هذا ما جناه حسن نصر الله على نفسه!
بقلم: سليم عزوز
| 29 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 29 سبتمبر, 2024
هذا ما جناه حسن نصر الله على نفسه!
كتب الإعلامي المرموق حمدي قنديل في مذكراته، ما ذكره الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، ووزير الخارجية المصري السابق أيضاً، عمرو موسى، عند اللقاء بالأمين العام لحزب الله؛ الراحل حسن نصر الله!
فمع التقدير الخاص لهما، فإن الاحتياطات الأمنية لا تعرف المجاملات، فقد حدث لعمرو موسى ما قد يكون حدث مع غيره، ممن قرر نصر الله مقابلتهم أو الاستجابة لطلبهم بمقابلته، فقد كان التقدير بالموافقة على المقابلة، أما ما دون ذلك فلا يجوز التراخي فيه؛ ولهذا فإن الزائر كانت تقله سيارة، تسير في طرق وعرة هبوطاً وصعوداً، وهو معصب العينين، إلى أن تصل به السيارة إلى مقر الأمين العام للحزب.. ربما في المرة الثانية أصر موسى على رفض فكرة تعصيب العينين هذه!
وتبدو هذه الإجراءات الأمنية مبالغاً فيها، فأحدهما لو وقع أسيراً في قبضة الإسرائيليين، وتعرض للتعذيب الذي حمله على الاعتراف، فلن يكون لديه الوصف الكامل للموقع، والسيارة تسير مسرعة في طرق ليست معبدة، ولمسافات طويلة، لكن الأمن يقوم على قاعدة “من خاف سلم”!
وعندما نقرأ أن إسرائيل كانت قد رصدت مكان إقامة الأمين العام لحزب الله منذ فترة طويلة، مع كل هذه الاحتياطات الأمنية شديدة الحيطة والحذر، فإن المرء لا يملك إلا أن يضرب كفاً بكف على هذه الاختراقات التي جرت في صفوف الحزب، وهي ذاتها الاختراقات التي جرت للحليف الإيراني، حد استهداف الزعيم الفلسطيني إسماعيل هنية في سريره، وهو في مجمع تابع للحرس الجمهوري، فيا لها من مأساة!. فكيف تحول حزب الله إلى ريشة في مهب الريح؟!
تجنيد العملاء:
لقد شاهدنا نصر الله في سنة 2006، وهو يقف شامخاً كالطود، فيرهف له العالم السمع، تأتي البارجة الأمريكية إلى المياه اللبنانية، فيصدر أمره في خطاب عام بأن عليها أن تغادر الآن وإلا تعرضت للقصف، فتغادر في التو واللحظة، الأمر الذي انتقل به ليكون زعيماً عابراً للمذاهب، وعابراً للحدود، فماذا جرى؟!
الأصل أن يكون الحزب خلال ثمانية عشر عاماً قد صار أقوى وأصلب، وأنه صار أكثر جاهزية للمواجهة، لكن الذي حدث أنه صار ضعيفاً، يدخل الحرب وهو في حالة اختراق، مكنت من استهداف قياداته بسهولة، إلى أن كانت الجائزة الكبرى، وهي الأمين العام للحزب ذاته!
المشكلة أن الحزب وجد نفسه مسؤولاً عن تثبيت حاكم فاشل في الشام، خرج عليه شعبه، وبدلاً من أن يسري عليه ما سرى على غيره في بلاد الربيع العربي؛ بن علي، ومبارك، وعلي عبد الله صالح، فإن المدد من إيران ومن حزب الله، بجانب المدد الروسي، حال دون سقوطه، وتم سحق الشعب السوري، وفي توافق مع إسرائيل- ربما بدون اتفاق- كانت إسرائيل هناك أيضاً تحمي الأسد!
فلم يكن هناك بديل أمامها في مستوى الأسد (الابن)، فتواطأ العالم كله مع الرغبة الإسرائيلية ببقاء الأسد، والتستر على جرائمه من قتل وإبادة، فهل حدث تجنيد العملاء من هناك؟. وما هو الثمن المدفوع لهم؟!
عندما تطالع سيرة قيادات فلسطينية صارت إلى العدو أقرب، ستكتشف أنهم أصحاب تاريخ نضالي عريق، فحتى محمد دحلان مر بتجربة السجون الإسرائيلية، وقد جمعني لقاء مع أحد الذين كانوا بالقرب من هذا التجمع، وسألته: كيف كان السقوط لهذه القيادات التي كانت تنتمي إلى خندق النضال من قبل؟!
قال الرجل إن البداية كانت عندما بدأ عرفات يمهد لاتجاهه الجديد، الذي أنتج أوسلو، وترتب عليه عودته إلى التراب الفلسطيني؛ فقد كانت دائرته القريبة هي التي تشارك في جولات المفاوضات، وصار لهؤلاء وضع متميز داخل الحركة، وهم ممن يريدون الاتصال بذويهم في الأرض المحتلة، أو إرسال الأموال لهم، فكان هؤلاء هم من يقومون بالواسطة مع الأمن الإسرائيلي، استغلالا لصداقتهم التي نشأت.. ومع الوقت أصبح من يقوم بهذا التواصل مصدر قوة، والجميع يطلب خدماته، ليصل الحال إلى أن يكلف الإسرائيليون أحد المقربين من عرفات بتقديم السم له!
على الهواء مباشرة:
وعندما فرض القتال على حزب الله، كان مكشوفاً تماماً للعدو، ولم يكن مستعداً له، وكنا ننتظر منه أن يكون أكثر حسماً وأكثر نفيراً، لكنه بدا كسلحفاة، حتى اعتقدنا أنه غياب الحماس وفقدان الهمة، ولم نفكر أن الحزب خرج تواً من حرب لسنوات على الأراضي السورية، كانت موجهة للأسف الشديد للسوريين، ولم نكن نعلم كل هذه الاختراقات جعلته على الهواء بالنسبة للعدو!
ومع هذا الضعف أثقلت الحسابات الحزب؛ فمع امتلاكه صواريخ طويلة المدى، لم يستخدمها في قصف تل أبيب، لأن هذا من شأنه أن يحشد دولة الاحتلال ضده، وظلت المواجهة في الحدود الدنيا، ولا أحد يعمل حساباً للمجتمع الدولي سوى العرب، بينما يتصرف نتنياهو متجاوزاً هذا كله، لأنه يدرك حدود هذا المجتمع في رد الفعل، فيرتكب جرائم إبادة، ثم لا نسمع سوى استنكاراً خجولاً من المجتمع الدولي، وهو استنكار لا يرتب أي موقف ضده!
لقد بدت مواجهة محسوبة حتى لا نخسر المجتمع الدولي، فمتى كسبناه؟ وما هو العائد من الالتزام بقواعد الأدب على مدى أكثر من نصف قرن؟!
يقول المحللون ما يقوله قادة الحزب، ويقوله أيضاً القادة الإيرانيون.. إن أمريكا متورطة في جرائم الإبادة، ظنا منهم أنهم بذلك سيضعون الإدارة الأمريكية في دائرة الحرج!. ولا يتوقف القوم عن هذه البدائية في التعامل، فالدعم الأمريكي معلن، والسلاح الأمريكي يذهب بقرار ينشر، وليس في جنح الظلام، فمتى يتوقفون عن هذه السذاجة؟!
ضحايا المجتمع الدولي:
الحسابات المعقدة أثقلت كاهل حزب الله، فلم يأخذ زمام المبادرة، ولم يتعلم من دروس التاريخ عن الذين قرروا أن يكونوا ضحايا أمام المجتمع الدولي!
إنه مع أخطاء المشير عبد الحكيم عامر، التي هي مثل زبد البحر، وقد تولى الإعلام تشويهه بما فيه، وربما بما ليس فيه، فإن الرجل كان صاحب وجهة نظر صحيحة في حرب يونيو/ حزيران 1967 تجاوزها التاريخ، بالتعامل مع الهزيمة على أنها قدر، لتبرئة ساحة الزعيم الأوحد!
فلم يكن العدوان الإسرائيلي في سنة 1967 مفاجأة؛ فقد كان معلوماً للقيادة، وكانت وجهة نظر عبد الحكيم، التي تتسق مع الجانب الشهم في شخصيته المستهترة، أنه لا بد أن تبدأ مصر بالضربة الأولى، لكن جمال عبد الناصر كان رأيه أن تتلقى مصر الضربة الأولى، ثم تستوعبها وترد عليها بعد استيعابها، حتى لا يقول المجتمع الدولي إن مصر هي من بدأت بالعدوان!
كان لدى جمال عبد الناصر تصور أن أمريكا ستهب كما هبت مع العدوان الثلاثي على مصر لتلزم الدول الثلاث حدودها، ولم يكن يعلم تغير الموقف الأمريكي منه!
والنتيجة أن الضربة الإسرائيلية كانت بالقوة التي لم يتخيلها عبد الناصر، ولم تتدخل أمريكا أو المجتمع الدولي لوقف ما ترتب على الهزيمة من آثار، أخصها احتلال سيناء، والجولان، وغزة، والقطاع، لترسم خريطة المنطقة من جديد.. فبعد أن كانت المطالب العربية بجلاء الاحتلال عن كل الأراضي الفلسطينية، صار النضال من وقتئذ إلى الأن على ضرورة العودة إلى حدود ما قبل يونيو/ حزيران 1967، فعلام كان الصراع قبل ذلك، والذي تسبب في ذلك؟!
لقد التزم حزب الله بقواعد الاشتباك، حتى لا يعطي إسرائيل المبرر للحرب الشاملة عليه أمام المجتمع الدولي، وجاءت الرسائل تباعاً بأن الحرب قادمة، وأنه لا اعتبار للعالم في استهداف قيادات الحزب، فإسرائيل كانت في مرحلة التسخين لتضرب الضربة الكبرى، لنكتشف أن الميدان مكشوف لها تماماً، بينما الحزب يمارس إجراءات أمنية قاسية على من يلتقيهم نصر الله!
وظلت قيادة حزب الله مترددة، لنكتشف أن إسرائيل كانت ترتب أولوياتها، فلما سنحت الفرصة بدأت حربها، وبدا الحزب مترهلاً، فتستهدفه إسرائيل عبر اختراقها لجهاز النداء الآلي، وتكرر الأمر في اليوم التالي لتقتل وتصيب، ثم يصل الأمر إلى قتل زعيم الحزب نفسه، والذي تبين أنه كان معلوم المكان قبل شهرين!
إنني لا أنكر وقفة حزب الله مع فلسطين، بفتح جبهته للحرب في وقت عجزت فيه دول لها علم ونشيد أن تدين العدوان بشكل لائق، لكن ما كل هذه الخيبة؟!. لقد استنزف حزب الله قدراته لحماية بشار الأسد، الأضعف من أن يصدر بيان إدانة للعدوان الإسرائيلي، فما قيمته للعمل على بقائه؟ إنه يعيش خارج حدود الكوكب.. أيستحق هذا استنزاف مقاومة كنا نعول عليها في لحظات المواجهة والجد؟!
والآن، ما هو مستقبل حزب الله؟!
إنني أعترف بأن المقاومة الفلسطينية خسرت حليفاً مهماً، والمؤسف أن إسرائيل ستنتهي من لبنان، لتنفرد بغزة ومن فيها، وستكون أكثر اجراماً وهي التي محت حزب الله من الخريطة، وما أقصده هو تجريده من قوته وقياداته وشل حركته.. وإن كان هناك من يقول إن البديل أكثر قوة وبأساً من حسن نصر الله، ويؤمن بالمبادرة. لكن، إذا صح هذا فإن الرجل سيستلم الحزب هشيماً، فماذا تفيد قوة شخصيته؟!
اللهم آجر المقاومة في مصيبتها!
3 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
امين يارب العالمين
نصر الله ضحية لخيانة إيرانية لم يعد هناك أدنى شك فيها .. وتلويح إيران بالرد منذ استشهاد اسماعيل هنية دون تنفيذ ما تهدد به يزيد من هذه الفرضية
اتفق معك في كل ما قلته الا نقطة ان اسرائيل توافقت مع نصر الله في تثبيت بشار الأسد