الكونغرس.. أم قاعة أفراح؟!
بقلم: سليم عزوز
| 28 يوليو, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 28 يوليو, 2024
الكونغرس.. أم قاعة أفراح؟!
وبعد العرض المسرحي الهابط في الكونغرس، أما يزال السؤال “لماذا يكرهوننا؟” مطروحاً لدى الأمريكان، وهل لا يزال لديهم اهتمام بالإجابة عليه؟!
سؤال الكراهية طُرح بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكانت قناة “الحرة” إحدى المحاولات الفاشلة لـ “تبييض الوجه الأمريكي”، وفي بداية غزو العراق، وإذ قدّم القوم أنفسهم على أنهم المحررون الجدد للكوكب، بدت دهشتهم كبيرة إزاء الرفض لحضورهم باتساع العالم العربي، إذ كيف يرفضون من سيخلصهم من ديكتاتورية صدام حسين، التي كتبت عنها مجلدات؟!
وفي طريقه من مقر السفارة الأمريكية في القاهرة إلى جريدة “الأهرام”، للقاء مع أسامة الغزالي حرب، على وقع مظاهرات في الليلة السابقة ضد الغزو، كان سؤال السفير: لماذا يفضل العرب السيادة على الحرية؟ وأدهشتني الجدية في طرح السؤال، وقد توليت الإجابة على سؤاله، في مقالٍ نُشر في جريدة “الراية” القطرية، بأن العرب يدركون أن “الحدّاية لا تحدف كتاكيت”، فالقوات الأمريكية لم تأت لإقامة حكم ديمقراطي سليم، وهي التي تحمي أنظمة الاستبداد في المنطقة!
وبعد الغزو، والإطاحة بنظام صدام حسين، لم يقدم الأمريكان نموذجاً ديمقراطياً يحتذى به، بل إن صور التعذيب حيث وُجدوا كانت صادمة، والغرب يتخذ من عواصم غربية مراكز لممارسته في قضايا تخصه، فلماذا يذهبون بعيداً، وقد بدت القوات الأمريكية صاحبة خبرة عريقة في ذلك؟!
لم يقدم القوم نموذجاً يحتذى به.. ما كان ذلك بغداد، ولم يكن أفغانستان! فعندما أُجبروا على الرحيل- ومعهم قوات الناتو- بسبب المقاومة الضارية لحركة طالبان، عادوا إلى النغمة ذاتها يتحدثون عن منع حركة طالبان تعليم البنات.. فما هي المدارس التي أقاموها هم لهذا الهدف طيلة سنوات الاحتلال؟ وكم طريقاً مهدوا للوصول إلى هذه المدارس؟. ولو فعلوا لصار تعليمهن ثقافة مستقرة، ولما أمكن لطالبان أن تمنع، أو تفرض ثقافتها!
التمكين من اللقطة:
ولأن اللعب صار على المكشوف، فمهمة “الحرة” لم تعد “تبيض الوجه الأمريكي”، بل تثبيت الصورة نفسها في الأذهان، بعد أن تولّى إدارتها غلاة المتشددين، الذين لم يجدوا ضمن علماء المسلمين من يصلح لتقديم خطاب ديني معتدل يروق لهم، فالاعتدال- برأي أحد المتابعين للقناة- في أن يكون القرآن نفسه مختلف عليه، ويختارون أحد شذاذ الآفاق خدمة للأجندة الأمريكية المعادية، ولو خسروا المشاهد! هل يعتقدون فعلاً أن المشاهدين يُقبلون على برنامج “إبراهيم عيسى”؟ وما الهدف من الرسالة الإعلامية إذا أعطى المستهدَفون بها ظهورهم لها؟!
والحال كذلك، فقد بدا لي أن السؤال “لماذا يكرهوننا؟” لا يشغل القوم الآن، ولو شغلهم ما وصلْنا إلى هذه الصورة الرديئة التي نقلت من الكونغرس، بينما يؤدي نتنياهو، قاتل الأطفال ومجرم الحرب، “نمرته” على مسرحه، وسط تصفيق صفيق، وقد حرص المصفقون في كل مرة على الوقوف إمعاناً في التقدير والإجلال!
ويمكن للمشاهد أن ينتهي بهذه الصورة- دون قراءة- إلى أنها تقدم إجماعاً أمريكياً على تأييد تجويع الناس، وقتل المدنيين، وتدمير البنايات، واجتياح المستشفيات!. فأي كائن حي يمكنه أن يرى هذه الصورة، ثم يبحث عن الإنسانية في حدها الأدنى لدى القوم وهم يصفقون وقوفاً بين كل “كوبليه” وآخر؟!
الأمريكان هم أهل “اللقطة”، ومن المتعارف عليه لدى المصريين وصف “لقطة أمريكاني”، وهي تقال عندما تصوب الكاميرا باتجاه هدف، فيعمل “الفلاش” ويطلق ضوءاً دون التقاط صورة. ولأن الثقافة واحدة تقريباً، فقد استهدف نتنياهو هذه اللقطة، ومكّنه الكونجرس بقوانينه ولوائحه من ذلك، دون إدراك أن هناك استثناء يستوجب الانتباه له، فلم تكن الحفاوة غير متوقعة، فقد تنبأتُ بها من قبل هنا، لكن من الواضح أن هناك تواطؤاً أمريكياً على أعلى مستوى ليحصل نتنياهو على هذه “اللقطة”، وهذا التأييد الجارف الذي لا يحلم به داخل الكنيست ذاته!
غياب نصف أعضاء الكونغرس:
لقد تغيب نصف أعضاء الكونغرس عن حضور هذه الجلسة، وهو غياب له دلالته، وحل محلهم- وزيادة عنهم- أعداد كبيرة من الأمريكيين المتطرفين الذين يؤيدون الإجرام الإسرائيلي، وأول من قرأت له هذه الملاحظة د. مأمون فندي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الأمريكية، وإن نشر بعضهم عبر منصات التواصل الاجتماعي في وقت لاحق أن نائبة أمريكية هي من نشرت هذه الملاحظة، لم يذكروا اسمها ولم نعرف كاتب التغريدة، فهي ضمن نوع من التغريدات تفقد صلتها بصاحبها لقيام كثيرين بإعادة نشرها دون نسبتها للمصدر!
ما علينا، فالمهم هو المعلومة، وقد غاب أكثر من نصف أعضاء المجلس، وحشد رعاة “الحفل الساهر” كثيرين من الموتورين ليقدموا هذه الصورة، فلا يكترث من يعنيهم الأمر في الجانب الأمريكي إلى ما سيقدمون عليه، لتقديم صورة من شأنها أن ترفع منسوب الكراهية ضدهم في المنطقة، لأنهم لم يعودوا مشغولين بطرح السؤال عن سبب الكراهية لهم! هل تصوروا للحظة دلالة هذا الإجماع إذا استقر في أذهان العامة، وهناك نواب تغيبوا وليسوا جميعا ضد الحرب على غزة، فمنهم من قد يكونون فقط متحفظين على استمرار الحرب، وما أنتجته من آثار؟!
من حق المواطن الأمريكي دخول البرلمان، وهذه ثغرة دخل منها الشيطان مستهدفاً اللقطة، وقد تحول الكونغرس إلى قاعة أفراح.. هذا ما جرى بالضبط!
وفي الأندية توجد قاعات للأفراح، يُسمح بتأجيرها لغير الأعضاء، وليس شرطاً أن يكون المدعوون من أعضاء النادي، وكذلك الفرقة التي ستحيي هذا الفرح، والتي وصل حالها في صورة الكونغرس أن تكون الفضيحة على هذا النحو، فليس أولئك أكثر من مجموعة من المصفقين لمطرب فاشل، وكأنهم مجموعة من السكارى في ملهى ليلي!
وهذا الغياب لنصف أعضاء الكونغرس بغرفتيه، كاشف عن عدم الرضا على مآلات الحرب، وما أنتجته من جرائم ضد الإنسانية، لكنه لا ينفي صورة واقعية، فيها أن واشنطن هي الراعي الرسمي لإسرائيل، كمستوطنة مزروعة في قلب المستعمرات القديمة، تؤدي أدواراً تنوب بها عن الاستعمار المباشر، في نمط جديد من الاستعمار “غير المُكلف”، الذي أخذت به الإمبراطورية الجديدة منذ البداية، بنهاية زمن المستعمرين القدامى!
من يقنع الناس أن نتنياهو كان في قاعة أفراح بواشنطن.. ولم يكن في الكونغرس؟!
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
حياك الله على هذا التشبيه الرائع حقا فقد كان الكونجرس لا يختلف عن صالة افراح مؤجرة مفتوحة للعامة حتى تخلى اصحاب الفرح انفسهم عن التواجد فيها .. ولكن عزاءنا الوحيد لتلك الصورة التي حاول الامريكان المتحالفين مع نتنياهو تصديرها لنا بان جميع اعضاء الكونجرس او غالبيتهم متضامنين قلبا وقالبا مع بيبي كما يدعونه هي صورة كذبها الواقع الذي صور لنا الحقيقة في صورة مظاهرات امريكية ترفض وجود كلب الصهاينة وترفض استقبال بلادهم له وكذلك يكذبها اعتذار نصف اعضاء الكونجرس عن الحضور…