
أزمنة السنوار ومقتنياته في أخيلة الشعراء
بقلم: إبراهيم الدويري
| 6 نوفمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: إبراهيم الدويري
| 6 نوفمبر, 2024
أزمنة السنوار ومقتنياته في أخيلة الشعراء
من بداية طوفان الأقصى دخلت مفردة “السنوار” التداول الشعري والحديث اليومي، وأضحت المفردة بموسيقاها المميزة تدل على قوة الشكيمة والعزيمة والحسم والفتك، وظلت تترسخ مع طيلة عام الطوفان وتنتشر آخذة مدلولات تفخيمية على وقع بطولات أهل غزة وثباتهم، وبعد استشهاد السنوار البطولي ومشهده الملحمي الأخير تحول السنوار وكل متعلقاته إلى أيقونات شعرية تبارى الشعراء في تخليد المشهد ومحاولة الوصول إلى أبعاده الشعرية المجسدة فيه بجلاء.
تساءل الشعراء في مراثيهم الكثيرة للشهيد القائد المشتبك يحيى السنوار عن الأزمنة التي ينتمي لها حقا، فحياة أبي إبراهيم الملحمية من البداية وحتى رميه للعصا في وجه المسيرة كلها مشاهد لا تنتمي عندهم لزماننا المحاط بالذل والهوان، كما أضحى لمقتنيات السنوار ومشهده الوداعي الأخير دلالات رمزية ألهمت الشعراء.
اعتاد الشعراء في مراثي قادة الجهاد المعاصرين أن يستدعوا غالبا أزمنة الفاروق ومشاهد الصحابة والفاتحين وصلاح الدين الأيوبي لإضفائها على الشهداء الراحلين وبطولاتهم، لكن السنوار بسبب اسمه ومحطات حياته وطبيعة عدوه اليهودي وعظمة غزوته الطوفانية أرجعه كثير من الشعراء إلى أزمنة الأنبياء.
نجد العودة بالسنوار إلى زمن الأنبياء في مرثية الشاعر الفلسطيني الكبير تميم البرغوثي في قصيدة “رمى بالعصا”، وقد جعل البرغوثي حياة السنوار بكل تقلباتها العجيبة امتدادا لحيوات الأنبياء، فالسنوار عنده قد لقي في حياته من العناء والبلاء ما لقي الأنبياء لكنه فاز في نهاية المطاف كما يفوز الأنبياء في خواتيم حياتهم، فهو من أولئك الكرماء الذين يجني عليهم الدهر ثم يقف إجلالا عند رحيلهم مصليا عليهم ومسلما، مثل:
أبي القاسم المنفي عن دار أهله… وموسى ابن عمران وعيسى ابن مريما.
وهذه العودة نجدها أوضح عن الشاعر اليمني المبدع معاذ الجنيد في قصيدة “طوفان السنوار”، وهي ملحمة شعرية ارتقت إلى نفسية السنوار وحياته الملحمية، ففي السنوار اجتمعت آيات طوفان نوح وعصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب، وتلك آيات جعلت مُشاهد القائد السنوار يحسب أنه يرى “مشاهدا حية من عالَم الرسل”.
ويسترسل الجنيد في قصيدته العظيمة مستحضرا قصة نوح وسفينته، وموسى وعصاه، جاعلا غزة بحرا انفجر في وجه الغزاة، ويوسف الصديق وسجنه الذي جعله محطة للتمكين ومدرسة “للأخلاق والْمثُل”، ليختم القصيدة ببيت يلخص علاقة السنوار بأزمنة الأنبياء:
سبحان من جعل السنوار معجزة … كونية وعصاه مضرب المثل.
وقد تكرر في المراثي ربط يحيى بسميه النبي يحيى بن زكريا في أخذ الكتاب وكل شيء بقوة، وحتى في نفس العدو، فيقول أحدهم:
هنيئا لك الفوز الذي أنت أهله …. فقد منحتك الفوز صهيون يايحيى
وإن قتلوك اليوم غدرا مرابطا …. فقد قتلوا يحيى وقبل أبا يحيى
وقد حالوا قتل النبي محمد… لكي يقتلوا الإنسان والنور والوحيا
أما مقتنيات السنوار فقد هيمنت العصا على مشهد رثاء السنوار، وأضحت مضربا للمثل، وهذا ما نجده في مرثية الشاعر الموريتاني لمرابط الدياه “حوار مع عصا السنوار”
مع السنوار ظلت في جوار عصا السنوار تبدي ما يواري
كسيف أبي دجانة وهي تسطو.. على الأعداء والأسد الضواري
عصا السنوار للأعداء كانت … تسوقهم إلى دار البوار
وأضحت “عصا السنوار” محل تأويل وحوار شعري كثيف ضمنه الشعراء رسائل حزنهم على القائد الشهيد ونعي الزعماء واستنهاض همم الأمة، ففي القطعة اللطيفة لشاعر الرسول أحمد مولود ولد أكاه، قراءة واعية “للرمية ذات الأبعاد”، كما أحاط الشاعر الدكتور أحمد والي في قصيدة “المسبحة” بكل المقتنيات السنوارية.
كثرت مراثي السنوار؛ ففي كل بلد عربي ذرفت عليه القوافي دموعها وافتخرت بمواقفه القصائد، ولم يكن الشعراء في رثاء أبي إبراهيم محتاجين لأخيلة مجنحة ولا ابتكار صور شعرية، فقد كان مشهده الختامي فوق كل الأخيلة، وكانت جلسته ورميه بالعصا صورة شعرية أبلغ من كل قول.
إلى هذا المعنى أشار الشاعر الموريتاني الموهوب شاعر الطوفان أحمدُو النانه أحمد يغي في قصيدته “سلام على يحيى”
أتبلغُ شأوَ الخالِدينَ القصائد … وقد حاصرتها في الدروب المقاصد.
خلودٌ تمنّته المئاثرُ والعلى…. وعزُّ تملَّتْ وجنتيْه الفراقد
ودمعٌ على دمع تخيطُ حروفَه … شُجونٌ تُداني تارةً وتٌباعدُ
وفي مرثية أستاذنا الشاعر الدكتور الشيخ أحمد البان تثوير حماسي لمعنى اشتباك القادة الذين يستبطئون الشهادة في سبيل الله فيأتون إليها في مرابعها يعدون ركضا، وهو إقدام يجعل القائد الواحد المستبسل يبدو في عين عدوه جيشا عرمرما، بينما يراهم هو بعين شجاعته حثالة تفر من وجهه وهو في آثارهم يعدو….
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق