نشمي “الكرامة” وكسر قواعد اللعبة

بقلم: هديل رشاد

| 9 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: هديل رشاد

| 9 سبتمبر, 2024

نشمي “الكرامة” وكسر قواعد اللعبة

بددت عملية “معبر الكرامة”، التي نفذها الشهيد الأردني البطل ماهر ذياب الجازي الحويطات (39 عاما)، صباح أمس قرب معبر اللنبي (جسر الملك حسين) بين الأردن والضفة الغربية، وهمَ تصفية وتهميش القضية الفلسطينية لدى شعوب العالم الحر الشريف، كما كان يظن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخاصة في تلك الدول التي يرتبط كيانه المحتل معها في اتفاقيات سلام.

فإنَّ ما قام به سائق الشاحنة الأردني من تصفية ثلاثة إسرائيليين قرب معبر اللنبي- أو جسر الملك حسين- في “عملية الكرامة”، يؤكد أنَّ اتفاقيات السلام ليس لها وزن  لدى الشعوب في حال لم يحترمها الجانب الإسرائيلي، الذي يعربد في قطاع غزة منذ قرابة العام دون أن ينصاع إلى أي اتفاقية دولية، تصنف ممارسات جيشه “الأكثر أخلاقية” في قطاع غزة على أنها جرائم حرب! فلماذا تكون الاتفاقيات في هذه الحالة عاجزة عن أن تقوم بدورها أمام سيكوباتية هذا الجيش المحتل؟!. ويكون مسدس الشهيد البطل ماهر الجازي بالمرصاد، وأكثر نفعا من أسلحة بأيدي جيوش جرّارة، وجهتها حكوماتها لقمع مواطنيها، ومنعهم من التظاهر ضد الاحتلال.

إنَّ عملية “معبر الكرامة” كانت من العمليات النوعية، التي نفذها أحد الأبطال من خارج غزة والأراضي المحتلة، الثائرين والغيورين على دم إخوتهم الفلسطينيين الذين تراق دماؤهم، دون أن يحرك العالم ساكناً للرد على جرائم الاحتلال النازي المتوالية على قطاع غزة، من تدمير البنى التحتية إلى التهجير القسري، بل واستهداف المدنيين بحجة القضاء على عناصر المقاومة من حركة المقاومة الإسلامية حماس.

هذه الجرائم التي تمادى الاحتلال بارتكابها من منطلق “من أمِن العقوبة أساء الأدب”، كانت بمثابة التأشيرة  لنقل جرائمه إلى الضفة الغربية، سعيا لاستئناف مخططاته لاحتلالها وتهويد المسجد الأقصى، وليخلق منها غزة ثانية في ظل انعدام قوى الردع من قبيل تجميد اتفاقيات السلام، أو فرض عقوبات كما عوقبت روسيا لحربها على أوكرانيا، الأمر الذي- بلا شك- أشعل نار الغضب في جوف كل نفس حرَّة رافضة للانبطاح الذي تبديه الدول في غالب الأمر.

العملية جاءت ردا على تلك الجرائم، كما أنها رسالة رفض لمخططات الاحتلال وأطماعه التوسعية في فلسطين والأردن، فضلا عن أنها تعد انتصارا للحق الفلسطيني ولشهداء فلسطين.

لقد نزلت  عملية “معبر الكرامة” كالصاعقة على حكومة اليمين المتطرف وسياساتها، وكانت أمرا متوقعا بعد ممارساتها الإرهابية والعدائية التي تدعو إلى التصعيد في المنطقة، ابتداء من جرائمها النازية في غزة والضفة الغربية، وتدنيس المسجد الأقصى برعاية إيتمار بن غفير وقطعان المستعمرين، وصولا إلى تنفيذ مخططاتها وتوسيع دائرة أطماعها لإلغاء الضفة الغربية من على الخارطة، إلى جانب الانتهاكات بحق الأسرى في سجون الاحتلال، وعلى وجه الخصوص سجن مجدو، وسجن وسيدي تيمان.

كل تلك الممارسات مجتمعة شكلت عوامل ودوافع لتنفيذ مثل هذه العمليات التي لم ولن تتوقف، ولن يتمكن الاحتلال بمنظومته الأمنية والاستخباراتية من السيطرة على هذا النوع من العمليات، الذي يعرف بـ”الذئاب المنفردة” ويعد من التكتيكات التي تؤرق إسرائيل، لا سيما وأنها لا تستطيع تقدير الشخوص ومكان وزمان وهدف تلك العمليات، لذا من الصعب التصدي لها.

 إنَّ دولة الاحتلال، وبسبب بذور الشر والحقد التي زرعتها في المنطقة، من الصعوبة عليها بمكان أن تجني ورودا؛ فهي بسبب سياساتها لن تنعم بالاستقرار ولا بالأمن، فالذي يوازي جرائمها الممنهجة حيال الشعب الفلسطيني هي العمليات الاستشهادية، التي لن تكون حكرا على الفلسطينيين، بل إنَّ ما قام به ماهر الجازي سيدفع كثيرين لأن يحاكوا فعله توقاً إلى الشهادة، ورفضا لجرائم الاحتلال، ونبذا للصمت العربي المذل.

فقد شهدت الشهور الماضية محاولات تسلل من الجانب الأردني نحو إسرائيل، ونقلا عن إذاعة الجيش الإسرائيلي فإنَّه في أبريل 2024 جاء مسلح من الأراضي الأردنية، وأطلق النار على دورية تابعة للجيش الإسرائيلي دون وقوع إصابات، ودون أن يجتاز السياج الحدودي. وفي 2010 استُهدفت سيارة السفير الإسرائيلي وطاقمه الدبلوماسي في منطقة العدسية، القريبة من جسر الملك حسين، بعبوة ناسفة كانت بالقرب من السيارة الإسرائيلية حين انفجارها، وفي عام 1990 اقتحم مواطن أردني موقعا اسرائيليا بعد أن اجتاز الحدود الأردنية وأطلق النار، ما أدى إلى قتل جندي إسرائيلي.. وفي هذا السياق، توقع أحد الخبراء العسكريين الأردنيين تكرار هذه العملية، مشيرا إلى أنَّ هذه الأحداث ما هي إلا بداية نهاية إسرائيل.

إنَّ إرادة الشهيد البطل ماهر ذياب الجازي الحويطات -سائق شاحنة- كسَّرت قواعد اللعبة، وأظهرت فشلاً أمنياً جديدا يضاف إلى سلسلة إخفاقات إسرائيل المتتالية، التي -ومع كل فشل يُنتهك فيه أمنها- تحاول أن تتملص، وتتوجه باللائمة لما أسمته بمحور الشر، وكأنها تحيا بجناحي ملاك وسط كومة من الوحوش والغيلان، متناسية بذور الشر التي حفرت لها بمخالب شيطانية، لتنبت كراهية وحقداً وانتقاماً نهايته مقرونة بزوالها.

ختاما..

إنَّ ما قام به الشهيد البطل ماهر ذياب الجازي الحويطات يمثله قول الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم حوالي :

سأحمل روحي على راحتي   وألقي بها في مهاوي الردى

فـإمـا حـيـاة تسـرّ الصـديـق   وإمّـا مـمـات يغـيـظ الـعـدى

ونفس الشـريف لها غايتـان   ورود الـمـنـايا ونـيـلُ الـمنى

1 تعليق

  1. HUSSAIN MOHD

    بارك الله فيكي وبقلمك الجميل أستاذه هديل

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...