التقارب الأيرلندي تجاه فلسطين قد يكون مكلفًا لبايدن

بواسطة | مايو 31, 2024

بواسطة | مايو 31, 2024

التقارب الأيرلندي تجاه فلسطين قد يكون مكلفًا لبايدن

يفتخر ثاني رئيس كاثوليكي للولايات المتحدة بشدة بجذوره الأيرلندية، لكن دعمه لحرب إسرائيل في غزة قد يكلفه الأصوات في الولايات المتأرجحة الحاسمة.

تجمع المتظاهرون حول رجل يحمل غيتارًا ويغني نسخة مضاءة من نشيد أيرلندي قديم، وهي أغنية عن المتمردين الذين طردوا البريطانيين خلال حرب الاستقلال.. لوح المتظاهرون بالعلم الأيرلندي بيد وعلم فلسطين باليد الأخرى، وارتدوا الكوفية الملونة باللونين الأخضر والأبيض، بدلاً من اللونين الأسود والأبيض كما هو المعتاد، ورُفعت من خلفهم لافتة كتب عليها: “يجب أن يلحق عار الإبادة الجماعية بـ جو بايدن!”.

ويرتبط الأيرلنديون بعلاقة قرابة طويلة الأمد مع الفلسطينيين، ويرون أوجه تشابه بين صراع الأخيرين ضد إسرائيل وكفاحهم ضد الحكم البريطاني. وأعلنت أيرلندا الأربعاءَ أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة، في خطوة تتم بالتنسيق مع النرويج وإسبانيا، أثارت إدانات فورية من إسرائيل.

بالعودة إلى الوطن، على بعد أكثر من 4000 ميل، يعبّر الأمريكيون الأيرلنديون بأعداد متزايدة عن غضبهم من دعم الرئيس بايدن للحرب الإسرائيلية على غزة؛ ويقول بعض المغتربين الذين صوتوا لصالح الرئيس، الذي يفتخر بأصوله الأيرلندية، إن موقفه يجعلهم أمام قرار صعب اتخاذه.

وقال نات كيرتين، وهو مدرس فنون يبلغ من العمر 25 عاماً من ولاية فرجينيا، متحدثاً عن المجاعة في شمال قطاع غزة: “إن إسرائيل تستخدم التجويع كتكتيك، تماماً كما فعل البريطانيون في أيرلندا خلال المجاعة الكبرى”؛ وصوتت ستارت، التي ينحدر والدها من ليمريك وأمها من كورك، لصالح بايدن في عام 2020، لكنها قالت إنها لا تستطيع حمل نفسها على القيام بذلك مرة أخرى في نوفمبر، وأضافت: “إن دعم بايدن لما يحدث اليوم يُظهر أنه لا يفهم تاريخه”.

وفي حملة لجمع التبرعات عقدت مؤخرا في واشنطن، قال بايدن لمجموعة من الأمريكيين الأيرلنديين: “لقد أحضرتموني يا رفاق إلى حلبة الاحتفال والرقص في عام 2020″، في إشارة إلى الانتخابات التي فاز بها ضد دونالد ترامب، وأضاف: “لقد فاز الأمريكيون الأيرلنديون دائمًا في هذه المعركة”.

أكثر من أي رئيس منذ جون إف كينيدي – الكاثوليكي الآخر الوحيد الذي شغل هذا المنصب– جعل بايدن من تراثه الأيرلندي محورًا لهويته؛ وهو يعتمد عليه كثيرًا، ويقتبس من ييتس وهيني، ويتحدث عن “آل فينيغانز من مقاطعة لاوث وبلويتس من مقاطعة مايو، الذين استقلوا سفن التوابيت لعبور المحيط الأطلسي منذ أكثر من 165 عامًا”.

كوين أرسيم- أومالي، التي تعود أصول عائلتها ولخمسة أجيال إلى كاونتي مايو، ترى النفاق متجسدًا عندما يتحدث بايدن! وقالت المحامية التي تبلغ من العمر 32 عاما من بوسطن: “إن ترويجه المستمر لتراثه في الوقت نفسه الذي يدعم فيه إسرائيل يعد مزحة، من الواضح أنه ليس لديه فهم حقيقي لجذورنا”.. وأرسيم- أومالي، هي عضو في مجموعة “أيرلنديون أمريكيون من أجل فلسطين (إياب)”، والتي زاد عدد أفرادها منذ حرب غزة، ولديها 100 فرع وآلاف الأعضاء في نيويورك وفيرجينيا وواشنطن وفي أنحاء نيو إنكلاند؛ ويؤكد هؤلاء أنها حركة احتجاجهم نابعة من أسلافهم في الوطن الأم.

كانت أيرلندا على مدى عقود من الزمن واحدة من أبرز الداعمين الغربيين لفلسطين، وكان مشرّعوها من بين أوائل من دعوا إلى إنهاء الأعمال العدائية، بعد أن شنت إسرائيل هجومها على غزة ردًا على هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ويقوم أعضاء (إياب)، الذين قال بعضهم إن الأحداث في غزة دفعتهم نحو البحث في تاريخهم وبشكل أعمق، بعقد صلات مع الداعمين لفلسطين في بلفاست لإنشاء حركة عالمية.

هاجرت الغالبية العظمى من أسلاف الأمريكيين الأيرلنديين منذ أكثر من ثلاثة أجيال؛ وعلى عكس فئات التركيبة السكانية الأخرى، من الصعب تسجيل مواقفهم السياسية واستطلاعها. ومن بين 333 مليون نسمة في الولايات المتحدة هناك 30 مليون يقولون إن أصولهم من أيرلندا، وهم ليسوا كتلة متماسكة في الانتخابات، إلا أن أصواتهم مهمة؛ وقال بريان أودواير، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الأمريكي الأيرلندي: “إنها واحدة من الأصوات المتأرجحة القليلة المتبقية في الولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن الحزب معتاد على دعم الفائزين.

ومن الرهانات الكبيرة في انتخابات عام 2024، تأمين كل من ولايات نيوهامبشير ومين وبنسلفانيا، حيث يمثل الأيرلنديون الأمريكيون ما بين 10 -17% من السكان.. نيو هامبشاير هي “الأكثر إيرلندية”، حيث يدعي 20 في المائة من سكانها أنهم من أصل أيرلندي.

اتخذت النقابات العمالية، التي يهيمن عليها الأميركيون الأيرلنديون تاريخياً في شمال شرق البلاد، خطوة غير عادية بإصدار بيانات لدعم القضية الفلسطينية، واستجاب المئات لدعوة النقابات العمالية الفلسطينية ووقعوا على قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار، حتى أولئك الذين دعمت قياداتهم إسرائيل تاريخيًا.

ويعول الرئيس بايدن الذي يعتبر من أكثر من المدافعين عن النقابات في تاريخ أمريكا على دعمها؛ لقد ساعدوه على تحقيق النصر على ترامب في ولايات حزام الصدأ، مثل ميشيغان وبنسلفانيا، بعد الوقوف إلى جانب ترامب ضد هيلاري كلينتون في عام 2016.

وتراجع دعم بايدن بين النقابات المهمة من 56 إلى 50 في المائة منذ عام 2020، وفقا لاستطلاع أجرته شبكة إن بي سي نيوز مؤخرا، والسبب في ذلك لا يرجع إلى السياسة الخارجية فحسب؛ فبالنسبة للطبقة العاملة أو أصحاب الياقات الزرق، قد يتعلق الأمر بالاقتصاد والتضخم، ولا يرى كثيرون أنفسهم في وضع أفضل بعد أربع سنوات من وجود بايدن في البيت الأبيض.

التقى شون أوبراين، الرئيس المؤثر لنقابة الأخوة الدولية لسائقي الشاحنات، بشكل خاص مع المرشح الجمهوري المفترض ترامب بداية العام الحالي، ما أثار تساؤلات حول من ستدعمه أكبر نقابة في أمريكا في نوفمبر؛ وقال أوبراين بعد الاجتماع إن ترامب أكد له أنه “مؤيد للعمال ومؤيد لخلق فرص عمل جديدة”.

يعتقد البعض في الجالية الأمريكية الأيرلندية، الذين تحدثوا إلى صحيفة التايمز، أن الأمر يرجع إلى التفاوت بين الأجيال، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأساسية مثل الدعم الأمريكي لإسرائيل والاقتصاد والحقوق الإنجابية.. بايدن – البالغ من العمر 81 عامًا، وهو أكبر من دولة إسرائيل نفسها– يشترك مع العديد من أفراد جيل ما بعد الحرب في الاعتقاد بأن واشنطن يجب أن تقف إلى جانب الدولة اليهودية في معركتها الوجودية من أجل البقاء؛ في حين من المرجح أن يطلع الأمريكيون الأيرلنديون من جيل الألفية، والجيل Z الأكثر تقدمًا، على لقطات من غزة يرونها على هواتفهم الذكية.

قالت كيرتين إنها ناقشت الانتخابات مع والديها، بما في ذلك من ينتخبون، لكنهم مختلفون “تم تصنيف والدي في المطارات البريطانية في السابق وعانى من التمييز، ولكنه انتقل إلى هنا وتشبع بكل الخطاب عن الحرب على الإرهاب بعد 11 سبتمبر، وأصبح يرى في المقاومة إرهابا”؛ وبالمثل قالت أرسيم أومالي إن مواقفها السياسية مختلفة عن مواقف والديها.. “إنهم لا يرون بالضرورة الأشياء كما أراها، وبالطبع لا يتخذون مثل مواقفي”. وتُظهر استطلاعات الرأي أن جيل الشباب أكثر ليبرالية من الجيل الذي سبقه، ويمكن تتبع هذا التحول في المجتمع الأمريكي الأيرلندي أيضًا.

وقال باتريك سوليفان (59 عاما) وهو مدير شركة إنشاءات، وصل جده روبرت إلى إليس أيلاند من كاونتي كيري بداية القرن العشرين، إنه لم يتفق مع اتخاذ النقابات موقفا بشأن النزاع أو التصويت. سوليفان، الذي يصف نفسه بأنه “جمهوري متعافٍ” و”لا يؤيد ترامب أبدًا” من بيتسبرغ، صوّت لصالح بايدن في الانتخابات الأخيرة، وسيفعل ذلك مرة أخرى هذا العام؛ وقال عن بايدن: “إنه يعرف من أين أتى، وهو -على عكس ترامب- لديه مبادئ، إنه رجل صادق ومجتهد؛ ولا أعتقد أنه ينبغي على الناس استبعاده بسبب قضية واحدة تتعلق بالسياسة الخارجية.. يمكن أن تتغير هذه السياسة في دقيقة واحدة”.

وبينما لا تزال أرسيم أومالي مترددة، قالت كيرتين إنها لن تصوت للديمقراطيين ولا للجمهوريين – وهو تكتيك شجعته مختلف الحركات الشعبية المعارضة للحرب في غزة. ومع كون الغالبية العظمى منهم من الديمقراطيين، فإن مثل هذه الخطوة على المستوى الوطني من شأنها أن تضر بايدن. ووصفت كيرتين التصويت الاحتجاجي بأنه “أداة للمقاومة”، وقالت في معرض الكلام عن احتمال فوز ترامب بولاية ثانية: “لا أستطيع التصويت لرجل ساعد وحرض على الإبادة الجماعية، مهما كان الثمن”.

المصدر: التايمز | Josie Ensor
تاريخ النشر: 23/05/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

بعد أن طُعن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في المحراب في صلاة الفجر، يومَ الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة، في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، احتمله الناس إلى بيته وجراحُه تتدفق دما. همّ الخليفة أن يعرف قاتله كان من أوائل ما طلبه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يعرف...

قراءة المزيد
حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

أواخر التسعينيات من القرن الماضي، فوجئ العرب بحدث مثير: صور تملأ وسائل إعلام الدنيا تجمع "دودي الفايد" مع.. من؟. مع أميرة الأميرات وجميلة الجميلات "ديانا"!. للتذكرة.. "دودي" (أو عماد) هو ابن الملياردير محمد الفايد، المالك السابق لمحلات هارودز الشهيرة فى لندن. نحن –...

قراءة المزيد
الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

ظل مالك بن نبي مصراً على أن ملحمة الاستقلال العربي الإسلامي، الممتد إنسانياً بين أفريقيا وآسيا، تنطلق من معركة التحرير الفكري بشقّيها؛ كفاح الكولونيالية الفرنسية عبر روح القرآن ودلالته الإيمانية، ونهضة الفكر الذاتي الخلّاق من أمراض المسلمين، والرابط الروحي والأخلاقي...

قراءة المزيد
Loading...