عنصرية في الملاعب الأوروبية

بقلم: أسامة السويسي

| 14 نوفمبر, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: أسامة السويسي

| 14 نوفمبر, 2024

عنصرية في الملاعب الأوروبية

قامت الدنيا ولم تقعد في أوروبا بسبب “تيفو” رفعه جمهور باريس سان جيرمان الفرنسي، كتب عليه “الحرية لفلسطين”، قبل مواجهة النادي لفريق أتلتيكو مدريد الإسباني في منافسات دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

كما رفعت جماهير سان جيرمان لافتة أخرى كُتب عليها “الحرب على أرض الملعب، لكنّ السلام في العالم”، ورسالة أخرى جاء فيها “هل حياة طفل في غزة أقل شأناً من حياة طفل آخر؟”. وعلى ملعب حديقة الأمراء في باريس، ظهرت لوحة ضخمة في المدرجات حملت شعار “الحرية لفلسطين”، كما ضمت اللوحة رسما للمسجد الأقصى وأحد المقاومين الفلسطينيين وخارطة فلسطين، إضافة إلى علم لبنان.

وكان رد الحكومة الفرنسية سريعا عبر وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الذي غرد على منصة إكس “لا مكان لهذه اللافتات في ملاعب كرة القدم، هذه الرسائل محظورة وفقا للوائح المنظمة للكرة في فرنسا وأوروبا”. وأضاف: “أطالب باريس سان جيرمان بتوضيح موقفه، وأطالب الأندية بضمان عدم إلحاق السياسة ضررا بالرياضة، التي يجب أن تبقى سببا للوحدة”.

واستند الوزير الفرنسي في موقفه إلى حظر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) استخدام الإيماءات، أو الكلمات أو الأشياء أو أي وسيلة أخرى، لنقل “رسالة استفزازية” تعتبر غير مناسبة لحدث رياضي، وخاصة الرسائل ذات الطبيعة السياسية أو الأيديولوجية أو الدينية أو الهجومية. لكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لم يتفق مع ما ذهب إليه الوزير الفرنسي، وقال: “لن يُفتح إجراء انضباطي لأن اللافتة المرفوعة لا يمكن اعتبارها استفزازية أو مهينة في هذه الحالة بالذات”.

المفارقة هنا أن أحداً لم يحرك ساكناً، ولم يتحدث بأي عبارة، عندما كانت السياسة تدخل في صلب الرياضة بسبب حرب روسيا على أوكرانيا، بل إن ملاعب أوروبا، وبدعم شامل من الاتحاد الدولي والاتحاد الأوروبي، كانت تدعم رفع أعلام أوكرانيا في المدرجات، بل وسمحت لقادة المنتخبات الأخرى بوضع شارة قيادة المنتخب الأوكراني على أذرعهم خلال المباريات الدولية.

هذه هي المعايير المزدوجة التي تحكم الملاعب الأوروبية، وهي ليست بغريبة عليهم، لأنهم اعتادوا ممارسة العنصرية المقيتة في كل شيء. وانكشف هذا بوضوح وبشكل غير مسبوق في تغطية وسائل الإعلام الأوروبية -وخصوصا الألمانية- للاشتباكات التي وقعت عقب مباراة أياكس أمستردام الهولندي مع مكابي تل أبيب التابع للكيان الصهيوني.

الوقائع موثقة بالصوت والصورة، وتكشف عنصرية وكراهية شديدتين من جانب مشجعي فريق الكيان الصهيوني، الذين تعمدوا ترديد هتافات تدعو لقتل العرب، والإشادة بما يقوم به جيش الاحتلال من تدمير وقتل للأطفال والأبرياء في قطاع غزة، بل وقاموا بتمزيق وحرق أعلام فلسطين، التي يرفعها مناصرون للقضية الفلسطينية في العاصمة الهولندية.

ركزت وسائل الإعلام الغربية على رد فعل وليس على الفعل، وحملت التغطية سردية واحدة جاء فيها: “وقعت يوم الخميس هجمات ضد جماهير إسرائيلية في أعقاب مباراة مكابي ضد أياكس أمستردام، وأدانها العالم باعتبارها أعمال عنف معادية للسامية، وأسفرت الأحداث عن اعتقال 68 شخصا، تتراوح أعمارهم بين 18 و37 عامًا ويعيشون في هولندا، بحسب الشرطة الهولندية”.

هذا هو الوجه الحقيقي للغرب، فهو دائما يكشف عن عنصرية وتحيز سافرين، فيدين رد الفعل ويتجاهل الاعتداء الحقيقي، تماما كما هو الحال فيما يحدث داخل الأراضي المحتلة.. فمن حق المحتل أن يفعل ما يشاء ويسرق وينهب ويقتل ويدمر، لكنْ ليس من حق صاحب الأرض أن يدافع عن بلده وأرضه وعرضه!

أسامة السويسي

ناقد رياضي بقناة الكاس

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...