
يا رجال “المقاومة”.. لا تقعوا في فخ عبد الناصر وصدام والقذافي والأسد؟!
بقلم: شريف عبدالغني
| 10 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: شريف عبدالغني
| 10 سبتمبر, 2024
يا رجال “المقاومة”.. لا تقعوا في فخ عبد الناصر وصدام والقذافي والأسد؟!
في العام 1967 كانت الهزيمة العربية المروّعة التي ما زالت آثارها وتبعاتها باقية حتى اليوم.. “الهزيمة” التي صكّ لها محمد حسنين هيكل وأبواق الدعاية الناصرية مصطلح “النكسة”، في محاولة لتطييب الأرواح المجروحة وتهدئة النفوس المكسورة.
كانت هزيمة أدت إلى فقدان شبه جزيرة سيناء، وهضبة الجولان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.. هزيمة كشفت كل عيوب حكم جمال عبد الناصر، وأوضحت أن بشائرها لم تكن على أرض المعركة، وإنما قبلها في سنوات حشْر الجماهير في بالونة من الشعارات الرنانة، والوعود الكاذبة، والأحلام غير المنطقية، وعندما حانت لحظة المعركة انفجرت البالونة، وأفرغت حمولتها من بشر في هوّة سحيقة من الكوابيس وعدم الاتزان النفسي.
هزيمة كان من “الواجب” ومن “الرجولة” أن يغيب المتسبب فيها عن المشهد، ناهيك عن المحاكمة. لكنها تمخضت عن تمثيلية “التنحي”، وحشد الأتباع والأنصار ومغيَّبي العقول للنزول إلى الشارع لرفض “تنحي الزعيم”، وفقاً لشهادة كثيرين عاصروا تلك الفترة، وهى شهادات منشورة ومعلنة.
الأخطر من ذلك هو حشو عقول العامة بفكرة أن بقاء الزعيم في الحكم هو انتصار على المؤامرة الصهيونية الأمريكية، التي أرادت في المقام الأول حرمان العروبة من مُفجّر ثورتها وقائدها الأسطوري!. والمضحك المُبكي أن بعض أعضاء مجلس الأمة (البرلمان)، وفي ظل حالة الحزن العامة من المحيط إلى الخليج، رقصوا تحت قبة المجلس ابتهاجاً بقرار الزعيم الخضوع لإرادة الشعب، والتراجع عن “التنحي”!
ولأن مصر- بحكم التاريخ والجغرافيا- هي قلب جسد العرب، فإن ما يحدث في القلب- سواء إيجاباً أو سلباً- يؤثر على باقي أطراف الجسد.. ومن هنا تولدت في العصر العربي الحديث فكرة أن بقاء أي زعيم مهزوم في الحكم هو نصر مبين، ودحر للمؤامرات، ونعمة يجب على الشعوب أن تتذكرها لطويل العمر (يطوّل عمره وينصره على مين يعاديه).
ما حصل مع جمال عبد الناصر في 1967، حصل بحذافيره مع صدام حسين سنة 1991؛ فبعد القرار الكارثي باحتلال الكويت وضمها، أراد صدام إصلاح الخطأ، فوقع في أخطاء أخرى؛ عمل على تحييد إيران فأعاد العمل باتفاقية “الجزائر 1975″، ومن ثمّ قدم نصف شط العرب لطهران، إنها الاتفاقية نفسها التي سبق وتراجع عنها صدام، وخاض حرب الثماني سنوات ضد “العدو المجوسي”، الذي اكتشف فجأة أنه جار مسلم وشقيق، ولن يدخل في حلف مع الأمريكان ضده. وبكل أريحية أرسل طائراته إلى مطارات ذات “الجار الشقيق” لحمايتها من الغارات الأمريكية، فصادرها نفس “الشقيق” باعتبارها غنيمة وتعويضاً بسيطاً عن حرب الثماني سنوات.
ثم انتهت المغامرة كلها بتدمير العراق عسكرياً واقتصادياَ وسياسياَ، وفي خيمة الإذعان في صفوان على الحدود الكويتية، وقّع مندوب صدام وثيقة الاستسلام.. الوثيقة التي حوّلت بغداد بلا قرار، وصار جنوبي البلاد وشماليها منطقة محظورة على الطيران العراقي، وأصبحت بلاد الرافدين فعلياً ثلاثة “كيانات”، وتعرض الشعب لحصار قاسٍ على مدى سنوات طوال، ودفع ثمن التعويضات التي فُرضت على بلاده بعد الحرب.
وبعد هذا كله خرجت الأبواق الصدامية على درب شقيقتها الناصرية، لتزف للأمة بشرى أن القائد انتصر في “أم المعارك”!. كيف لا، وهو ظل في السلطة متحدياً مؤامرة “العدوان الثلاثيني” بقيادة “المجرم بوش”، الذي شن الحرب لحرمان الأمة العربية من حامي البوابة الشرقية وبطل القادسية الثانية.
وهكذا دواليك تكرر المشهد في أكثر من بلد..
القذافي يبدد ثروات بلاده في حروب وقضايا وأزمات وفتوحات في خياله، بداية من حرب ضم قطاع أوزو في شمالي تشاد بدعوى أنه جزء من ليبيا، إلى تمويل الجيش الجمهوري الأيرلندي، مروراً بالتورط في إسقاط طائرة “لوكيربي” وما تبعها من حصار وتعويضات، وبين هذا وذاك نشر كتابه “الأخضر” في القارة السمراء، ودفع مبالغ طائلة من أموال الشعب الليبي لحكام أفارقة أوهموه أنهم سيطبقون النظام الجماهيري الليبي في بلدانهم، وضحكوا عليه بلقب “ملك ملوك افريقيا”.
كلها قضايا وأزمات خسرها القذافي، لكنه ليس قائداً مهزوماَ، بل ظل- وفق أذرعته الإعلامية- زعيماً منتصراً لصموده سنوات وعقوداً أمام المؤامرات الإمبريالية لحرمان أحرار العرب وثوريي العالم من عبقرية “الأخ القائد”.
المشهد ذاته يحدث حالياً وبنجاح ساحق مع بشار الأسد، فلا يكفي أن دمشق الفيحاء تحت قيادته لم تطلق رصاصة واحدة لاستعادة الجولان المحتل، بل المهم أنه يوجّه الرصاص ضد “الشرذمة المعارضة” المدعومة من “المؤامرة الصهيو- أمريكية”، ويُسقط براميله المتفجرة على رؤوس أطفال ونساء وشيوخ، هم حتماً عملاء للأعداء لكونهم لم يهتفوا مع الحشود الوطنية “الله.. سوريا.. بشار وبس”.
الأسد الذي تحولت بلاده في عهده إلى أشلاء ومرتع لجيوش من هنا وهناك هو في عيون عشاقه زعيم صامد، لكونه بعد 13 سنة من “المؤامرة الملعونة” ما زال في قصر الحكم في دمشق، رئيساً وزعيماً كابساً على أنفاس من بقي من شعبه في البلاد، ولم يركب البحر بحثاً عن ملاذ في أصقاع الدنيا.
أتمنى أن ما حدث مع عبد الناصر وصدام والقذافي والأسد وغيرهم من الحكام المهزومين لا يحدث حالياً مع “حماس”!
لا أقصد- ولم يخطر في بالي- أن هناك أوجه مقاربة بين دموية هؤلاء الحكام وبين رجال حماس الذين أحسبهم من أنقى رجالات العرب، لكن المقارنة حاضرة من ناحية اتخاذ قرارات خاطئة أدت إلى عواقب كارثية على الشعوب.
إن المناصرين لـ “حماس”، ونراهم على الفضائيات كل ليلة، يتفقون على أن بقاءها في حكم غزة- سواء منفردة أو ضمن حكومة وحدة وطنية- هو في حد ذاته انتصار على نتنياهو والجيش الإسرائيلي و”الموساد” ومن يدعمهم في الغرب، لكون أحد أهداف حرب الإبادة على القطاع هو التخلص من الحركة.
أدرك أن “حماس” تختلف عن الرؤساء السابق ذكرهم، فالحكم عندها ليس غاية، وإنما غايتها هي تحرير الأرض وخدمة الشعب، والكل يعلم أنها لمّا شكلت الحكومة الفلسطينية، كانت مستندة إلى رغبة شعبية وبأصوات الناخبين في 2006، وأنه تم الانقلاب عليها بعدها من قبل السلطة.
لكن..
منطق مناصري الحركة في بقائها بأي شكل من الأشكال في موقع المسؤولية، ربما لا يختلف عن منطق من اعتبروا أن بقاء عبد الناصر ومن على شاكلته في الحكم، بعد هزائمهم ونكساتهم، هو انتصار على المؤامرة!
أصحاب هذا الرأي قد لا يدركون أنهم يرتكبون أكبر خطأ تجاه “حماس”، ويضعونها في خانة واحدة مع مهزومي الأمة، ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية بحق شعوبهم.
بعيداً عن حق المقاومة الفلسطينية في انتزاع حقوق شعبها، وأن “طوفان الأقصى” ليست فعلاً، وإنما رد فعل على عقود من العدوان الصهيوني على الشعب الصابر، وبعيدا كذلك عن صعوبة معرفة ما إن كانت شرارة “7 أكتوبر” قد آتت أُكلها أم لا، وفق الحسابات الآنية وليس المستقبلية لـ”حماس”.. فإنه- وبكل هدوء وعقلانية- يجب تقييم دور فصائل المقاومة- وفي القلب منها “حماس”- منذ 7 أكتوبر وحتى الآن.
إنه تقييم ضروري من أجل المستقبل لتجنب أية أخطاء للمقاومة، وتفادي أية حسابات بُنيت على رهانات غير مضمونة، استكمالاً للفصول القادمة من مسارات القضية الفلسطينية والصراع مع الكيان الصهيوني.
أكرر أنه يوماً ما ستتكشف الأسباب والحسابات الحقيقية لـ “طوفان الأقصى”، والتي ما زالت مآلاتها مستمرة على الأشقاء في غزة ونحن نقترب من عام على بدء المذبحة الإسرائيلية، بحصد أرواح عشرات الآلاف من الشهداء، وتسوية مدن القطاع بالأرض، وإنهاء كافة مقومات الحياة فيه.
إن الشكوك تحوم حول ما إن كانت المقاومة الفلسطينية- وعلى رأسها “حماس” – اتخذت قرار العملية بناء على حسابات واقعية تراعي الظرفين المحلي والدولي، وتتيح لها تحقيق الحد الأدنى من المكاسب لشعبها؛ إذ كيف يكون القرار بناء على قواعد المنطق وحسابات الدعم العربي، والواقع يقول إن الحاضنة العربية في معظمها ليست في صف “حماس” وغيرها من المنظمات حاملة لواء الأفكار الجهادية.
وأكاد أجزم أن “حماس” لو كانت تدرك أن تبعات “طوفان الأقصى” ستكون بهذا الشكل غير المسبوق من الإبادة الإسرائيلية، لما قامت بالعملية، أو أجّلتها إلى حين تسمح الظروف الإقليمية والدولية، بوجود دعم حقيقي للمقاومة والشعب الفلسطيني.
لقد أدت الحركة دورها الوطني، أصابت وأخطأت.. ورغم أي أخطاء فلا يستطيع عاقل أن يشكك في وطنية قادتها، وحرصهم على حياة أشقائهم وإخوانهم في القطاع.
وانطلاقاً من هذا الدور الوطني، ومشوارها في مسيرة النضال الفلسطيني، أثق أن “حماس” ستراجع مواقفها وقراراتها بعد أن تضع الحرب أوزارها، لأنها وقادتها ورجالاتها أحرَص من يكون على عدم الوقوع في فخ عبد الناصر وصدام والقذافي والأسد، وكل القادة الذين جلبوا الويلات على شعوبهم وظلوا يرفعون شارة النصر!
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
معذرة من الكاتب مقاربة مختلفة و مقارنة ظالمة ، حماس و قادتها هم رموز حقيقيونو ليسوا “فتيشا” كمن حذرت من نهجهم ، هزيمة الرمز و انكساره هي أولى أولويات العدو هذا من جهة و من جهة أخرى فالحق الطبعي لحماس بعد الطوفان أن تكون قائدة للشعب الفلسطيني
تشكيك الكاتب – فيما هو أقرب لللمز – في حسابات حماس يدل على نفسية مهزومة و على عدم إدارك لأبجديات الحروب ، فلم يذكر في التاريخ – كل التاريخ – أن حسمت معركة كما حسب لها المنتصر أو المهزوم بل كل معارك الإسلام الكبرى – على سبيل المثال – كانت خارج الحسابات
الرسالة خاطئة و أنصح الكاتب بمراجعتها ، فقد اصبح الطوفان و قادته رموزا لا نريدها أن تنكسر و لا أن تتنحى و ذلك غاية العدو