اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
بقلم: سليم عزوز
| 13 أكتوبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 13 أكتوبر, 2024
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد باقتصاد الحرب، عندما زف للمصريين بشرى بأن القادم هو اقتصاد الحرب؟!
ومع كل موضوع اقتصادي يتزاحم الاقتصاديون للحديث، وتستدعيهم البرامج التلفزيونية للإفتاء والاختلاف، بيد أن البرامج لم تفعل هذه المرة، لأن أي كلام في تفسير ما قاله رئيس الحكومة- مهما كان هيناً- من شأنه أن يثير الفزع، ويكدر السلم العام. وهناك زاوية مهمة وراء إحجام خبراء الاقتصاد عن تناول هذا الموضوع ولو عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، هي أن اقتصاد الحرب من خارج المقررات الدراسية، وبيننا وبين الحروب أمد طويل، فلا الخبراء عاصروا الحروب واقتصادها، ولا أحد حتى في قيادة الجيش المصري عاصر حرباً أو شارك فيها!
آخر الحروب:
وكما قال الرئيس السادات، فإن حرب السادس من أكتوبر 1973 هي آخر الحروب، وقد كنت في الصف الأول الابتدائي عندما وقعت هذه الحرب، وأعمارنا تدور الآن بين الستين والسبعين، فالذين وصلوا إلى أرذل العمر، كانت هذه الحرب بالنسبة لهم تنتمي لذكريات الطفولة، فمن أين لنا جميعا الخبرة باقتصاد الحرب، أو حتى بأجوائها، كما مرت على مصر في الهزيمة والنصر؟!
ما ورثناه من ثقافة الحروب أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، فلا نقد، ولا معارضة! والنتيجة كانت هزيمة مدوية في 1967، وانتهت بأن صار عبد الناصر هو الزعيم الأوحد، الذي استفاد من النكسة بالتخلص ممن تبقى من شركائه في الحكم، وبعدها بسنة واحدة كانت مذبحة القضاة!
وما علق بذهني من اقتصاد الحروب هو ضريبة “المجهود الحربي”، التي كان يفرضها تجار الذهب على مبيعاتهم، لأن فرضها تأخر بعض الشيء تقريباً إلى مرحلة ما بعد كامب ديفيد، ولا ندري إن استمر فرض الضريبة رسمياً إلى هذا الحين، أم إن التجار كانوا يفرضونها من تلقاء أنفسهم وأنها ألغيت بانتهاء حرب أكتوبر 1973؟!
لم يجد رئيس الوزراء نفسه مطالباً بالشرح والتوضيح، لشعب انتهت علاقته بالحروب قبل نصف قرن من الزمان، لأن في فمه ماء، وقديما قال الشاعر (قدس الله روحه): وهل ينطق من في فيه ماء؟!.. أبداً!
وانبرى المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء ليشرح المعنى المقصود باقتصاد الحرب، فذكرنا بهذا الجالس في المحكمة بانتظار دوره في مسرحية “شاهد ما شفش حاجة”، واندفع يشرح لعادل إمام معنى أن المتهم من النوع المألوف، ففسر المتحدث الرسمي الماء- بعد الجهد- بالماء، وإن غلب عليه الإحساس بخطورة ما ذكره رئيسه المباشر، فطمأن فؤادنا، الذي لم يطمئن، بأن الحكومة مستعدة لذلك، وأن خططها جاهزة، وأنها ستتحمل أعباء مرحلة اقتصاد الحرب.
فمنذ متى كانت الحكومة جاهزة لشيء، أو لديها خطط لأي شيء، وزعيهم المفدى سبق له أن استنكر فكرة دراسات الجدوى؟ وأي كارثة حلت بوادينا وتحملت الحكومة تبعاتها؟!
هل تريدون الحرب؟
عندما كنا نتحدث عن ضرورة مواجهة التمرد الأثيوبي، ببناء سد النهضة منفرداً، وبدون النص على حصة مصر التاريخية من مياه النيل، انبرى الذباب الإلكتروني يسأل: هل تريدوننا أن نحارب؟ وأُرتج على كثيرين وكأن الحروب عمل من الأعمال المنافية للآداب العامة، حينئذ انطلقت أرد: وماذا في الحرب إذا كانت الخيار الوحيد؟ ولماذا تؤسس الجيوش وينفق عليها من لحم الحي إذا لم تكن للردع؟! فإن لم يقف المعتدي عند حده، كان الخيار هو الحرب.
كان تدخلاً مني وضع الأمور في نصابها، وأوقف الردود الميكانيكية التي تدور حول تساؤل استنكاري نصه: هل تريدون الحرب؟!
بيد أن ما يخيف الناس من الحروب هو اقتصاد الحرب، وهو لا يعني أن الجراد حل بالأرض فأكل ثمار التنمية، ولكن أن ثمارها تذهب إلى تسليح الجيوش.. فماذا عن اقتصاد الحرب بدون حرب؟!
المأساة أنه لو تشاجر اثنان في آخر الكرة الأرضية، سيعلن أولو الأمر منهم في مصر أن الاقتصاد المصري تأثر بفعل هذه المشاجرة، وعندما قامت الحرب الروسية- الأوكرانية أرجع القوم في القاهرة ضعف الاقتصاد المصري إليها، وإذ هدد الحوثيون الملاحة في البحر الأحمر فقد ترنح الاقتصاد المصري، فما للاقتصاد المصري سريع التأثير بكل مشكلة، ولا ينافسه في هذه الحساسية المفرطة أي اقتصاد آخر على ظهر الكوكب؟!
لقد تأثرت مصر بالحرب الروسية- الأوكرانية أكثر من تأثر الاقتصادين الروسي والأوكراني من جرائها، وعندما تعلم أن أوكرانيا لا تزال إلى الآن تزرع القمح للتصدير، وأن مصر التي لا تحارب تستورد القمح من الدولة التي تعيش في حالة حرب، فلا تنتقل إلى الفقرة التالية قبل أن تقول: يا سبحان الله!
أما وقد قلت: يا سبحان الله، فعليك أن تسأل: كيف كان الاقتصاد المصري قبل الحرب على غزة، وقبل الحرب في السودان، وقبل الحرب الروسية الأوكرانية، لتكون الحروب شماعة لتعليق الفشل عليها؟ وبجانب هذا كله: أليس من أهلية الحكام للحكم مجابهة التحديات التي تواجه البلاد، بدلاً من حالة الاستسلام هذه، والتبشير بأن القادم هو اقتصاد الحرب، وترك المعنى في بطن الشاعر.. شاعر الربابة؟!
إن على رئيس الحكومة المصرية ألا يقتصر على مقولة “اقتصاد الحرب”، لكن أن يوضح القادم للناس، ليس على طريقة المتحدث الرسمي، ولماذا اقتصاد الحرب لبلد ينعم بالسلام، فهو ليس مثل العراق وسوريا؟ وماذا استفاد المواطن المصري من قدرة الحاكم على تحقيق السلام، إذا عاش في اقتصاد الحرب!
إن الاعتزاز الوطني يكون دافعاً للمواطن على تحمل شظف العيش، إذا خاض بلده حرباً مشروعة، دفاعاً عن الأرض أو المقدرات، وتمسكاً بالكرامة، فما هو دافعه للتحمل الآن؟ وإلى متى؟ والحروب لن تتوقف، فإذا سكتت المدافع هنا، نطقت هناك، هل سيعيش المواطن المصري في اقتصاد الحرب مدى الحياة؟ وما هي ملامح هذا الاقتصاد؟!
إن اقتصاد الحرب، يعني أن القادم أسوأ.
سطور أخيرة:
أدهشني أن يكون لقيس سعيد أنصار، ولو عشرة أنفار، وأنا أشاهد مجموعة من الناس يحتفلون بفوزه الساحق في انتخابات نافس فيها ذاته!
وبدا لي أنهم ليسوا من الشريحة التي نعرفها في مصر، والتي يتم استئجارها للقيام بوصلات الرقص أمام اللجان الانتخابية، وهم من الطبقة المعدمة. فلماذا يؤيد غير معدم مستأجَر قيس سعيد؟ وددت لو تم التعامل معهم إعلاميا بجدية، وتمت مناقشتهم في حوارات جادة.. هل أنتم طبيعيون يا هؤلاء؟
أتفهم أن في مصر سياق للتغرير بالبعض غير المال، فبم تم التغرير بهؤلاء؟.
إن العقل زينة!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق