لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
بقلم: سليم عزوز
| 15 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 15 سبتمبر, 2024
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر للتعامل مع زوجة أبيه، ولن يعرف قيمة الدكتورة فوزية عبد الستار، إلا من يجد نفسه مضطراً للاشتباك مع إبراهيم الهنيدي.
الأولى كانت رئيسة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب المصري حتى برلمان 1995، والثاني هو رئيس اللجنة ذاتها الآن، وكلاهما اشتبك مع الصحافة، فواجهت الأولى الحملة عليها ببلاغة وخطاب راق، بينما الأخير كشف عن ركاكة في التعبير وعنجهية في السلوك؛ كما لو كان لا يزال قاضياً على المنصة، يتعامل مع من يخل بنظام الجلسة، أوشك أن يصدر أمره بوضع نقيب الصحفيين في القفص!
عندما أصدرت لجنة الشؤون المذكورة بيانها البوليسي ضد نقيب الصحفيين المصريين، زميلنا خالد البلشي، لموقفه- الذي يُذكر فيُشكر- ضد مشروع قانون الإجراءات الجنائية سيئ السمعة، الذي أعدته اللجنة رغم ما به من عوار دستوري، اندفعت للوقوف على اسم رئيس اللجنة، ومن لنا غير جوجل في هذه الحالة؟. فلم أجد على النار هدى، ولك أن تتخيل أن جوجل لم يتعرف على اسم رئيس لجنة معتبرة، في برلمان، الأصل فيه أنه معتبر، وفي بلد بحجم جمهورية مصر العربية، فلا تجد على النار هدى!. فكان عليَّ أن أستعين بصديق؛ حيث ذكر لي أن اسمه “المستشار إبراهيم الهنيدي”!
أزمة المحجوب وبلاغته:
عندما بحثت عن اسم الرجل اكتشفت أنه شغل مواقع رسمية، فهو قاض سابق (75 عاما)، وقد عُيّن وزيراً للعدالة الانتقالية في عهد ما بعد يونيو 2013 لفترة وجيزة، وعاد مرة أخرى للقضاء، ومن منصب سياسي إلى وظيفة تحرم على شاغلها الاشتغال بالسياسية، قبل أن يخرج للتقاعد لبلوغه سن السبعين، فتم تعيينه عضواً بمجلس النواب بقرار رئاسي، ليترأس المعين رئيس لجنة في برلمان الأصل فيه أنه منتخب.
يذكرني هذا بأزمة الدكتور رفعت المحجوب في برلمان 1984، وقد كان ضمن العشرة المعينين، وقد تم اختياره رئيسا للمجلس، فكان موضوعاً لصحافة المعارضة، ولأساتذة في الفقه الدستوري. وإزاء هذه الحملة فإن مبارك استقبل في القصر الجمهوري أحد الأساتذة المتخصصين وكان من كتاب “الوفد”، وربما استدعى غيره، وسأله إن كان الدستور يمنع، ليجيبه بأن عدم وجود المانع الدستوري، لا يعني الإباحة المطلقة، فمن أبغض الحلال أن يتولى معين رئاسة منتخبين، وإن لم يميز الدستور بين العضو المنتخب والمعين!
وأدرك مبارك حجم خطئه، فتدارك الأمر مع البرلمان الجديد بعد ثلاث سنوات، وترشح الدكتور رفعت المحجوب للعضوية، ليكون رئيساً للمجلس لبرلمان 1987- 1990!
وقد لا تكون هذه هي المشكلة في حالة المستشار هنيدي، إنما المشكلة في أن السلطة الحالية تجد الدفء العاطفي في الشخصيات القضائية التي لا تهوى الظهور، وتفتقد للكاريزما، فتُستدعى لشغل الوظائف العليا. ويكفي العلم أن رئيسَي البرلمان بغرفتيه (النواب والشيوخ) هم من القضاة السابقين، وقد أحيلا إلى التقاعد لبلوغ السن القانوني (70 عاما)، لتكون هذه الوظائف العامة بمثابة مكافأة نهاية الخدمة، على خدمات قدموها.
ونعرف الخدمات التي قدمها كلٌّ من رئيسَي مجلسي الشيوخ والنواب، لكننا لسنا مطلعين على السجل الوظيفي للأستاذ هنيدي، ليجد وظيفة مرموقة بعد سن السبعين، وهو سن يكون من المناسب فيه أن يعيش المرء مع نفسه، ويلاعب أحفاده، ويشكر مبارك، الذي مد في سن الإحالة إلى المعاش للقضاة من ستين إلى سبعين عاماً، على مراحل؛ فمنعه من الوقوف أمام باب نقابة المحامين، والطواف على المحاكم، وكنا نتندر أن عوض المر، رئيس المحكمة الدستورية العليا، بجلال قدره، عندما أحيل إلى المعاش في سن الستين، وسعى للقيد بنقابة المحامين، فقد أدى اليمين الدستورية أمام حارس على النقابة الفرعية رقيق الحال، متواضع الخبرة القانونية، لكن ماذا يمكن أن يعمل المرء بعد سن السبعين؟!
ما يفعله الأستاذ “هنيدي” أنه يجمع الأموال شهرياً كأنها “طوابع بريد”، فيجمع بين الراتب والمكافآت وبدل حضور الجلسات لكونه عضواً في البرلمان، مع معاشه في القضاء، ومعاش الوزير، واللهم لا حسد!
“بعد ما شاب”..
والأهم هنا أننا صرنا أمام سلطة تغيّب السياسة تماماً وتزدريها؛ فكيف يمكن لقاض، بدأ حياته الوظيفية منذ الشباب إلى الهرم، يحظر عليه القانون العمل بالسياسة والاشتغال بها، أن يتحول (بعد ما شاب) إلى مواقع، السياسة هي الأصل في شاغليها؟!
لكنها روح المرحلة التي ترى أمانها الشخصي في هذه الشخصيات، ولهذا كان طبيعياً أنني عندما سمعت عن صدور بيان للجنة الدستورية والتشريعية يهاجم نقيب الصحفيين وهرولت لجوجل، لم أتوصل لاسمه، وبالبحث بالاسم وليس بالصفة، وجدته شغل وظائف عدة، منها وظيفة سياسية بالأساس (منصب الوزير)، دون أن يترك أثراً، أو يسجل حضوراً على أي مستوى، ثم إنه يصدر بياناً يتسم بالرعونة، وهو يخاطب نقيب الصحفيين، ويتهمه بأنه يتستر خلف جدار الحرية، فأثبت تواضعه في التعبير، ولعله وهو ينحت هذا المصطلح الغريب ظن نفسه رفعت المحجوب، صاحب الأسلوب الرفيع، والعبارات الموسيقية، الذي- مع الاختلاف معه- لم يجادل أحد في قدراته الهائلة في هذا المضمار!
يُحدِث النائب الجديد الشيخ يوسف البدري شغباً في القاعة، فيخاطبه: “يوسف أعرض عن هذا”، ويقف مدافعاً عن نفسه في قضية اتهام شقيقه بالفساد فيقول: “لا تكونوا كأورشليم التي قذفت كل نبي بحجر.. أما مصر فلن تكون أبداً كأورشيلم”. ويستقبل مبارك بعد جولة خارجية بالقول: “أيها العائد من الخليج ترنو ببصرك إلى المحيط، مرحباً بك عائداً من الدار البيضاء”.
وكنا في شبابنا نستمع إلى خطبه، فإذا ببلاغاته تأخذنا إلى السماء؛ فإن من البيان لسحرا، دون أن يتمكن هذا السحر من أن يدفعنا لحبه، أو ننسى للحظة أنه من أدوات الديكتاتورية الحاكمة، لكن لن يعرف قيمة الرجل إلا من يتعامل مع الحالة الحالية.. مرحلة زوجة الأب!
وقد عُرف القضاء المصري بالبلاغة، وإذ كنت في فترة من حياتي شغوفاً بالحصول على الأحكام الخاصة بقضايا الرأي العام، فإنه ليدهشنا هذا الشح المطاع في خطاب هنيدي!
أزمة فوزية عبد الستار:
عندما ثارت الجماعة الصحفية على قانون الصحافة 93 لسنة 1995، والذي صدر من البرلمان بعد تمريره من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية برئاسة الدكتورة فوزية عبد الستار، وقفت رئيسة اللجنة في البرلمان تهاجم حملة الصحفيين ضدها، فتقول في بلاغة: “أنا لا أدعو الله أن يسامحهم.. لأني لا أرجو الله أن يسامحهم”!
وكانت هذه المعركة تاريخية بالنسبة لنقابة الصحفيين، فالجمعية العمومية ظلت في انعقاد دائم، إلى أن تم التراجع عن هذا القانون، بالقانون 96 لسنة 1996، وكانت هذه المرة الأولى التي هزم فيها مبارك، وكسر عناده، وهو من قال عندما طُلب منه التراجع عن القانون، إنهم لا يبيعون ترمسا، يصدرون قانونا ثم يتراجعون فيه!
وطوت السلطة ملف فوزية عبد الستار، فلم تعد إلى البرلمان في انتخابات 1995، وهي شخصية كانت حاضرة في مجالها، ولها أكثر من عشرين مؤلفاً في اختصاصها كأستاذة للقانون الجنائي، في حين أنني لم أعثر للجالس على كرسيها الآن على أي مؤلف قانوني بحسب جوجل!
لقد أصابتها لعنة الصحافة!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق