ناصر الأمس.. وناصريو اليوم
بقلم: شريف عبدالغني
| 1 أكتوبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: شريف عبدالغني
| 1 أكتوبر, 2024
ناصر الأمس.. وناصريو اليوم
يوم السبت الماضي 28 سبتمبر، كان قد مرّ على وفاة جمال عبد الناصر )1918-1970( 54 عاماً بالتمام والكمال.. هي ذكرى ما زالت تجد من يحتفي بها، ليس في مصر فقط، بل على المستوى العربي؛ إذ ما زال اسم عبد الناصر محل اهتمام، خصوصاً أن تبعات سياساته ومواقفه وشعاراته وحروبه و”نكساته” بقيت حاضرة في أكثر من بلد على امتداد الأمة.
في ذكراه- وعلى مر السنين الماضية- ما زال هناك من يحتفي بها ويرفع صاحبها “الزعيم المنتصر” إلى عنان السماء، بينما ثمة من يتذكرها ويرفع صاحبها “الديكتاتور المهزوم” إلى السماء قبل أن يخسف به إلى سابع أرض!
أكثر من نصف قرن، والجدل مستمر حول عبد الناصر ونهجه، الذي اصطُلح على تسميته بـ”الناصرية”. والتي يرى البعض فيه منهجاً صالحاً للتطبيق في زمننا هذا، ونلاحظ في هذا البلد أو ذاك العديد من الأحزاب تنتهي بلقب “الناصري”، كلها أو معظمها ما زالت ترى أن لاءات الناصرية الثلاث “لا اعتراف.. لا صلح.. لا تفاوض” هي النموذج المثالي للتعامل مع إسرائيل.
هم يرون أن الناصرية لو كانت نهج الأمة لما تفتت شملها وطمع طرف منها في الآخر، ضاربين المثل بمنع عبد الناصر احتلال عبد الكريم قاسم للكويت عام 1961، وأن الناصرية لو تم تطبيقها لكانت الثورات وفصائل المقاومة محل إجماع عربي واصطفاف جماهيري خلفها، بل وبلغت “سلطنة” البعض في التغني بالناصرية حد اعتبار أنها لو كانت موجودة لما تجرّأ الكيان الصهيوني على اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله وغيرهما !
فماذا تعنى الناصرية؟
من يقتنع بها ويؤيدها ويحنّ إلى أيامها يراها كالتالي:
الناصرية.. الاستقلال الوطني.
الناصرية.. مشروع عربي تحرري.
الناصرية.. العدالة الاجتماعية.
الناصرية.. رفع الرأس عالياً.
الناصرية.. فتح مختلف الوظائف أمام الفقراء.
الناصرية.. إنشاء المصانع ورفع مكانة العامل.
الناصرية.. السد العالي.
الناصرية.. تأميم قناة السويس.
الناصرية.. إعطاء الشباب مناصب عليا.
الناصرية.. نظافة اليد والزهد.
الناصرية.. نهضة أدبية وفنية.
فى المقابل، يؤكد فريق آخر أنها تتمثل فيما يلي:
الناصرية.. هزائم ونكسات.
الناصرية.. صواريخ “الظافر” و”القاهر” الخشبية.
الناصرية.. يونيو 67، وعبد الحكيم عامر، وصلاح نصر، وشمس بدران.
الناصرية.. مقبرة الديمقراطية.
الناصرية.. استبدال الاستعمار الخارجي بتحكم داخلي.
الناصرية.. انتهاك للحريات، وتعذيب في المعتقلات.
الناصرية.. الإعدام على الفكر.
بين هذين الفريقين تبقى الحقيقة المؤكدة أن جمال عبد الناصر بين يدي الله؛ أدى دوره ومضى، والتاريخ يحكم عليه بما له من إيجابيات وما عليه من مآخذ.. أحمد فؤاد نجم لخصّ الرجل بعبارة موجزة ناجزة: “عمل حاجات معجزة.. وحاجات كتير خابت”.
أيام السادات قال حملة قميص عبد الناصر إن خلَفه سار على خط سلفه بـ”أستيكة”!. لكن المفارقة أنهم أنفسهم لم يمشوا أساساً على خطاه، وباعوه في أقرب سوق نخاسة.. بنظرة إلى كثير من الناصريين ستجدهم بلا أي ميزة من المزايا التي روّجوها عن ناصر؛ إنهم ليسوا نظيفي اليد أو زاهدين في مغانم الدنيا أو معتزين بكرامتهم، بل هم نصابون كذابون فهلوية، يلعبون الثلاث ورقات، ويمكن أن تشتريهم وتفردهم وتكويهم بورقة بنكنوت، أو علبة سجائر مستوردة.
قصصهم كثيرة.. أحدهم ظل يصرخ في البرية قبل سنوات بأن كل ما في ذمته المالية 7 آلاف جنيه، بينما هو يعيش حياة الأبهة، وحكاية ما تقاضاه من زعماء النضال العربي فيها الكثير من الفضائح. وثمة آخر أعطاه الرئيس الراحل حسني مبارك كرسياً بالتعيين في مجلس الشورى، فخرج ليقذف طوب الشتائم على معارضي الحكومة إرضاء لمن وهبه الكرسي، على الرغم من تصنيفه معارضاً مثلهم!
هناك ثالث ترك الحزب الناصري لينضم إلى الحزب الوطني الحاكم أيامها- حزب مبارك-، ورمى نفسه تحت حذاء الرئيس الراحل ونجله “الوريث”، حتى يضمن التواجد تحت قبة البرلمان، وهو نفسه الشهير بـ”نائب الراقصات”.
كلنا عاصرنا الصراعات والمشاجرات والمحاضر والاتهامات بين القيادات الناصرية، والنتيجة أن حزبهم لم يفز- قبل 2011- بأكثر من مقعد برلماني، وفى كثير من الانتخابات “صفر”، رغم رضا الحكومات أيامها عنهم. لهذا، لم ينجحوا في تأسيس حزب قوي له تواجد في الشارع، رغم أن كثيراً من البسطاء ما زالوا يحلمون بناصر يخلصهم من الفقر.
بعضهم كان يقف بلا حياء أمام نقابة الصحافيين للهتاف تأييداً للجزار بشار الأسد، ثم ذهبوا إليه في دمشق مؤكدين دعمهم له في حربه المقدسة ضد شعبه.
من المفارقات، أنهم رغم حملهم مباخر فترة الستينيات وشعارات القومية العربية، انتقدوا تواجد السوريين في المحروسة، وقالوا إن “الأغراب الغزاة” يزاحمون المصريين في “لقمة العيش”.. لن أتطرق إلى حقوق المستجير، ولن أتحدث عن الواجب الديني والإنساني بمساندة المقهور والهارب من الجحيم.. سأتناول القضية من منطلق سياسي بحت.
من منطق الحسابات السياسية والمصالح الاستراتيجية كان عبد الناصر يدعم الثورات، ويستضيف كل ألوان الطيف من المقهورين في كل مكان، من العرب إلى العجم، ومن أصحاب البشرة البيضاء إلى أبناء القارة السمراء؛ لهذا كان طبيعياً أنه صنع لمصر عمقا استراتيجياً في الأطراف العربية والأدغال الأفريقية.
إن عشرات الآلاف من السوريين وجدوا المأوى والأمان والترحيب في مصر، بعدما “نفدوا” بجلودهم من مذابح ومحارق أسد دمشق الذي يبايعه الناصريون زعيماً قومياً.. بشرتهم الشقراء في معظمها لا تخطئها العين، السُمر منهم قريبو الشبه من المصريين، لا تعرفهم سوى من اللهجة..
لو دخلت إلى محل حلويات لهم، ستجد العاملين يقابلونك بابتسامة ودودة، ويصرون على أن تتذوق صنعة أياديهم قبل الشراء. وفي أحد المطاعم التي تقدم أكلاتهم المميزة، يكون الترحيب لافتاً ومميزاً، بشكل يجعلك تعود إليهم مرة أخرى.. إنهم بارعون في جذب الزبائن!. ربما في “جيناتهم” أصول التجارة الصحيحة منذ رحلات الشتاء والصيف من الجزيرة العربية إلى أراضيهم.
لقد صار السوريون ملمحاً أساسياً من ملامح القاهرة، مثلهم مثل السودانيين والعراقيين والصوماليين، ومن قبلهم الفلسطينيون الذين يداوون جراحهم فى مصر.. وهكذا كانت مصر وستبقى القلب الكبير والمأوى لكل العرب.
تُرى..
لو كان عبد الناصر حياً، ووجد أتباعه وحوارييه يصفون الأشقاء العرب بـ “الغزاة” ويطلبون ترحيلهم، فماذا كان فاعلاً بهم؟!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق