هل مهدت إيران لاغتيال حسن نصر الله؟!

بقلم: هديل رشاد

| 30 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: هديل رشاد

| 30 سبتمبر, 2024

هل مهدت إيران لاغتيال حسن نصر الله؟!

إنَّ الموقف المتراخي لإيران في توجيه ضربة للاحتلال الإسرائيلي بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” على أرضها في 31 يوليو/ تموز الماضي، واكتفاءها بالتهديد والوعيد، أسهم في تمادي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في توجيه جيش كيانه المزعوم لتكثيف استهدافه لمحور المقاومة..

من هنا جاءت القاصمة باغتيال حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، وعدد من قادة النخبة، ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوريشان، في هجوم استهدف مقر القيادة المركزية للحزب في الضاحية الجنوبية في بيروت ليلة الجمعة، بسرب من المقاتلات الجوية الإسرائيلية والمعروفة باسم “المطارق”، إضافة إلى مقاتلات إسرائيلية من طراز F-15 شاركت في الغارة، بعد عدة عمليات وُصفت بالنوعية، ابتداء من تفجير أجهزة اتصالات أعضاء حزب الله بإخفاء متفجرات داخل بطاريات أجهزة الاستدعاء الآلي “البيجر”، وأجهزة الاتصال اللاسلكية “ووكي توكي” بتعاون الشاباك (الأمن الداخلي الإسرائيلي) والموساد.

وقد يقول قائل إنَّ إسرائيل تخطط منذ 2006 لهجوم على الجبهة اللبنانية، واغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، على حسب قول محللين عسكريين، إلا أنَّ صمت إيران أمام الصفعات المتتالية لمحور المقاومة، قد يكون سرَّع من أمر اغتيال حسن نصر الله، الذي شغل منصب الأمين العام للحزب منذ عام 1992- بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي في هجوم إسرائيلي- حتى 27 سبتمبر الجاري عند استهداف مقر القيادة.

وفي هذا المقام تنطبق على إسرائيل مقولة “مَن أمن العقوبة أساء الأدب”، ولم يعد هناك من يُعول كثيراً على إيران في الردّ على هجمات جيش الاحتلال المتوالية على عدد من المواقع التي يزعم أنها تتبع لحزب الله، لا سيما وأنَّها لم توجه أي ضربة للاحتلال الإسرائيلي، وهي التي هددت مراراً وتكراراً بالثأر  للشهيد إسماعيل هنية الذي اغتيل على أراضيها، ليس لأجل دماء ضيفها التي هُدرت وهو في ضيافتها، بل لاستعادة هيبتها في المنطقة بعد أن اخترقت إسرائيل سيادتها.. إلا أنَّ هذه التهديدات لم تتعدَّ التهديد اللفظي والوعيد الذي رمزت له بالعلم الأحمر، أو ما يعرف بـ”علم الثأر” الذي نصبته على قبة مسجد جمكران في قم، كدلالة على إعلان حالة الحرب!

وحتى هذه اللحظة، تحاول إيران النأي بنفسها قدر الإمكان عن التصعيد في المنطقة، كما أنَّ تصريحات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يوم السبت، بعد تأكيد خبر اغتيال حسن نصر الله، تلمِّح  بعدم نية إيران الدخول في مواجهة مباشرة مع الكيان المحتل، قائلا إن مصير المنطقة تحدده قوات المقاومة، وعلى رأسها حزب الله”، متحدثا بلسان لبنان “إسرائيل ستندم”، وصرّح قائلا: “إن إيران لن تتدخل في الحرب الحالية بشكل مباشر، بل ستضغط على سوريا وعلى العراقيين والحوثيين للتدخل”.

لكن، هل من الممكن أن تغير إيران موقفها بعد تأكيد اغتيال نائب الحرس الثوري الإيراني، العميد عباس نيلفورشان، في بيروت،  وتصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قائلا في رسالة تعزية وجهها لقائد الحرس الثوري حسين سلامي: “جريمة اغتيال العميد نيلفروشان لن تبقى دون رد”؟!

إنَّ الدور الذي أخذته إيران في “تراخيها” منذ بدء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، وإعلان حزب الله دعمه ومساندته للمقاومة الفلسطينية، دفع بالمحسوبين على محور المقاومة- لا سيما من حزب الله- إلى توجيه أصابع الاتهام لإيران، واتهامها بالتخاذل والتخلي عنه، وتركه وحيدا في مواجهة غير متكافئة القوى مع العدو المحتل، الذي يحظى بمساندة منقطعة النظير من الولايات المتحدة الأمريكية، منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، تظهر دعما عسكريا وماليا ومعنويا؛ حيث منحت أمريكا مؤخرا إسرائيل حزمة من المساعدات العسكرية بقيمة 8.7 مليارات دولار، حسب (France24)، كما أنها ساندتها وشدت على يدها مرحبة باغتيال حسن نصر الله، رغم أن القانون الدولي يجرم الاغتيالات السياسية، والتي يصفها خبراء سياسيون بالدنيئة.

تواجه إيران بسبب موقفها “المتخاذل” اتهامات إبان صمتها، الذي حللوه بأنه ثمن لكسب ود الولايات المتحدة الأمريكية، وأنَّ هناك صفقة تعقد سراً، الأمر الذي نفاه خبير مطلع على السياسة الإيرانية، مؤكدا أنها روايات وسرديات غير واقعية، هدفها شيطنة إيران بنظر محور المقاومة، قائلا: “إن إيران غير قادرة أساسا على ذلك، فلا يوجد من هو مهتم بالشراء منها، أو بعقد صفقات كبرى معها من أي نوع، بما في ذلك الملف النووي الإيراني نفسه”.

لذا، قد يكون موقف إيران سببه أنها لم تشعر بأنَّ هناك ما يشكل تهديدا على النظام الإيراني، طالما أن سلسلة الاغتيالات والهجمات لم تهز مصالحها وأركانها الرئيسية، المتمثلة بالطاقة النووية، وقواعد الصواريخ الباليستية، والصناعة النفطية، كما أنَّ دخولها في مواجهة مباشرة مع الكيان المحتل سيوسع دائرة الصراع في المنطقة، وبالتالي ستكون هناك مسوغات عديدة أمام أمريكا للدخول في حرب شاملة للدفاع عن إسرائيل، وهو الذي يلهث وراءه نتنياهو وداعموه لتنفيذ مشروع شرق أوسط جديد.

ختاما…..

إنَّ نقل الكيان المحتل ثقل الحرب إلى الجبهة اللبنانية لم يأت صدفة، بل هو مشروع مخطط له منذ 2006، يؤكد خشيته من جنوبي لبنان الذي يعده أخطر الدوائر على إسرائيل لقربه من الحدود، ما يهدد تجمعات سكانية ومواقع عسكرية في الجليل، في ظل امتلاك حزب الله- وفق تقارير -لما يزيد عن 150 ألف صاروخ متنوعة من حيث المدى، ما يهدد المدن الإسرائيلية. فكان عليه إضعاف الجبهة اللبنانية لضمان أمنه، وإشغال حزب الله بنفسه مع استهداف مخازن ذخيرة للحزب، واستهداف أبرز قادته، وعلى رأسهم حسن نصر الله وآخرون، ليثنيه -أي الحزب- عن دعم و مساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، التي أعلن دعمها في الثامن من أكتوبر من العام الماضي.

1 تعليق

  1. HUSSAIN MOHD

    بارك الله فيكي أستاذه هديل وبقلمك الجميل شرح كافي ووافي للموقف العام والخاص لإيران

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...