
مسلمو الهند بين عنصرية الحكومة وحقوق المواطنة المسلوبة
بقلم: هديل رشاد
| 23 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 23 سبتمبر, 2024
مسلمو الهند بين عنصرية الحكومة وحقوق المواطنة المسلوبة
إنَّ الأحكام التي أصدرتها محكمة في ولاية أوتار براديش الهندية بالسجن مدى الحياة على 12 مسلما، من بينهم دعاة بارزون، في القضية المعروفة بـ”التحول الديني”، إلى جانب سجن 4 أشخاص لمدة 10 سنوات في القضية ذاتها، في 11 من سبتمبر الجاري، ما هي إلا واحد من بين العديد من إجراءات التمييز، التي تقترفها حكومة الهند الحالية في سياق الحد من النمو الديمغرافي للمسلمين، كالتضييق على جهود التعريف بالإٍسلام وبناء المساجد، والتي يقابلها استقطاب الطائفة الهندوسية من دول جوار الهند للقدوم إلى البلاد، وتقديم تسهيلات للحصول على الجنسية الهندية، للحفاظ على هيمنة الهندوس في أغلب ولايات الهند.
واجهت المجتمعات المسلمة في الهند على مدى عقود جرائم تمييز وعنف طائفي مستمر، تفاقمت في ظل حكم الهندوس والحكومات الذي ترأسها ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند منذ 2014، بناء على تحليل الخبراء. إذ تحرك ناريندرا مودي والحزب الحاكم للحد من حقوق المسلمين، لا سيما من خلال قانون المواطنة الصادر عام 1955 والمعدل عام 2019، الذي يسمح بتسريع المواطنة للمهاجرين غير المسلمين من البلدان المجاورة، والذي عدله البرلمان الهندي بحيث يوفر طريقًا للحصول على الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان.
واقتصر القانون على عدد من الأقليات الدينية التي يُطبق عليها التعديل تشمل السيخ، البوذيين، الفرس والمسيحيين، ولم يتم منح المسلمين مثل هذه الأهلية، وهذا يعد ضربة للدستور الهندي الذي يقدم نفسه بطابع علماني، إلا أنه جاء لينتهك مزيداً من الحقوق التي لابد أن يتمتع بها المسلمون أيضا، الأمر الذي يعد مخالفة للقانون الدولي، والذي وصفته الأمم المتحدة آنذاك بأنه تمييزي.
وسلسلة العنف ضد الطائفة المسلمة في الهند ليست وليدة أيام أو سنوات، بل إنه منذ عام 1947- أي منذ تقسيمها- تحيا الطائفة المسلمة في الهند بين شقي رحى بسبب السياسة التمييزية والعنصرية من جهة، وحقوق المواطنة من جهة أخرى. فقد وثقت عشرات الدراسات حالات العنف الجماعي ضد مجموعات الأقليات، وكشفت قتل أكثر من 10,000 شخص في أعمال عنف طائفية بين الهندوس والمسلمين منذ عام 1950. وفقًا للأرقام الرسمية، كانت هناك 6933 حالة عنف طائفي بين عامي 1954 و1982، وقتل من المسلمين 1598 من إجمالي 3949 حالة أعمال عنف جماعي بين عامي 1968 و1980.
كثيرًا ما يكون العنف ضد المسلمين على شكل هجمات من جانب أفراد العصابات الهندوسية، ويشار إليها على أنها أعمال شغب طائفية في الهند بالاستناد إلى المراقبين الحقوقيين المستقلين، ويُنظر إليها على أنها جزء من نمط العنف الطائفي المتقطع بين غالبية الطوائف الهندوسية والأقلية المسلمة، بالإضافة إلى أنها مرتبطة بزيادة نسبة الإسلاموفوبيا طوال القرن العشرين، الأمر الذي يشكل أحد أبرز الأسباب التي تؤججها عادة حكومة الهند الهندوسية، رغم تعهدات الهند منذ استقلالها التزامها بالعلمانية، لطمأنة شركائها في الشرق الأوسط بشأن الأقلية المسلمة في البلاد، والتي يبلغ تعدادها نحو 220 مليون نسمة.
إنَّ الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين لها جذور ضاربة في عمق الهند، وإن كان الاعتراف بهذه الأزمة -استنادا إلى مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث- قد بدأ في السنوات الأخيرة فقط. وكان الخطاب السائد في الهند أثناء الاستعمار البريطاني وما بعده يدور حول المسلمين الذين يُشار إليهم باستمرار على أنهم ليسوا من السكان الأصليين، على الرغم من الإبلاغ عن المجتمعات الإسلامية الأولى منذ القرن السادس ميلادي.
ورغم سعي الخطاب الرسمي والدستوري في الهند لتبني لغة التكيف، وتقديم الهند على أنها علمانية، فإنها في الواقع- بغض النظر عن الدستور- ظلت غير منسجمة مع مبادئها؛ لأن الحكومات الهندية التي سيطرت عليها من الهندوس قدمت بعض الحقوق الثقافية للأقليات (بما في ذلك المسلمين)، لكنها حجبت عنهم حقوقا أخرى. ووصول ناريندرا مودي إلى الحكم زاد الطين بلة، فذلك كان بمثابة الضوء الأخضر لتمارس حكومته بشكل منهجي التهميش والتحريض على الكراهية تجاه الأقلية المسلمة التي يبلغ عدد سكانها نحو 220 مليون نسمة.
هذه الإجراءات اكتسبت بشكل تدريجي زخمًا على مر السنين، ووصلت إلى مستويات جديدة من الشدة اليوم، لتشمل تضييقا في أبسط حقوق المواطنة في مجالات مثل التوظيف والتعليم والإسكان. ويواجه كثيرون عقبات تحول دون تحقيق السلطة السياسية والثروة، ويفتقرون إلى نيل الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، وغالبا ما يكافحون من أجل ضمان العدالة بعد تعرضهم للتمييز، على الرغم من الحماية الدستورية.
وبعد استهداف المسلمين والتحريض عليهم بالعنف، غالبًا ما يفلت الجناة من العقاب، وقد تم تفعيل الإفلات من العقاب من خلال تواطؤ الشرطة، وعدم التحقيق، والاستهزاء بالإجراءات القانونية، ما أدى إلى عدم مقاضاة الجناة. وهكذا يُجبر المسلمون على تحمل المسؤولية وتقاسم اللوم في أعمال العنف ضد ما يسمى بأعمال الشغب الهندوسية، وهي في الأساس أعمال عنف ضد الإسلام والمسلمين.
وكجزء من التضييق على المسلمين انخفض تمثيل المسلمين في البرلمان الهندي على مدار العقدين الماضيين؛ فبعد انتخابات 2019 شغل المسلمون 5% فقط من المقاعد، ويرجع ذلك جزئيا إلى صعود حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، الذي بحلول منتصف عام 2022 الماضي لم يعد يضم ممثلين له من المسلمين في البرلمان.. كما ألغت المحاكم والهيئات الحكومية الإدانات في بعض الأحيان، أو سحبت القضايا التي اتهمت الهندوس بالتورط في أعمال عنف ضد المسلمين، وأقرت بعض الولايات الهندية بشكل متزايد قوانين تقيد الحريات الدينية للمسلمين، بما في ذلك القوانين المناهضة للتحول الديني، وحظر ارتداء الحجاب في المدارس، بحسب تقرير لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث.
ختاماً..
إنَّ مسلمي الهند لا يزالون يتعرضون لهزات عنيفة من العنف الطائفي الذي يزلزل استقرارهم، ويزيدهم خشية على أنفسهم وعلى ذويهم بسبب حالات القتل والاغتصاب التي يتعرض لها أفراد المجتمعات المسلمة في الهند، وفي المقابل تستقطب الدول العربية- والخليجية على وجه الخصوص- أعدادا من العمال والموظفين، وأغلبهم من الهندوس الذين يحولون مليارات الدولارات سنوياً إلى بلادهم بفضل عملهم وفي ظل تعايش مثالي.
فهل قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية من قبل الدول العربية والخليجية قد يدفع بحكومة ناريندرا مودي لإعادة النظر بسياستها الداخلية، التي تزيد من اضطهادها لمواطنيها من المسلمين يوما بعد يوم؟!
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
لعنة الله عليهم وعلى من والاهم .. بارك الله فيكي استاذه هديل تسليط قلمك على الإجرام الذي تمارسه الطوائف القذره على الإسلام
شكر الله لك هذا العمل أ. هديل ونرجو المزيد من تسليط الضوء على هذه الأحداث التي تبين للعالم كله أن كثير مما يدندنون بالعلمانية انهم يعانون الإسلاموفوبيا ومعاملة المسلمين معاملة سيئة
أحمد خليل (باحث إعلامي بدار الإفتاء المصرية)