11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 13 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 13 سبتمبر, 2024
11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بعد مرور أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر 2001، لا تزال تلك اللحظة الفارقة تثير تساؤلات حول تأثيرها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وعلى السياسة العالمية بشكل عام. فهل استوعبت الولايات المتحدة الدروس المستفادة من تلك الكارثة؟
يبدو أن الإجابة ليست مشجعة.. فمنذ ذلك الحين، تستمر واشنطن في ارتكاب الأخطاء التي أسس عليها منفذو الهجمات تبريراتهم، وهي الأخطاء ذاتها التي تكررها اليوم. كما أشار المفكر السياسي فرانسيس فوكوياما إلى أن “الولايات المتحدة أخفقت في استيعاب الدروس الحقيقية المستفادة من هجمات 11 سبتمبر، وكان ردها مشحونًا بتوجهات إمبريالية، دفعتها نحو سياسات الهجوم الاستباقي وتعزيز الحروب، بدلاً من التفكير في أسباب الكراهية المتصاعدة تجاهها”.
منذ تلك الهجمات، قادت الولايات المتحدة سلسلة من التدخلات العسكرية التي أسفرت عن نتائج كارثية على العديد من الدول والمجتمعات، من غزو أفغانستان والعراق إلى التدخلات الجزئية في اليمن وأفريقيا، تحت شعارات “مكافحة الإرهاب” ونشر الديمقراطية، وكانت نتائج هذه التدخلات تدميرية في معظم الأحيان؛ فقد أدت إلى تدمير بنية تلك الدول، وتشريد أهلها وتفتيت النسيج المجتمعي فيها، وخلقت فراغًا أمنيًّا استغلته الجماعات المسلحة للانتشار بشكل أوسع.
اليوم، نجد أن العمليات المسلحة قد تضاعفت خمس مرات مقارنة بما كانت عليه قبل تلك الأحداث. ويبرز هنا الانسحاب الأمريكي المُهين من أفغانستان في عام 2021 دون تحقيق الأهداف المعلنة، شاهدًا على هذا التخبط الاستراتيجي الذي طالما اتسمت به السياسة الأمريكية الخارجية، كما حذر وزير الخارجية الأسبق كولن باول قائلًا: “هذه السياسات لن تؤدي إلا إلى مزيد من التطرف وزيادة التوترات العالمية”.
إضافة إلى التدخلات العسكرية، اختارت الولايات المتحدة تعزيز علاقتها بإسرائيل، ودعمها اللامحدود لوجودها كقوة احتلال في قلب العالم العربي، وذلك على حساب شعوب المنطقة. هذا الأمر ساهم في تدمير سمعة الولايات المتحدة الأمريكية لدى هذه الشعوب، التي تشاهد الدعم العسكري والغطاء السياسي الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. واللحظة التي تحدث فيها نتنياهو- المتهم بجرائم حرب وفق المحكمة الجنائية الدولية- من على منصة الكونغرس، وما صاحب ذلك من تصفيق حار له لأكثر من 53 مرة من قبل أعضاء الكونغرس، كانت لحظة فارقة في مكانة الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العالمي.
فكيف يستقيم لدولة تدعو إلى الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والمساواة أن تضع نفسها في هذا الموقف، متجاهلةً الخسائر البشرية الهائلة في الأراضي الفلسطينية، حيث يفقد مليونا إنسان كل أشكال الأمن بسبب السلاح الأمريكي الذي تستخدمه إسرائيل في عدوانها؟ هذا الدعم الأمريكي المستمر جعل واشنطن شريكًا رئيسيًّا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، كما أشار الصحفي الأمريكي جون بيلجر إلى أن هذا الدعم “يمثل انتهاكاً للقيم الأساسية التي تدّعي الولايات المتحدة أنها تمثلها”.
ورغم رفع الولايات المتحدة شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن سياستها الواقعية تُبرز تناقضًا واضحًا مع هذه المبادئ؛ فقد دعمت الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي، وتجاهلت تطلعات الشعوب نحو الحرية، خاصة خلال ثورات الربيع العربي. وقد كان دعم الولايات المتحدة للنظام المصري، بعد انقلاب 2013، مثالًا صارخًا على تغليب مصالحها الاستراتيجية على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكما أكد المفكر نعوم تشومسكي، فإن “الولايات المتحدة تركز أكثر على حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية على حساب الحركات الديمقراطية الحقيقية”.
تجاوزت التدخلات الأمريكية حدود الشرق الأوسط لتشمل مناطق أخرى من العالم؛ ففي أوروبا وآسيا تمارس الولايات المتحدة دورًا رئيسيًّا في تأجيج الصراعات العالمية.. الحرب في أوكرانيا- على سبيل المثال- أعادت شبح الحرب الباردة إلى الواجهة، مع تصاعد التوترات بين واشنطن وموسكو. وفي آسيا، زادت التوترات مع الصين بسبب قضية تايوان، ما يهدد باندلاع نزاع عالمي جديد. وقد حذر هنري كيسنجر قائلاً: “إذا استمرت الولايات المتحدة في انتهاج سياسات المواجهة بدلاً من الحوار، فقد تصل إلى مواجهة غير محسوبة مع الصين”.
في ظل هذه السياسات المتصاعدة، تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة، قد تجعل استمرارها كقوة مهيمنة أمرًا مشكوكًا فيه. العالم اليوم بحاجة ماسة إلى التعاون والحوار لمواجهة تحديات كبرى مثل تغير المناخ والأوبئة، إلا أن السياسات الأمريكية تسهم في تقسيم العالم بدلًا من توحيده.. الدماء التي تسيل في غزة، والصراعات المتأججة في أوكرانيا وتايوان، تعكس حالة من الفوضى العالمية التي تتفاقم بفعل التدخلات الأمريكية. ويبدو واضحًا أن الولايات المتحدة غير قادرة على مغادرة المربع الذي وضعت فيه العالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو الذي عرف بـ “ليل أمريكا الطويل”.
اليوم، وفي الذكرى الثالثة والعشرين لأحداث 11 سبتمبر، يبقى السؤال مفتوحًا: متى ستتعلم الولايات المتحدة الدروس من ماضيها؟ أم إنها ستستمر في تجاهل تحذيرات العالم لها، التي بلغت ذروتها مع حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وحالة العزلة التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية اليوم بسبب مواقفها؟
ويمكن القول إن العالم، بعد 23 عاماً من ذلك الليل الطويل، بدأ يبحث جديًّا عن بزوغ الفجر، والدفع نحو نظام دولي جديد تتعدد فيه الأقطاب، وتتوازن فيه القوى، بعد فشل النظام الليبرالي الغربي في خلق عالم هادئ ومستقر.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
نتمنى النصر للعرب والعزة لهم ونتمني ان يطوروا مجتمع
العرب التقني
arabtechmod.blogspot.com