية على مدن متفرقة من الأراضي المحتلة فشلت فشلا ذريعا، وأن قوات الدفاع الجوي الأمريكي نجحت مع قوات الاحتلال في التصدي لها، ولم تصب أهدافا حيوية في الكيان الصهيوني، أم وجب علينا أن نعترف بصحة التقارير الإيرانية، التي أكدت أن 90% من مقذوفات الضربة الجوية وصلت إلى أهدافها في الأراضي المحتلة، وأصابت العديد من الأهداف العسكرية الصهيونية؟

أم هل يجب أن نقر بما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن حسابات عربية تقول إنها ليست أكثر من مسرحية متفق عليها بين الطرفين وبرعاية أمريكية؟

كلنا يعلم أن أمريكا والكيان الصهيوني هما المادة الخام للكذب، والمصدّر الرئيس للتضليل في الروايات، خصوصا في ظل سيطرتهما التامة على الإعلام الغربي. بالتالي، لا يمكن أن نصدق أية رواية منهم، خصوصا وأن طوفان الأقصى أكد أنهم جميعا- بداية من كبيرهم جو بايدن- يكذبون وكأنهم يتنفسون، وقد انكشفت كل السرديات الوهمية التي روجوا لها ليكسبوا تعاطف العالم حول انتهاكات غير حقيقية للمقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر عن اغتصاب النساء وقطع رؤوس الأطفال.. ثم مرت الأيام واعترف كل من شارك في هذه الكذبة بحقيقة الأمر.. فهل لنا أن نصدق ما يقولونه حاليا عن الضربة الإيرانية، خصوصا أنهم لم يقدموا الدليل على صحة فشلها.

وفي الوقت ذاته، هل يمكن أن يشفع للجانب الإيراني قوله إن 90% من صواريخه أصابت الهدف، خصوصا وأنه لم يعرض صورا توضح ذلك؟ لكن، هل من المنطقي أن نسلم عقولنا لمن يقول إنها مجرد تمثيلية أو مسرحية هزلية؟

شخصيا، ولطبيعة عملي الصحفي، لا أصدق كل ما يقال إلا إذا قدم لي المصدر ما يثبت صحة قوله بالدليل والمستندات، وعلى ضوء ذلك أنا مضطر كغيري من المتابعين أن أصدق ما رأيته بعيني من صواريخ انهمرت على سماء المدن الإسرائيلية، دفعت الكيان الصهيوني إلى إطلاق صافرات الإنذار وهروب مواطنيه إلى المخابئ. وفي ظل التعتيم الذي يفرضه الكيان الصهيوني على ما يحدث في الأراضي المحتلة، فلن أصدق روايتهم إلا إذا أثبتوا صدق ما يقولون بالصوت والصورة، كما يفعلون في أي انتصار يتم تحقيقه حتى لو كان محدودا.

وفي الوقت ذاته سأتعامل بالقدر نفسه مع فرحة الأشقاء في فلسطين المحتلة، سواء في غزة أو الضفة الغربية، وهم يشاهدون من يشن عليهم حرب إبادة أكملت عامها الأول يعيش ولو نسبة 1% من الخوف والهلع، وقد بدا على قادته الاضطراب والرعب.

وسأترك الحكم للأيام لتكشف الحقيقة كاملة، فالحرب باتت مفتوحة على كل الاحتمالات بعد اختيار العدو الصهيوني أن يوسع دائرتها إلى بقاع عدة في المنطقة، ويفتح العديد من الجبهات في وقت واحد.

المهم عندي- كأي عربي حر- أنني أنتظر وبلهفة اليوم الذي أرى فيه العدو المحتل يتجرع مرارة الهزيمة، في بداية مرحلة استئصال السرطان الذي توغل بيننا.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...

قراءة المزيد
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...

قراءة المزيد
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...

قراءة المزيد
Loading...