أصوات المسلمين تواجه أصوات اليهود
بقلم: مدونة العرب
| 19 أغسطس, 2024
مقالات مشابهة
مقالات منوعة
بقلم: مدونة العرب
| 19 أغسطس, 2024
أصوات المسلمين تواجه أصوات اليهود
يواصل معظم اليهود الأمريكيين دعم المرشحين الديمقراطيين، ما يعكس المواقف الليبرالية لهم.
في وقت ليس ببعيد، كان يهيمن على وسائل الإعلام التي تغطي الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية تحليلات حول دور ما يسمى بـ”أصوات اليهود” في السباق الانتخابي.
كان اليهود الأمريكيون يتمركزون في ولايات انتخابية رئيسية مثل نيويورك وكاليفورنيا وإلينوي، وكانت الفكرة السائدة هي أنهم سيتبرعون بالأموال لمرشحيهم المفضلين، وبما أن عددًا كبيرًا منهم يشارك في التصويت، فإن أصواتهم قد تُحدث فرقًا في سباقات الرئاسة والكونغرس المتقاربة، وبما أن اليهود الأمريكيين يدعمون إسرائيل، فإن المرشحين الرئاسيين سوف يتخذون مواقف مؤيدة لإسرائيل لاستقطاب هذه الفئة الناخبة.
إلا أنه في واقع الأمر، نادرًا ما ساعد التصويت اليهودي في تغيير نتائج الانتخابات، لكن وجود الكتلة التصويتية ساهم في تعزيز الاعتقاد بأن إسرائيل استفادت من دور اليهود في العملية الانتخابية الأمريكية.
على أي حال فإن التغيُّرات الديمغرافية الكبرى أدت إلى تقليص قوة التصويت اليهودي، لا سيما فيما يتعلق بالحزب الديمقراطي الذي زاد اعتماده في الانتخابات على أصوات الأمريكيين من أصل أفريقي، واللاتينيين، والمسلمين. لذلك، لم يكن مفاجئًا أن تكتسب أصوات المسلمين أهمية أكبر هذا العام، خاصة في السباق على أصوات المجمع الانتخابي في ولاية ميشيغان، حيث نجد أن عدد الناخبين المسلمين والعرب في هذه الولاية أكبر من عدد الناخبين اليهود.
والخلاصة هي أن الديمقراطيين يحتاجون إلى ولاية ميشيغان من أجل الفوز في الانتخابات الرئاسية، وهذا يتطلب عدم إثارة غضب الناخبين المسلمين، الذين انتقدوا بشدة السياسات المؤيدة لإسرائيل التي ينتهجها الرئيس الديمقراطي جو بايدن. واتهم هؤلاء الناخبون الرئيس بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لارتكاب “إبادة جماعية” ضدّ السكان العرب في قطاع غزة أثناء الحرب هناك، وأطلق بعضهم على الرئيس لقب “جو الإبادة الجماعية”.
لقد تبنى هذه الانتقادات للسياسات المؤيدة لإسرائيل أعضاء الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي بقيادة السيناتور بيرني ساندرز (ديمقراطي من ولاية فيرمونت)، بالإضافة إلى أعضاء ما يسمى “الفرقة” (مجموعة غير رسمية تضم تسعة أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب)، الذين كانوا يطالبون البيت الأبيض بخفض المساعدات العسكرية لإسرائيل. ولم يُخفِ بعضهم- مثل عضوة الكونغرس رشيدة طليب (ديمقراطية من ولاية ميشيغان) وإلهان عمر (ديمقراطية من ولاية مينيسوتا)- عداءهم العميق تجاه الدولة اليهودية.
وهذا يفسر تجاهل بعض الديمقراطيين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث قاطع نصف النواب في الحزب خطابه الأخير أمام جلسة مشتركة للكونجرس، كما رفضت نائبة الرئيس كامالا هاريس تولّي مسؤولية الجلسة.
لقد مارس الناشطون المسلمون والتقدميون الديمقراطيون ضغوطًا على هاريس لدفعها لعدم اختيار جوش شابيرو، حاكم ولاية بنسلفانيا الشهير، كمرشح لمنصب نائب الرئيس، بحجة أنه مؤيد لإسرائيل إلى حدّ كبير، وبالفعل رفضت ترشيحه. ومن هذا الجانب، فإن هاريس تمثل الوجه الجديد للحزب الديمقراطي بتحالفه الذي يضم الناخبين الأمريكيين من أصل أفريقي واللاتينيين والشباب الناشطين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية.
ينتمي كل من الرئيس بايدن ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي (ديمقراطية من كاليفورنيا) إلى الحرس القديم من الديمقراطيين، الذين تشكلت نظرتهم السياسية للعالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية وتأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. وبالنسبة لبايدن وبيلوسي وغيرهما من الديمقراطيين الأكبر سنًّا، فإن ذكرى الهولوكوست وإسرائيل التقديمية الناشئة بعد عام 1948، هي التي أثرت على وجهات نظرهم بشأن الصراع العربي الإسرائيلي.
أما في نظر العديد من الديمقراطيين الأصغر سنًّا، الذين بدأت رحلتهم السياسية بعد حرب 1967 العربية الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، فإن إسرائيل تؤخذ على أنها “قوة استعمارية” تقمع السكان الفلسطينيين “الأصليين”.
وفي الوقت نفسه، تشير استطلاعات الرأي العام إلى أن الأمريكيين من أصل أفريقي، والأمريكيين من أصل إسباني، هم أقل تعاطفًا مع إسرائيل، حيث يتعاطف بعضهم مع الفلسطينيين وينظرون إليهم باعتبارهم من ذوي البشرة الملونة من “العالم الثالث”، في حين يتم النظر إلى الإسرائيليين باعتبارهم أشبه بالمستوطنين البيض من أصل أفريقي في جنوب أفريقيا، إبان نظام الفصل العنصري.
لقد تبنى الحزب الجمهوري، الذي يعكس جزئيًّا موقف المسيحيين الإنجيليين، موقفًا مؤيدًا لإسرائيل، حيث كان ذلك واضحًا من التصفيق الحار الذي حظي به نتنياهو من أعضائهم في الكونغرس خلال خطابه في الكابيتول هيل.
بالنسبة للجمهوريين، يُنظر إلى إسرائيل باعتبارها المركز المؤيد لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط، والتي تقف في وجه التهديدات العالمية المتمثلة في الإسلام المتطرف والعدوان الإيراني. وإن آراء الجمهوريين بشأن إسرائيل تقترب نوعًا ما من آراء أعضاء حزب الليكود اليميني، حيث يدعو بعضهم إلى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى إسرائيل.
ومن المفارقات العجيبة أن أغلب اليهود الأمريكيين عندما يتعلق الأمر بالتصويت فإنّهم يواصلون دعم المرشحين الديمقراطيين وفقًا لمواقفهم الليبرالية، فقد صوت أغلبهم لصالح بايدن في انتخابات 2020، ومن المتوقع أن يصوتوا لصالح هاريس هذا العام.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق