تسعة أشهر من حرب الإبادة: المقاومة تنتصر.. وإسرائيل تخسر !!
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 27 يونيو, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 27 يونيو, 2024
تسعة أشهر من حرب الإبادة: المقاومة تنتصر.. وإسرائيل تخسر !!
كتب روبرت بيب في دورية فورين أفيرز (Foreign Affairs)، أهم دورية في الشؤون الدولية باللغة الإنكليزية، مقالا رئيسيا في 21 يونيو/ حزيران الجاري بعنوان: “Hamas Is Winning: Why Israel’s Failing Strategy Makes Its Enemy Stronger?”.
نعم، هو كذلك: “حماس تنتصر: لماذا استراتيجية إسرائيل الفاشلة تجعل خصمها أقوى؟”.. فإن إسرائيل في ورطة حقيقة، وتخسر الحرب لأنها لم تحقق أهدافها، وتخسر في الداخل بسبب الانقسامات الداخلية داخل ائتلاف نتنياهو المتطرف من عتاة اليمين الفاشي، وانسحاب وزيرين من حكومة الحرب احتجاجا، ومظاهرات أهالي الأسرى المطالبين بالتوصل لصفقة ووقف الحرب لإطلاق سراح الرهائن، وخاصة بعد قرار في مجلس الأمن قدمته الولايات المتحدة.
وتخسر إسرائيل الرأي العام والتعاطف الدولي الذي كسبته بعد شن حماس طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لتصبح دولة منبوذة ومارقة، وتصنف الأمم المتحدة جيشها كقاتل للأطفال في غزة، وتتهمها محكمة العدل الدولية بارتكاب ما يصل إلى جرائم إبادة، بعد تقديم جنوب أفريقيا شكوى تتهم الجيش الإسرائيلي فيها بشن حرب إبادة “Genocide”، ويطلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية – كريم خان- من المحكمة إلقاء القبض على نتنياهو ووزير الدفاع غالنت، لارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم إبادة في غزة.
بعد أكثر من 260 يوماً من حرب إبادة وحشية لا هوادة فيها، تفتك بالمدنيين الأبرياء وتقتلهم في منازلهم ومخابئهم، وحتى في مخيمات النزوح داخل خيامهم، ويرتفع عدد الشهداء ليلامس 40 ألفاً، وأكثر من 10 آلاف شهيد قضوا تحت أنقاض منازلهم وشققهم وأماكن اختبائهم، ويتعذر إخراج جثثهم من تحت الركام، ويتجاوز عدد المصابين 86 ألفاً، وعدد النازحين يتجاوز المليونين، ما يصل إلى 90% من سكان القطاع، ويتعمد الاحتلال تدمير المستشفيات والمدارس والمساجد، وقطع إمدادات الغذاء والدواء والماء، واستخدام الطعام والغذاء سلاحًا في الحرب، كما تتهم منظمات إنسانية والأمم المتحدة إسرائيل بعدما ضرب الجوع سكان غزة وخاصة في شمالي القطاع.
هكذا تتحدى إسرائيل العالم، وتستمر بارتكاب جرائم حرب بشراكة أمريكية وتواطؤ غربي، خاصة وأن نتنياهو وأعضاء حكومته المتطرفة من عتاة اليمين الفاشي فشلوا بتحقيق أي من أهداف حربه على غزة، هو لم يدمر حماس كما تعهد ولم يضعف حتى قدراتها القتالية، ولم يحرر الأسرى (حوالي 250)، الذين أُسروا في عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر في مستوطنات غلاف غزة. لكن عملية عسكرية وحشية حررت 4 رهائن فقط، بينما قُتل 3 آخرين ومعهم قائد الفريق المهاجم، بعد قتل وجرح أكثر من 1000 فلسطيني بريء في مخيم النصيرات، في جريمة حرب مكتملة الأركان.
قتل القصف الصهيوني الوحشي – حسب تقييم الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية- 66 رهينة، ويُتوقع أن عدد الرهائن الأحياء لدى حماس والفصائل الفلسطينية في غزة لا يتجاوز 50 رهينة، كما ورد في تقييم نُشر قبل أسبوع في صحيفة وول ستريت جورنال، بينما تؤكد إسرائيل مقتل 41 رهينة.
واضح أن نتنياهو متورط في حرب بلا أفق في غزة، ولن يتمكن من هزيمة كتائب عزالدين القسام. وكان صادما لنتنياهو وتحالفه المتطرف اعتراف هاغاري، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، في بيان ناقض فيه نتنياهو بأن “الاعتقاد بإمكان تدمير حركة حماس هو ذر للرماد في العيون، لأن حماس فكرة مغروسة في قلوب الناس، لا يمكن القضاء عليها، فالإخوان المسلمون موجودون في المنطقة، ومن يعتقد أن بإمكاننا إلغاءها فهو مخطئ”!.
واضح أيضًا احتدام الخلافات بين الطرفين، وذلك بعد وصول الجيش إلى القناعة أنه ليس بمقدوره تحقيق مزيد من الإنجازات في غزة، لا هزيمة حماس ولا إطلاق سراح الرهائن، ما يناقض ادعاءات وأهداف نتنياهو غير الواقعية، التي يكررها بلا ملل.
في الشهر التاسع من الحرب بات أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، أكثر شخصية مجهولة شهيرة، وأصدق من هغاري الكاذب غوبلز الصهاينة، وقد صار محل سخرية بتدليسه على من لا يقرؤون اللغة العربية، بقراءته أيام الأسبوع على رزنامة مُعلّقة على حائط غرفة في مجمع الشفاء الأكبر في غزة على أنها أسماء للإرهابيين، وذلك بعدما احتلته قوات الاحتلال الغازية ودمرته بوحشية.
واليوم لا يكتفي نتنياهو بالتصعيد والاستمرار في حرب الإبادة، بل يطيل أمد الحرب ليبقى في الحكم، ويناقض نفسه بشكل صارخ بتكراره القول “لن ننهي الحرب دون تحقيق الأهداف بالقضاء على حماس، والإفراج عن الأسرى، وإعادة سكان الجنوب والشمال سالمين إلى منازلهم”.. أهداف مستحيلة فشل بتحقيق أي منها!
وفي تناقض وتذاكٍ مرفوضين، أعلن نتنياهو استعداده لقبول صفقة جزئية لاستعادة بعض المختطفين ليستأنف الحرب بعد الهدنة لتحقيق أهدافه! طبعا يستمر نتنياهو بالمراوغة حول مقترح بايدن، دون اعتبار لما يغضب الرئيس بايدن وإدارته، ويخالف قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. وقد انتقد الوزير المستقيل إيزنكوت تصريح نتنياهو بأن صفقة التبادل الجزئي تتعارض مع قرار حكومة الحرب.
في هذا الوقت يصعّد نتنياهو، ويقرع طبول الحرب لفتح جبهة الشمال مع لبنان، والأخطر رفضه علناً رؤية الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ إدارة كلينتون حل الدولتين، ومفاخرته بالقول “مرة بعد أخرى عارضت قيام دولة إرهابية فلسطينية”.
في المحصلة النهائية، يؤكد بيب في مقاله المشار إليه أن حماس باتت اليوم أقوى مما كانت عليه في بداية “طوفان الأقصى”، وأن حسابات إسرائيل الخاطئة وحرب الإبادة وتدمير غزة الممنهج قوّت من قدرات حماس. ويشبّه وضع حماس اليوم بوضع الفيتكونغ، التي صارت أقوى بعد التصعيد الأمريكي في آخر عامين في حرب فيتنام.
أكرر.. لم – ولن- ينتصر أي جيش مهما كانت قوته وقدراته العسكرية هائلة – حتى إن كان الجيش الأمريكي- على خصم ضعيف لكنه متمسك بعقيدته. عندما يفشل القوي بالانتصار، وفي المقابل ينجح الضعيف بالبقاء، فهذا يعني أن القوي خسر والضعيف انتصر!.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق