
المقاومة الفلسطينية: طوفان العدل ونجاة الحق
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 31 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 31 أغسطس, 2024
المقاومة الفلسطينية: طوفان العدل ونجاة الحق
بقي الطوفان من بعد نبي الله نوح رمزًا لإرادة الله التي تعصف بالظلم وتنصر المغلوب وتطهّر الأرض من الدنس والفساد، رمزا لتربة طاهرة تنبت واقعا بلا قهر. وبقيت سفينته رمزًا لنجاة صاحب كلمة الحق في زمن الجحود، واليقين بالعدل في زمن الشك.
قال تعالى: ﴿كذّبت قبلهم قوم نوحٍ فكذّبوا عبدنا وقالوا مجنونٌ وازدجر * فدعا ربّه أنّي مغلوبٌ فانتصر * ففتحنا أبواب السّماء بماءٍ منهمرٍ * وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر * وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ * تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر * ولقد تركناها آيةً فهل من مدّكرٍ * فكيف كان عذابي ونذر﴾ [القمر: 9- 16].
وها هي مقاومتنا الباسلة، “نوح” هذا الزمان، صامدة وصابرة، كذّبها حتى من أيقنوا سنة الله في كونه، يغضون الطرف عما أنبأهم به ربهم، يعرفون الحق وثلته الطاهرة ويحيدون، وفي معارك الله قعدوا مع القاعدين! وها هي قد زجرها حتى من هم من عشيرتها، ينهونها بغلظة وشدّة! إلا غزة كانت أول من آمن بالمقاومة، بل غزة وحدها من آمنت، ورأت واقعا لهذا العالم خارج سياق الظلم والقهر، ولأجل ذلك تموت على عين القريب والبعيد وتدعو ربها أن “يا الله، مغلوبة فانتصر”، وتزيد فوق ذلك وتقول: “اللهم إني بلّغت، اللهم فاشهد”، وكأنها أقامت حجتها على الناس أجمعين.
إن الطوفان الكبير قادم لا محالة، ولن يمرّ أيضا كحدث عابر، وغزة ليست كأي أرض منذ الآن، بل منذ أن أعدّت، بل منذ أن خلقت. هي الجودي الذي ترسو عنده قلوب الأحرار، وكل من لا يأوي إليها سيغرق وإن كان منها بمنزلة ابن نوح من نوح، وستبقى المقاومة- سيدة غزة وسيدة هذا الطوفان وسفينته- عصية على الانكسار، عصية على الأمواج، وعصية على الغرق.. وسيبقى رجالها مشاعل نور تضيء درب التحرير لكل من يأتي بعدهم، فهم البحارة الأشاوس الذين أعلنوا للعالم أجمع أن الحق لا يضيع، وأن الطوفان سيجرف كل من يقف في طريقه، وسيعيد للأمة عزها وكرامتها.
المقاومة ستبقى سفينة كل غزاوي، تثأر لجراحه وأحبابه وشهدائه، وبيته المدمر، ومسجده وحيّه وبحره.. بل لكل فلسطيني كذلك.
ستثأر لكل من عاش الظلم والاضطهاد، لكنه لم يستسلم ولم يترك قضيته مهما اشتدت عليه المحن، مدركاً أن طريق الحق معبّدٌ بالتضحيات، وأن النصر وعدٌ من الله لمن صدق ووفّى، وأن شروقاً جديداً لوطننا حتماً سيسطع من جديد بعد الطوفان.
المقاومة ستبقى سفينة المستضعفين في كل المنطقة والعالم، تماماً كطوفان نوح عليه الصلاة والسلام. هذه المعركة التي بدأها أولئك الرجال بإيمانهم الراسخ وصدق نواياهم، بدمائهم وأرواحهم، لن تحرر فلسطين والقدس والمنطقة فقط، بل ستعمّ كل هذه الأرض. كيف لا وأمريكا هي قطب العالم الأوحد وعدوّة المستضعفين الأولى والأخيرة، وإن بحثت عن جذر الظلم في كل قضية ستجد إصبعاً، بل يداً، بل جسداً كاملاً لأمريكا، من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى السودان إلى مصر إلى إفريقيا مسلوبة الثروات، إلى كل شبر فيه من المظالم ما فيه… بعد طوفان فلسطين سيشرق العدل في كل هذه الأرض، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ثم لا مكان للمنافقين في تلك السفينة، لا لأنهم يتمنّعون، بل لأن السفينة نفسها تلفظهم وتلفظ عار خيانتهم، فلا مكان فيها إلا لطاهر وشريف. وفي مواجهة المنافقين الذين يسعون لتحريف الرسالة وتحويل الحق إلى باطل، نجد أولئك الثابتين على مواقفهم، الذين يدركون أن المعركة ليست على الأرض فقط، بل هي معركةٌ على المبادئ والقيم والعقيدة أيضاً؛ فما صنعه أبطالنا ليس إلا امتدادًا لتلك الإرادة التي أرادها الله عز وجل، ليكون طوفانًا يعصف بالظالمين والمستبدين والمحتلين، ويطهر الأرض من دنسهم.
نعم، الطوفان القادم الذي بدأه أبناء الأرض المباركة هو بداية النهاية لهذا الكيان الغاصب، ومن خلفه أمريكا وقوى الظلم والكفر. وهذا نداء إلى كل حر وشريف في الأمة، في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ الأمة، علينا أن نستذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر”، فإن كان الفاجر يسخَّر لخدمة الدين، فكيف بأولئك المؤمنين الصادقين الذين نذروا حياتهم للدفاع عن مقدساتهم وأرضهم؟ إنهم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم، الذين أقسموا أن يعيشوا كراماً أو يموتوا شهداء، وأن يتركوا لأجيالهم القادمة إرثًا من العزة والكرامة لا يمحى.
هذا نداء لكل حر.. أن اقترب.
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
سقط الغرب وأدواته في الشرق والفضل لله ثم لرجال الطوفان هذه الحقيقة الأكيدة نسأل الله أن تبقى غزة قلعة صامدة صابرة عصية على الاحتلال وأذنابه
مقال رائع وملهم. بارك الله فيك أستاذنا الفاضل أدهم أبو سلمية ، ونسأل الله تعالى أن يعجل بالفرج والنصر لإخواننا في فلسطين، ولكل من جاهد من أجل العدل ومن أجل مقدساتنا، وضد الظلم والطغيان.