رضوى عاشور.. أطياف من سيرة صائدة الذاكرة

بقلم: محمد عبدالعزيز

| 10 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: محمد عبدالعزيز

| 10 أغسطس, 2024

رضوى عاشور.. أطياف من سيرة صائدة الذاكرة

شيء ما جذب جيلي إلى الروائية رضوى عاشور، وأحاول أن أُجمل هذه الأسباب التي تبدأ مع البراعة الأدبية في فن الرواية.

فقد قرأتُ مثل كثير من الرفاق روايتها “ثلاثية غرناطة”، ولقد وُلدت هذه الرواية بوجدان رضوى في لحظة حادة من الوعي، وُلدت وهي تشاهد على شاشة التليفزيون قصف بغداد بالطائرات، والأرجح أن المشهد فتح بابًا للذاكرة، فالتقت المشهد مشاهدُ مثيلة: قصف الطائرات الإسرائيلية سيناء عامي 1956م و1967م، وقصف لبنان عامي 1978م و1982م، والقصف المتصل للمخيمات وقرى جنوب لبنان.. ماذا لو عاشت رضوى وهي ترى العدوان الإسرائيلي على غزة؟ 

لمعت فكرة رواية “ثلاثية غرناطة” في لحظة رؤية القصف والعدوان، وهي ترى سؤال النهايات وشعور العجز والخوف ووعي التاريخ المهدِّد، وكانت الكتابة لديها ضربًا من ضروب الدفاع عن النفس التي تلجأ إليه المخلوقات بشكل غريزي حين يداهمها الخطر، الكتابة هنا كانت احتياجًا نفسيًّا صرفًا.

وبكيتُ عندما كنت أقرأ رواية “الطنطورية”، التي لم أكن أتخيل أن ما تحدثت عنه مجازر حقيقية نفذها الصهاينة في بداية حكمهم فلسطين المحتلة، لقد كانت الرواية مدخلًا لي لفهم تجربة طويلة وعريضة وتاريخية من معاناة الفلسطينيين.

في ديسمبر عام 1977م تعيَّن على رضوى الحصول على إقامة لابنها تميم، وهو لم يتجاوز شهره السادس، وكان زوجها الشاعر مريد البرغوثي الفلسطيني قد رُحِّل من مصر في أثناء زيارة السادات إلى إسرائيل، وهكذا ترى كيف عاشت رضوى معاناة فلسطين في حياتها الشخصية، واطلعت على مأساة الفلسطيني.

في عام 1995م يلتحق ابنها بالجامعة المصرية ويُسجَّل وافدًا أجنبيًّا، وكانت ثمانية وعشرون عامًا قد مضت على رضوى وهي تدرّس في الجامعة المصرية.. علَّمت آلافًا من طلابها، ومن بين أعضاء هيئات تدريسها عشرات ممَّن أشرفت على رسائلهم لنيل الماجستير والدكتوراه.. مفارقة مدهشة ومُرَّة، وهي ترى ابنها أجنبيًّا عن جامعتها وبلدها!

ثم رأيتُ رضوى تُطلُّ مع زوجها الشاعر مريد البرغوثي في برنامج “وحي القلم”.. كنتُ فتى في الجامعة، وانبهرتُ بهذا الحديث الأدبي المتدفق من الشاعر والابن تميم، والسيدة رضوى رحمها الله. ذات مرة حكى لي صديقي شادي أن إحدى دور النشر طلبت منه كتابة فصل في كتاب جماعي، وكاد أن يعتذر، لكن حينما علم أن المكافأة ستكون زيارة للسيدة رضوى وافق على الكتابة حتى يراها ويتعرف إليها.

لدى رضوى عاشور بيت ثقافة، هو جدها عبد الوهاب عزام، صاحب الكتابات الأدبية الراقية، ككتابه “ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام”، وهي تشترك مع أيمن الظواهري في الجد، وينتميان لعائلة مصرية عريقة هي عائلة الظواهري، التي منها شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري، وابن عم جدها هو عبد الرحمن عزام، السياسي الكبير ومؤسس الجامعة العربيَّة وأول أمين عام لها.

يحكي أيمن الظواهري في سيرته “فرسان تحت راية النبي” أن الكاتب والمحامي فتحي رضوان ترافع عنه في قضية مقتل السادات، وساعتها قال له فتحي رضوان: إن عائلة عزام هي إحدى عائلتين يعتز بمعرفتهما في مصر، أما العائلة الثانية فهي عائلة علوبة.

من أوائل كُتب رضوى “الرحلة”، عن بعثتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حكت فيه مشاهدات الغربة، قرأتُه وأنا أقف في منطقة التجنيد أنتظر دوري في الطوابير الطويلة.. فتحَتْ منديلها المعقود وكتبت عن الغرب بعيون امرأة مختلفة، تختلف عن طه حسين وتوفيق الحكيم ورفاعة الطهطاوي، وتكتب وهي في سن الرابعة والثلاثين وهي منتبهة إلى البُعد الإمبريالي والاستعماري للغرب وأمريكا.

لقد عشتُ مع روايات رضوى عاشور- كرواية فرج- قصة التحولات الاجتماعية في مصر وتاريخ الجامعة المصرية، تذكّرني بروايتها تلك مشاهدُ الجامعات في أمريكا، وقصص حكايات الطلبة في مصر. وبالمناسبة، هذه رواية من أجمل روايات رضوى رحمها الله، فقد حكت فيها عن صراع الطلبة والسياسة.

وفي الرواية قصص عن “سهام صبري”، واحدة من زعماء الحركة الطلابية، ردّت على أحمد كمال أبو المجد حين دعا إلى فض اعتصام بقوله “سأنقل أسئلتكم للسيد الرئيس السادات، وسأحمل إليكم ما يتفضّل به من إجابات”، وإذا بصوت سهام ينطلق كالرمح فيصيب إصابة مباشرة: “إن كنتَ تعترف بأنك مجرد بوسطجي تحمل الرسائل إلى رئيس الجمهورية ثم تعود بما يتفضّل به من رد، فنرجو أن تبلغه أن الطلبة سيبقون حيث هم، لن يغادروا الجامعة حتى يأتي شخصيًّا ويرد على أسئلتهم”.

هكذا كانت أرواح الطلبة المتمردة على العالم، يجازفون قبل أن ينزلوا نهر الحياة الذي يصيب القلب بالجُبن والشيخوخة، وحينما أرى مظاهرات الطلبة أفكر دائمًا في النفوس الثائرة التي تطلب المستحيل، وتدافع عن كرامة الإنسان.

وفي رواية رضوى عاشور مرورٌ على تجربة الإحباط التي سادت بعد فشل الحركة الطلابية، وكان الاقتباس المفضَّل لي من هذه الرواية قولها: “ولكنني أكره العدمية، وأكره تَيئيس الناس عندما يسقط الإنسان هو شخصيًّا في اليأس، فيعلن هكذا بخفة وبساطة أن كل مسعى يلجأ إليه الناس لخلق معنى لحياتهم ليس سوى أوراق توت!”.

ولقد سعدتُ وأنا طالب في الجامعة بأن أكتب إليها رسالة تعبّر عن حبي لرواياتها وإعجابي بما تكتبه، خصوصًا أنها حطمت أي طموح لديَّ حتى أكون روائيًّا، فقد شعرت بأن كتابتها مختلفة، ولقد أحببت عوالم رضوى عاشور الأخرى، حيث لم تكن روائية فقط، بل ناقدة أدبية تكتب دراسات عن أحمد فارس الشدياق، وتكتب عن غسان كنفاني ونجيب محفوظ، وهذا الجانب من الشهادات والدراسات يجعلها متعددة المواهب في فنون الكتابة.

ذات مرة، اقتنيتُ كتابًا بعنوان “تأملات في الفن الإسلامي”، تحرير الروائية أهداف سويف، وإصدار متحف الفن الإسلامي في الدوحة، وفكرة الكتاب شيقة جدًّا، إذ جرت دعوة سبعة وعشرين شاعرًا وفنانًا ومؤرخًا ومفكرًا وعالمًا من مشارب مختلفة لزيارة متحف الفن الإسلامي واختيار قطعة من المقتنيات المعروضة لكتابة مقال أو قصيدة عنها.. قرأتُ في هذا الكتاب مقالات للمؤرخ إيريك هوبزباوم، الذي كتب عن لوحة، وكتبت رضوى عاشور عن مَقْلمة أندلسية، وكتب وسلافوي جيجك عن طبق تراثي.

رضوى عاشور تصف إحسان عباس

تحكي رضوى عاشور عن الكاتب إحسان عباس، ابن قرية عين غزال، الذي التقتْهُ أولًا عبر كُتُبه، وهي تدرس في العشرينيات من عمرها، قرأَتْ كتابه عن السيّاب، وكتابه عن شعراء المهجر (بالاشتراك مع محمد يوسف نجم)، وكتابه عن فن الشعر، ثم لاحقًا كتابه الموسوعي “تاريخ النقد الأدبي عند العرب”، ثم كتبًا كثيرة كانت تتوقف عندها في مكتبة الكلية، تُمنّي النفس بقراءتها ذات يوم.

لم تلقَه رضوى شخصيًّا إلا في عمان مطلع التسعينيات من القرن العشرين شيخًا يتجاوز السبعين، يتكئ على عصا، يمشي ببطء، تتركز قوة الحياة في لمعة عينيه الصغيرتين المنتبهتين، وفي زيارتها الأولى إلى بيته استوقفتها المكتبة الكبيرة التي تغطي الجدار من أسفله إلى أعلاه، واستوقفها التكوين الحييّ لرجل مذهل في اتساع معارفه، يعرف كثيرًا وهو خجول كأنه لا يعرف.

كان إحسان خافتًا متواضعًا كأنه أقل الجالسين شأنًا في البيت بين الأصدقاء، وفي دعوة على العشاء أو الغداء تتطلع إليه رضوى، عبثًا تحاول أن تتتبع في صوته أو نظرة عينيه أو حركة رأسه أو يده سلطته بوصفه أستاذًا، لا سلطة ظاهرة، بل شيخ عذب هادئ وحيي.. هل كان حياؤه هو السبب- وهو الشاعر بالفطرة- في مراوغة الشعر والهروب من كتابته؟ تتساءل رضوى.

وتوضح أن إحسان، حتى في سيرته الذاتية، تَوارى خلف مجريات ووقائع، لم يُفِض في الحديث عن نفسه. أجمل ما في التجربة في عنوان دال: “غربة الراعي”، كأنه ترك لمفردتَيْ العنوان أن تُحيلا إلى جوهر التجربة بالمركّب من معانيها، رجل خجول يحوّل دفق مشاعره تجاه الحياة واللغة والثقافة إلى دراسات تقصر عنها كتيبة من الباحثين، كما تقول رضوى.

وتضيف في كتابها “لكل المقهورين أجنحة”: “تعلمت من كتب إحسان الكثير، ثم تعلمت أكثر من عذوبته وهدوئه وتواضعه وأناقة روحه وحيائه المدهش، نُقل لي عن الدكتور إبراهيم شبّوح، الباحث التونسي الكبير، الذي يقيم حاليًّا في عمان، أنه في زيارة مؤخرة له لإحسان عباس، وكان إحسان مريضًا في فراشه، واهنًا يفلت منه الوعي والذاكرة، جلس شبّوح بجواره يحدثه في محاولة لاستعادته، ردد شبوح شعرًا لابن حمديس الصقلي، قال: ذكرت صقلّيةً والأسى يهيّج للنفسِ تذكارَها. 

توقف شبّوح، لم ينتقل إلى البيت التالي، فنظر إليه إحسان عباس وهو بين الحضور والغياب، وأكمل: ولولا ملوحةُ ماء البكا حسبتُ دموعيَ أنهارَها.

حتى النهاية إذًا، حيث فُقدت كل التفاصيل، لم تغب ذاكرة الفقد”.

بقيت “عين غزال”، التي كان يتحاشى إحسان الحديث عنها، حاضرة إلى اللحظة الأخيرة. وبمعادلاته المدهشة واصل ابن قرية “عين غزال” صنع التمائم، تمائم على طريقته الخاصة، كل تميمة منها كتاب يؤلفه أو يحققه، دراسة جديدة أو نص قديم يُحييه بتدقيقه وتحقيقه ونشره بين الناس.

خلّف إحسان عباس في مراعي غربته صرحًا ثقافيًّا يؤنس وحشة الآخرين، منحه لهم ثم رحل وحيدًا وغريبًا… في هدوء!. أختم بقول عرفني إيّاه الدكتور علاء مصري النهر، قال: “كان علّامة دمشق النَّفَّاخ، يقول: إحسان كله إحسان”.

إدوارد سعيد في طنطا!

لم تعرف رضوى عاشور عن إدوارد سعيد إلا في مطلع الثمانينيات، عندما قرأت كتاب “الاستشراق”، أسرها الكتاب، وتذكر أنه أسر كل طالب أو طالبة أشارت عليه بقراءته، وحين درّست رضوى أجزاء منه، ومن كتاب إدوارد سعيد “الثقافة والإمبريالية” لطلاب الفرقة الرابعة، وطلاب السنة التمهيدية للماجستير في درس النقد الأدبي، أدهشها أن غالبية الطلاب ترغب في مواصلة الدراسة مستخدمة “منهج” إدوارد سعيد.

قدَّمت رضوى عاشور إدوارد سعيد لطلاب الفرقة الرابعة في زيارته الأولى لجامعة عين شمس (وهي على ما تذكر لقاءه الأول بطلاب جامعة عربية)، كان ذلك في عام 1988م، علمت رضوى بوجوده في القاهرة، ودون أي معرفة شخصية اتصلت به تلفونيًّا وعرّفته بنفسها، وسألته إن كان يقبل أن يقدم محاضرة لطلابها في القسم، أدهشها قبول إدوارد السريع، وأدهشها أكثر فرحته وإقباله على الطلاب والمحاضرة.

بدا أنه أستاذ أجنبي زائر يستمع له الطلاب بهدوء، ويحجمون وجلًا عن طرح الأسئلة، ثم كسر سعيد حاجز الغُربة بيسر غريب، أو ربما كسر أولئك الطلاب والطالبات المصريون في جامعة عربية غربته.

راحوا يطرحون عليه الأسئلة بالإنجليزية، وبدأ يجيبهم بالإنجليزية، ثم أخذ إدوارد يخلط الإنجليزية بالعربية، ثم ذهب إلى العربية بشكل كامل.. تخبرنا رضوى أن سعيد تألق، وتألق الطلاب في حضرته، وسرى في قاعة الدرس ذلك الوهج الآسر بين أستاذ وطلاب، أو بين أساتذة صغار السن وطالب منصت، وإن اعتلى منصة المحاضِر.

ثم تحكي رضوى عاشور عن إشراف إدوارد سعيد على أطروحة الدكتور هاني حلمي، وقد قابلتُ الدكتور هاني في طنطا وأنا طالب في كلية الآداب بقسم التاريخ، ورأى معي الدكتور هاني كتاب “علامات أخذت على أنها أعاجيب”، وهو كتاب في النقد الأدبي للكاتب فرانكو موريتي، فابتسم لي وقال: لقد درسني أحد الفصول في أمريكا واندهشت عندما عرفت عن علاقته بإدوارد سعيد، ثم قرأت قصة ابتعاثه كما تحكيها رضوى:

“في نفس الليلة سألت إدوارد سعيد: ما رأيك في الإشراف على طالب من جامعة طنطا؟

تدخلت أستاذة كبيرة بمزيج من الدهشة والاستنكار: طنطا؟!

قال لها إدوارد: ولكن أين هاني؟ اتفقنا أن يلتقي به هاني حلمي في الثامنة صباح اليوم التالي، في الفندق الذي ينزل به.

حين عاد هاني من كولومبيا وانتهى من رسالته وأرسل نسخة منها إلى إدوارد سعيد لكي يكتب له تقريره عن صلاحية الرسالة للمناقشة. قال هاني: لن يأتي إدوارد، لا أتصور أنه مع شواغله ووضعه الصحي يأتي من نيويورك للمشاركة في مناقشة رسالتي، ولكني كنت واثقة بأنه سيأتي. قلت لنفسي: عينا إدوارد لا تخطئان أبدًا في التقاط القيمة، سيقرأ الرسالة فيأتي، لن يُفوِّت هذه المناقشة.

في نوفمبر 1998م جاء إدوارد سعيد إلى القاهرة، وانتقلنا بالقطار إلى طنطا، بصحبة الدكتورة هدى جندي والدكتورة فريال غزول، العضويْن الخارجييْن في لجنة الامتحان.. جرت المناقشة في كلية الآداب جامعة طنطا في مدرج مكتظ بطلاب الجامعة، وطلاب وباحثين وصحفيين قدِموا من القاهرة والإسكندرية وغيرهما.. حصل هاني على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، مع التوصية بطبع الرسالة وتبادلها مع الجامعات”.

انتهى حديث رضوى، وقد سعدت بهذه القصة لأنني تخرجت في جامعة طنطا، وكان بحث تخرجي في الماجستير بجامعة حمد بن خليفة في الدوحة عن إدوارد سعيد والاستشراق، ورأيتُ في طنطا كذلك الدكتور محمد عناني والدكتور ماهر شفيق فريد في مناقشة رسالة دكتوراه عن شعر “ت. إس. إليوت”.

وقد كتبت رضوى عاشور عن الجامعة، وما تقدمه لها في حياتها، فهي تمنحها ما لا تستبدل به شيئًا، تمنحها قاعة الدرس لحظات مدهشة يمتد فيها جسر التواصل بين الطلاب وبينها، وفي اللقاء تأنس الروح وتُطلق نوارسها معلنة لقاء اليابسة بالماء، تعلمهم رضوى شيئًا وتتعلم منهم أشياء، ثم تتساءل: مَن اليابسة ومن الماء؟!

ثم إن الجامعة تمنح كاتبتنا زهو الأم يوم عرس الولد- أو البنت- يوم يناقش رسالة الماجستير أو الدكتوراه التي تقدم بها وأشرفت عليها، ترى الولد متألقًا بعلمه فتستطيل قامة رضوى كأنها جدة تستقبل ولادة الحفيد ويغمرها الفرح وهي ترى الحياة تتجلَّى.

ولكن رضوى تعترف بأن الجامعة تجور على الكتابة وتقتطع من حقها بقسوة لا ترحم، وتعيش رضوى بين الكتابة والجامعة ممزقة كزوج الاثنتين، قاعة الدرس وإنجاز طالبة متميزة علّمتها في البدء ثم نمت وفاتتها وتجاوزتها، وهذا يبدِّد وحشة الواقع، ولكن الكتابة تبدِّد الوحشة أكثر.

وأحب تلخيص رضوى عاشور لمسيرتها مع الكتابة بقولها:

“قلتُ إني أحب الكتابة لأني أحبها، وأيضًا لأن الموت قريب، قلتُ إن الواقع يُشعرني بالوحشة، وإن الصمت يزيد وحشتي، والبوح يفتح بابي فأذهب إلى الآخرين، أو يأتون إليّ، وألمحت أنني أكتب لأنني منحازة (أعي العنصر الأيديولوجي في ما أكتب وأعتقد أنه دائمًا هناك في أي كتابة)، ولكن لو سألتموني الآن هل تكتبين لكسب الآخرين إلى رؤيتك.. سأجيب بلا تردد: ليس هذا سوى جزء من دوافعي، أكتب لأني أحب الكتابة، وأحب الكتابة لأن الحياة تستوقفني، تدهشني، تشغلني، تستوعبني، تربكني، وتخيفني، وأنا مولعة بها”.

محمد عبدالعزيز

مهتم في مجال السير الذاتية والمذكرات

1 تعليق

  1. جمال البرغوثي من من تكساس

    شكرا للاخ محمد عبد العزيز على هذا المقال الجميل الثري بالذكريات والاسماء وعبق التاريخ.
    اسعدني الحظ بان اعيش في القاهرة بين ١٩٨٦ و ١٩٩٣ وبحكم العلاقة العائليةً والشخصية بالمرحوم مريد الذي كان في بودابست على طول كنت ازور الدكتورة رضوى يرحمها الله في بيتها المتواضع في حي المهندسين ليس بعيدا عن مسجد الدكتور مصطفى محمود …. وكان صالون رضوى في كل زيارة عامرا بالأدباء والفنانين ونجوم السينما …. كانت رضوى تتألق في مشاركاتها الادبية والسياسية والاجتماعية وتستمر الجلسة للساعات الاولى من الفجر تكون عندها الطريق الى المعادي حيث كنت اسكن اقل اكتظاظا .

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...