
الموت الأسود
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 14 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 14 يوليو, 2024
الموت الأسود
واجهت البشرية على مدار تاريخها الطويل كوارث تشيب لها الولدان، وعلى رأس تلك الكوارث كانت الأوبئة الفتاكة التي تحصد الناس بالملايين، وكان الطاعون هو الأكثر فتكًا في تاريخ الأوبئة.. ويتفق الباحثون على أن الأوبئة قد قتلت من البشر أكثر مما قتلته الحروب، وعلى الرغم من ذلك فإن الشعوب استطاعت أن تنهض وتُعيد ترتيب أمورها لتستمر في الحياة.
في عصور ما قبل الميلاد، ومع ظهور المدن وزيادة التبادل التجاري والتواصل الاجتماعي بين الشعوب بدأت الأوبئة تنتشر؛ وكانت المدن والقرى غالبًا تحتوي على أعداد من الماشية، التي كانت أحيانًا هي المسببات للأمراض الفتاكة، مثل الجدري والإنفلونزا وغيرها. وكان طاعون جستنيان – نسبة إلى الإمبراطور جستنيان الأول (527-565)م- من أكثر أنواع الأوبئة تدميرًا في تاريخ البشرية، ولقد تحدثتُ عنه في سلسلة من إنتاج قناة القبس الكويتية، وأورد هنا بعضاً مما ذكرت.
بدأ هذا الطاعون عام 541م، وضرب أركان الإمبراطورية البيزنطية، وقد استمر يتكرر على فترات حتى عام 750م. وتنتقل عدوى هذا الطاعون عن طريق البراغيث المصابة، وهي تصيب البشر عن طريق الفئران الحاملة للعدوى. ويعتقد بعضهم أن طاعون جستنيان بدأ في أواسط آسيا، وانتقل عبر التجارة في اتجاه الغرب، بينما يعتقد آخرون أن أصل هذا الطاعون يرجع إلى شرقي أفريقيا في إثيوبيا، ومن ثَمّ انتقل إلى وادي النيل، ومن مصر انتقل إلى بلاد الشام حتى وصل القسطنطينية، ومنها انتشر في حوض البحر المتوسط وأوروبا.
وقد ساعدت زيادة التبادل التجاري البري والبحري على انتشار هذا الطاعون، وكان أكثر انتشارًا في المدن الساحلية الواقعة شرق البحر المتوسط؛ كما أدَّت حملات جستنيان دورًا في انتشار الوباء، فقد انتشر سريعًا من آسيا الصغرى إلى أفريقيا وإيطاليا، ثم إلى غربي أوروبا.
ومن أعراض هذا المرض أن الناس كانوا يفاجَؤون بحمى خفيفة لا يصاحبها أي تغير في النبض أو في اللون، وفي اليوم ذاته أو في اليوم الثاني، يتمثل المرض في تورم الغدد، وخاصة غدد الفخذ وتحت الإبط وتحت الأذن. وكانت هذه الأورام عندما تفتح تظهر فيها مادة سوداء في حجم حبة العدس تُسمى فحمًا، فإذا انفتحت أُنقذ المريض بفضل هذا النوع من الإفراز الطبيعي للصديد، ولكن إذا ظلت صلبة وجافة، أصيب المريض بتسمم سريع، وانتهت حياته عادة في اليوم الخامس. أما الذين نجوا من هذا المرض فقد فقدوا القدرة على الكلام دون أن يأمنوا عودة المرض.
وقد قضى هذا الطاعون على نحو ربع سكان شرق البحر المتوسط بعد عامين من اندلاعه، وساد الذعر والفوضى حياة تلك المجتمعات. وقد ذكر بعض المؤرخين أن الذين كانوا يموتون في بيزنطة يوميًا عشرة آلاف شخص، حتى تعذّر وجود مكان لدفن جثث الموتى؛ وذكر بعضهم أن هذا الطاعون قد أدى إلى وفاة ما يقدر بنحو 25 إلى 50 مليون شخصٍ خلال القرنين. وكان من نتائجه أن المزارعين لم يستطيعوا الاعتناء بالمحاصيل، وارتفع سعر الحبوب، وتوقفت حركة التجارة، وتكبدت الإمبراطورية البيزنطية خسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد، ما ساهم في انهيارها.
وهكذا شكلت الأوبئة لحظات فارقة في تاريخ المجتمعات، وكانت سببًا في نهاية عصر وبداية عصر آخر.. وما زالت البشرية تواجه تحديات صحية حتى يومنا هذا؛ فلابد من التكاتف لمواجهتها عن طريق العلم، وتطوير المنظومة الصحية، ومواجهة المؤامرات التي تغذي تلك الأوبئة .

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق