
الكيان المحتل ينصف يحيى السنوار!
بقلم: هديل رشاد
| 21 أكتوبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 21 أكتوبر, 2024
الكيان المحتل ينصف يحيى السنوار!
قال تعالى: {ويمكرون ويمكر اللَّهُ واللَّه خير الماكرين} [سورة آل عمران]..
حقيقة، لم أجد خيرا من هذه الآية لتلخص ما قام به جنود إسرائيليون حينما سرّبوا صور الشهيد القائد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي وثقت استشهاده، فما كانت هذه الصور إلا الأداة التي فضحت سردية إسرائيل على رؤوس الأشهاد، وأبطلت مزاعم دولة الاحتلال أنَّ القائد السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى يختبئ في الأنفاق، لا يأبه لشعبه الغزي، ويتخذ من الأسرى الإسرائيليين دروعا لحمايته.
كان مكر الله لهم بالمرصاد، ليدفعهم سلوك النصر اللحظي لنشر صور القائد الشهيد دون استشارة قادتهم العسكريين، الذين يُراقبون نشر المعلومات الحساسة، فكيف حينما يكون الأمر متعلقا بالقائد الشهيد يحيى السنوار، وهو على رأس قائمة المطلوبين لدى إسرائيل، وهوالذي هندس عملية طوفان الأقصى، وكسر شوكة المحتل، وخلق صورة نمطية مغايرة عن الجيش الذي لا يقهر، ليؤكد أنه يُقهر بالعزيمة، وبالإيمان المطلق بعدالة القضية الفلسطينية، وبـ {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله وعدوَّكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم} [سورة الأنفال].
فهذه الصور التي سُرّبت من جنود إسرائيليين استطاعت أن تسخر من أجهزة العدو الاستخباراتية، وأبطلت روايتهم التي كانت ستنتشر لو لم ينشر الجنود الصورة، بأنهم اغتالوا السنوار، وهم بالحقيقة قتلوه بمحض الصدفة، والدليل أنهم لم يتعرفوا عليه إلا بعد تحليل الحمض النووي.
إنَّ المشهد الأخير الذي سجل آخر لحظات الشهيد القائد يحيى السنوار لو علم الجنود الإسرائيليون- والذين من المحتمل أن يعاقبوا على ما فعلوه- أنه سيجعل الشهيد القائد يحيى السنوار بطلا عالمياً، وأيقونة تحمل كل معاني النضال والمقاومة وهو يمتشق سلاحه، وينظر بعيني صقر رغم إصابته واحتضاره، لما نشروه، إلا أنَّ الله أراد أن ينصفه من سابع سماء، فيُبثّ المشهد ليظهر لنا وللعالم أجمع مقاوما يجلس على أريكة أحد المنازل المدمرة.
يظهر مرتديا جعبة عسكرية، ويتخذ من الكوفية الفلسطينية لثاما لا يُظهر سوى عينيه بنظرة المتحدي، لنلحظ استخدامه لسلك كهربائي لوقف نزف ذراعه التي أصيبت خلال المواجهات، ليكون آخر مشهد له مشهد أسطوري، حيث قذف- وبكل ما أوتي من قوة- طائرة استطلاع بعصا، حتى ينتهي المشهد فيسطر التاريخ اسم الشهيد القائد يحيى السنوار بأحرف من ذهب، فكانت هذه النهاية فخرا لكل مسلم شريف، نهاية تليق بتاريخ يحيى السنوار، نهاية منصفة من الله العلي القدير، لرجل سخر سنوات حياته للذود عن أرضه ومقدساته منذ 1982، مستغلا مدة اعتقاله في زنازين الاحتلال لفهم أفكارهم، وتعلُّم لغتهم حتى أقسم يوما أنه سيكسر السلك “خاوه” أي رغما عنهم.
ويحقق ما عاهد الله عليه، فيكسر كل الأسلاك رغما عن الصهاينة ورغما عن داعميهم من العرب قبل الغرب، ليأخذهم بغتة بعملية طوفان الأقصى برا وجوا، العملية التي كشف للعالم من خلالها بالفعل لا بالقول أن المقاومة قادرة على تضليل أجهزة العدو الاستخباراتية. ثم يحظى بالشهادة، وكأنها هدية ربانية لرجل صدق ما عاهد الله عليه، فهو الذي كان ملحّا على الله أن يلقاه شهيدا على أن يلقاه سقيما عليلا، فعاش كما يحب ومات على ما تمنى.
إنَّ الصور التي سربها الجنود أسهمت في تعزيز صورة قادة المقاومة في أذهان الأجيال القادمة، وهذه الثواني المعدودة كبّدت إسرائيل خسائر كبيرة، وهي التي تحاول أن تكرس مبالغ طائلة لما تسميه الاستثمار في معركة المعلومات والوعي عالميا، ولا سيما في الجامعات؛ فمشهد القائد الشهيد يحيى السنوار أذكى الوعي لدى فئة من المثقفين والناشطين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، الذين أصيبوا بالصدمة عندما أظهرت الصور أن السنوار ليس مختبئا في الأنفاق كما كان يدعي الجيش الإسرائيلي وجنرالاته، ولا فرَّ هاربا إلى خارج قطاع غزة بعد أن ورط شعبه في هذه الحرب غير المتكافئة القوى، كما يقولون.
هكذا انجلت الصورة لديهم، فأعربوا عن احترامهم وتقديرهم لهذا المناضل الذي لم يترك شعبه، ولم يترك سلاحه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، والذي عاش من وجهة نظرهم مناضلا، ومات بطلا بعد اشتباكه مع جنود الاحتلال مقبلا غير مدبر، لتكون إسرائيل قد خسرت ما خططت له في شيطنة المقاومة الفلسطينية.
وبحسب معلومات، فقد سأل عضو الكنيست، زئيف الكين، خلال جلسة في الكنيست: كم من المال نحتاج لمواصلة النشاط الدعائي؟ أجاب أحدهم: 10 ملايين شيكل. وأوضحت صحفية إسرائيلية تدعى غئولا بن ساعر قائلة: “إنه بعد أن شهد العام 2024 تمدد الحرب على غزة، وبعد أن علمنا أنه يتعين علينا الاستثمار في الدعاية، فقد تم تخصيص 400 مليون شيكل فقط لهذا العام، بما يزيد قليلا على 100 مليون دولار”. فهذه المبالغ والمخصصات للترويج للسرديات الإسرائيلية الملفقة قد سقطت على مذبح صدق القضية الفلسطينية، وصدْق رجالها المقاومين، لينصفهم الله على أيدي أعدائهم.
ختاماً..
إن استشهاد القائد يحيى السنوار ليس انتصارا للعدو كما يظن البعض، بل هو جولة في حرب، ولن تلقي المقاومة الفلسطينية الباسلة في قطاع غزة سلاحها؛ فاستشهاد يحيى السنوار هذا القائد المغوار- ورغم فجيعتنا فيه- يأتي في سياق الحرب مع العدو، الذي يعتقد بأنه نال من المقاومة الفلسطينية، لا سيما “حماس”، وأنها تعيش بلا رأس، ونحن نقول له خاب ظنكم، فلن ترفع المقاومة الفلسطينية الراية، فالتاريخ خير منصف للقادة الأشاوس وأصحاب الحق، فقتل أو اغتيال قادة حماس كالفاصلة، وليست نقطة النهاية.
فمنذ الشيخ المؤسس أحمد ياسين كان هناك من يكمل المسير، لا سيما وأن المقاومة باتت جينا في جينات الغزيين لن تدحر، وعوضا عن القائد هناك ألف قائد، كما أن الهيكل القيادي للذراع العسكري لحركة حماس على وجه الخصوص مبني على أسس لا يؤثر فيها غياب قائد، حيث أوضح الدكتور سعد جواد أن “الهيكل القيادي مصمم بأن لا يكون مركزيا بحيث يتبع كل فصيل أو وحدة عسكرية أوامر قادتها الميدانيين، ونستدل على هذا من خلال الواقع في قطاع غزة؛ فرغم فصل محافظات غزة بفعل الجيش الإسرائيلي لشل وصول المعلومات، فإن هذا لم يؤثر على سير العمليات.”
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
بارك الله فيكي أستاذه هديل .. مقال يعطي ولو جزء بسيط من حق قائدنا وشهيدنا ابو ابراهيم رحمه الله