
احترس من الأغبياء!
بقلم: كريم الشاذلي
| 23 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: كريم الشاذلي
| 23 أغسطس, 2024
احترس من الأغبياء!
في الوقت الذي سوّد من قبله الصفحات في الحديث عن النباهة، والفراسة، وتدابير وحيل الأذكياء والنبهاء، قرر أبوالفرج بن الجوزي في القرن الخامس الهجري أن يكتب لنا كتابًا عن الحمقى والمغفلين، معلّلًا ذلك في مقدمة كتابه بسببين؛ أما الأول فأن الشيء يُعرف بضدِّه، فإذا عرفنا الحمقى والمغفلين عرفنا الذكاء والفطنة، والثاني أن هذه الأخبار تُدخل السرور والفرح على النفس، وتُزيل الهم والغم!
غير أن الكاتب الإيطالي “كارلو شيبولا” في دراسته الهامة “الغباء البشري” كان له رأي آخر، إذ لن تلبث ابتسامتك أن تختفي وأنت تقرأ، ويصيبك غير قليل من الغم عندما يخبرك الكاتب- وهو مؤلف وأستاذ جامعى ومؤرخ اقتصادي- أن الغباء هو أكبر تهديد وجودي للبشرية! ويعلل ذلك بخمسة قوانين، يدّعي شيبولا أنها حقيقية ومؤكدة، ولن تحتاج لأكثر من عين متأمل كي يراها ويكتشف خطورتها!
ولكن، كيف قسم الرجل الناس وصنفهم؟ وما تعريفه للغباء؟
“شيبولا” رأى أن الناس أربعة أصناف رئيسة، وهذا واحد من قوانينه:
– الصنف الأول هو المغفل أو البائس، ويعرّفه بأنه الشخص الذي يعمل غالبًا وفق منظومة تعمد إلى إفادة الآخرين بينما يخسر هو، هذا شخص يلعب لغير مصلحته، غير أنه لا يضر الآخرين.
– الصنف الثاني يشمل اللصوص وقطاع الطرق والقراصنة، وهم كل شخص ينفع نفسه ولكن على حساب الآخرين وضررهم.
– الصنف الثالث صنف الأذكياء، وهم الذين يلعبون لصالحهم، دون إلحاق ضرر بالآخر، بل ويعملون على استثمار التعاون بينهما في تحقيق المزيد من المكاسب لكليهما.
– وفي الأخير يأتي صنف الأغبياء، والغبي- حسب تعريفه- هو الذي يخسر، ويصيب غيره بالخسارة.
ويرى شيبولا كذلك أن المرء قد يكون ذكيا يميل للقرصنة، إذا ما مارس بعض الحيل غير الشريفة في بعض الأوقات؛ أو قد يكون قرصانًا غبيًّا، غير أنه ليس من الوارد أبدًا أن يتحول الغبي.
هو تمامًا، كما قالت العرب قديمًا: “إذا قيل لك إن فقيرًا استغنى، وغنيًّا افتقر، وحيًّا مات، أو ميتًا عاش، فصدِّق، وإذا بلغك أنَّ أحمقَ استفاد عقلًا فلا تصدق”.
من هذا التعريف، ينطلق الرجل بدراسته التي نشرها في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وما زالت تلقى إقبالًا حتى اليوم، ليخبرنا بالقانون الثاني وهو: “دائما ما نستهين بالأغبياء وبعددهم”!
يرى الخبير الاقتصادي أن الأغبياء أكثر بكثير مما نظن! وفي دراساته التي قام بها أثبت الرجل أن نسبة الغباء واحدة، سواء بين الحاصلين على جائزة نوبل، أو الذين لم يتلقوا تعليمًا أصلًا، هم في المناصب الحساسة بقدر ما تجدهم في المصانع والمزارع.. النسبة واحدة!
أما القانون الثالث فهو: “كون الشخص غبيًّا لا يتعارض مع أي لقب آخر!”
ببساطة، قد يكون رئيس دولة وغبيًّا، لدينا مثال بعيد- إذ القريب لا يسمح به مقص الرقيب- وهو جورج بوش الابن، الذي كان يقول الشيء وضده في الوقت ذاته، ويطلق تصريحات غريبة منها أنه “يتحدث مع الله”، وبوش صنفته استطلاعات رأي أمريكية كثيرة بأنه أغبى رئيس أميركي، وليس الأسوأ فقط.
القانون الثالث ببساطة يقول إن الغبي يمكن أن يكون غبيًّا وطبيبًا، غبيًّا ومديرًا، غبيًّا وبجانبة أي تعريف آخر.. والمخيف أنهم في كل مكان، حتى في الأماكن التي لا تحتمل وجود الأغبياء فيها!
القانون الرابع يقول: “دائمًا ما يستهين الأشخاص غير الأغبياء بالقوة المدمرة لدى الأشخاص الأغبياء”..
بناء على القانون الأول، فإن الكارثة تأتي من أن الذكي لن يستطيع أن يفهم الغباء، إذ الغبي ليس لصًّا أو قاطع طريق، فذلك مهما تحفظنا على فكره وأساليبه وخططه فإنه يظل مفهوماً، هو شخص يحقق ربحًا على حسابي، بينما الغبي سيقوم بإزعاجك بلا سبب، ومن دون فائدة، ومن دون أي خطة أو مشروع، وفي الأوقات والأمكنة غير المتوقعة.. فجأة ستجد نفسك تتعامل مع مأزق صدَّره لك غبي!
القانون الرابع يضيف أن البشر يستهينون بقدرة الغبي على إلحاق الأذى بهم، يظنون أنه سيؤذي نفسه فقط، يقتربون منه بلطف وهم يبتسمون، وهنا يقول “شيبولا”: “خلال آلاف السنين من الزمن، وفي الحياة العامة كما في الحياة الخاصة، يعجز عدد لا يحصى من البشر عن أخذ هذا القانون في عين الاعتبار، ما يكبد البشرية خسائر لا حصر لها!”
القانون الخامس يقول: “الشخص الغبي هو الأشد خطرًا في العالم، هو أخطر من اللص وقاطع الطريق .. قولًا واحدًا”.
في ثقافتنا العربية نجد ابن أبي زيادٍ يقول: “قال لي أبي: يا بُنيّ، اِلزَم أهل العقل وجالسهم، واجتنب الحمقى؛ فإني ما جالست أحمقَ فقُمت، إلاَّ وجدتُ النقص في عقلي”.
“شيبولا” يؤكد ذلك، أن الأغبياء لن يجدي معهم تفكيرك المنطقي، سيُغرقون القارب بمن عليه، أو سيضطرونك إلى أن تصبح مثلهم، علك تفهم ما يرمون إليه، قبل أن تعود محصيًا خسائرك!
في الأخير، صرح الرجل في دراسته التي ترجمت إلى أكثر من 16 لغة أنه ليس متعصبًا ولا عنصريًّا حينما يؤكد أن الغبي يولد غبيًّا، ويعيش غبيًّا.. لن يفيده التعليم، ولن تصلحه النصائح، الغبي يأتي لدنيانا قضاءً وقدرًا!
ونصيحة الرجل أن اجتنبهم، ولا تسخر منهم، ولا تتعامل مع الأمر كأنه فكاهة، ولا تبحث فيه عن تسلية، فالأمر أخطر من ذلك..
حدث يومًا أن تكلم في مجلس ابن عباس رجل فأكثر الخطأ وبان حمقه، فالتفت عبد الله بن عباس إلى عبدٍ له فأعتقه ثم شكر الله، فقال له الرجل: ما سبب هذا الشكر؟ قال: إذ لم يجعلني الله مثلك.
نعم، الغباء مصيبة، لن يجدي معها عزاء حينما يكون الغبي قريبًا منك بشكل يصعب الفكاك منه، سواء كشريك حياة ينغص حياتك، أو صديق يضلّك.. أو حاكم يقضي في معاشك!
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
كيف اعرف ان هذا الشخص غبي
أو كيف اعرف أني لست بغبي
توقفت عندما تكلم عن المغفل أو البائس
ينفع الآخرين بينما يضر النفسه