بايدن المتردد.. في مواجهة وقاحة إسرائيل المعزولة والمنبوذة!!

بواسطة | مارس 28, 2024

بواسطة | مارس 28, 2024

بايدن المتردد.. في مواجهة وقاحة إسرائيل المعزولة والمنبوذة!!

بلغت حرب الإبادة التي يشنها الصهاينة على غزة شهرها السادس بحصاد دموي خلّف أكثر من 40 ألفًا بين شهيد ومفقود، و75 ألف مصاب ومليوني نازح، ودمرت ثلثي المباني والوحدات السكنية، وحاصرت القطاع ومنعت دخول جميع الإمدادات الأساسية للحياة من ماء وكهرباء وغذاء ودواء، وحولت شعب غزة إلى لاجئين ونازحين ونازفين يتضورون جوعاً أمام مرأى وبصر العالم، مفجرة بذلك أزمة إنسانية هي الأقسى والأصعب من صنع الإنسان.. والنظام العالمي بين عاجز وصامت ومتواطئ وشريك في هذه الكارثة الإنسانية، التي تُنقل على الهواء مباشرة طوال 172 يوما؟

وفي هذه الحرب يتجلى العجز الأمريكي بتناغمه مع عدوان إسرائيل، وبالشراكة وتوفير السلاح والغطاء (الفيتو) في مجلس الأمن، برغم بدء الخلافات وانزعاج بايدن من تعنت وعناد نتنياهو وإصراره على خوض حرب بلا أفق، وصفها بايدن بالعشوائية وبأنها تُفقد إسرائيل الدعم والتعاطف، وانتقدها شاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، وهو أرفع مسؤول يهودي وأكبر داعمي إسرائيل في الكونغرس، فاتَّهم نتنياهو بأنه ضل الطريق، وطالب بإجراء انتخابات جديدة تأتي ببديل عن نتنياهو. وسارع بايدن بوصف مقترح شومر بالجيد، وردَّ نتنياهو برفض مقترح شومر، واتهمه بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ديمقراطية، وأن إسرائيل “ليست جمهورية موز”!.

تتراكم الأدلة على عجز إدارة بايدن في التعامل مع تعنت نتنياهو وحكومته المتطرفة، فلم يسبق لوزير خارجية أمريكي أن قام بما قام به بلينكن، الذي زار المنطقة 6 مرات في أقل من 6 أشهر، وعبر في زيارته الأولى عن فخره أنه يزور إسرائيل كيهودي! ليفاوض من أجل وقف إطلاق نار، ومنع توسع الحرب التي تشنها آلة القتل الصهيونية على المدنيين الأبرياء في قطاع غزة المحاصر والنازف، وإقناع الحليف الأوثق إسرائيل، التي تتمرد وتحرج – بل تهين- بايدن وحكومته بشكل علني برغم الدعم بلا سقف وحدود!

كذلك جاءت زيارة وليم بيرنز، مدير الاستخبارات المركزية CIA، الذي عقد سلسلة اجتماعات أبرزها في الدوحة مع نظرائه للتفاوض حول اتفاق وقف إطلاق نار على 3 مراحل، تمتد كل مرحلة ستة أسابيع، وصفقة تبادل تشمل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين لدى حماس. وكذلك قام وزير الدفاع أوستن بزيارتين قبل إصابته بسرطان البروستات ودخوله المستشفى، الأمر الذي تسبب بأزمة سياسية لعدم إبلاغ الرئيس بايدن بمرضه ودخوله المستشفى وقتها!

تحدت إدارة بايدن العالم منفردة واستخدمت الفيتو 3 مرات في مجلس الأمن لإجهاض مشاريع قرارات لوقف الحرب لأنها تعني انتصار حركة حماس! وكانت بين أعضاء مجلس الأمن الـ15 هي العضو الوحيد الممتنع يوم الاثنين الماضي عن التصويت لصالح القرار 2728، الذي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، والعمل على الإفراج عن الأسرى والمحتجزين وإزالة معوقات إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، مبررة التصويت بالامتناع لسبب واهن ومفضوح، هو أن القرار لم يدِن حماس!! برغم أهمية القرار الذي يبنى عليه، في كونه أول قرار يصدر عن مجلس الأمن يطالب بوقف فوري للحرب، ولو بشكل مؤقت حتى نهاية شهر رمضان، منذ شن إسرائيل حرب الإبادة.

جاء رد مجرم الحرب نتنياهو ورموز تحالفه المتطرف الفاشي باستفزاز علني وبغضب على قرار إدارة بايدن، وأصيبوا بسعار هستيري وانتقدوا علناً وبوقاحة امتناع استخدام إدارة بايدن الفيتو وتخلي أمريكا عن موقفها المبدئي، واتهموا إدارة بايدن بأن هزيمة حماس لم تعد من أولوياتها. وفي إهانة علنية للرئيس بايدن، ألغى نتنياهو إرسال وفد أمني للقاء المسؤولين في واشنطن لمناقشة البدائل عن اجتياح رفح، الذي ترفض إدارة بايدن تنفيذه دون خطة. وفي إزاء هذا الرد عبرت إدارة بايدن عن انزعاجها وخيبة أملها، فيما يصر مجرم الحرب نتنياهو على شماعة أن اجتياح رفح مطلوب للقضاء على كتائب حماس وتحرير المحتجزين، لتبرير استمرار جرائم ومجازر حربه ليطيل بقاءه في الحكم.

ويُضاف إلى كل ما سبق قول وزير الخارجية: “لن نوقف الحرب”! وقول وزير المالية المتطرف “لا تراجع عن اقتحام رفح”! واتهام مجلس الأمن بالعداء للسامية، وهي التهمة المعلبة والمستهلكة ضد من يجرؤون على انتقاد إسرائيل المنبوذة والمعزولة، بعدما صدمت الرأي العام العالمي، الذي تعبر عنه الشعوب التي تخرج في مظاهرات متواصلة منذ بدء حرب الإبادة لتعلن التنديد والرفض لحرب إبادة الفلسطينيين، وينتقد المتظاهرون شراكة حكوماتهم في الحرب بأموال ضرائبهم!

مع ذلك كله لم نسمع تنديدا أمريكيا واضحا في الرد على قرار وزير المالية المتطرف سموترتش بمصادرة وسرقة أكبر مساحة أراضٍ في غور الأردن لبناء وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية؛ برغم إعلان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أن ذلك غير شرعي ويخالف القانون الدولي.

تسبب عناد نتنياهو، والقناعة بأنه يجر بايدن معه إلى الهاوية، بتراجع شعبية الأخير إلى 38% قبل 7 أشهر من انتخابات الرئاسة، وتصويت 100 ألف ناخب، معظمهم عرب ومسلمون، في ولاية ميشيغان الحاسمة بـ”غير ملتزم” لبايدن في الانتخابات التمهيدية، لرفضهم شراكته مع إسرائيل، وعدم إجباره الحليف الإسرائيلي على وقف فوري للحرب بتغيير موقف بايدن.

واضح أن إسرائيل أصبحت عبئا مكلفا، ولا تخدم مصالح أمريكا، وتنفّر حلفاءها العرب من موقفها المتواطئ، وتحرج خاصة العرب المطبعين، لعجز بايدن عن لجم ووقف جنون حرب نتنياهو وعصابته المتطرفة!

يطيل نتنياهو وحكومته أمد الحرب للبقاء أطول مدة في الحكم على حساب الفلسطينيين الذين يتعرضون للمعاناة والإبادة، وعلى حساب العلاقات مع الحليف الأمريكي التي أصابها شرخ واضح، وصورة إسرائيل على المستوى الدولي، وقد تعرضت للعزلة وتراجعت مكانتها، ونُسفت سرديتها التي سعت على مدى 75 عاماً لتكريس أساطير بأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وتواجه جوارا صعبا مصمما على إبادتها وتدميرها! فإذا بالرأي العام العالمي يُصدم من فظاعة الجرائم، وإبادة الأطفال والنساء الذين يشكلون أكثر من ثلثي عدد الضحايا!

وكان ملفتاً ومعبراً وذا دلالات موضوع غلاف عدد مجلة الإيكونومست الأخير.. “Israel Alone”.. “إسرائيل معزولة وبمفردها! وبرغم قوتها تبدو ضعيفة، وعلى أمريكا مساعدتها لاستراتيجية أفضل”! حصاد الهشيم!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

أسلحة يوم القيامة

أسلحة يوم القيامة

بلغت وقاحة الكيان الصهيوني حدودا لا يمكن وصفها منذ إعلان حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ولا يمر يوم إلا وتسمع وترى دليلا واضحا كالشمس على حقارة وبشاعة الكيان، وطريقة تعامله الحيوانية مع الآخرين. الأسبوع الماضي استوقفني تصريح خطير جدا، أدلى به يائير كاتس رئيس مجلس...

قراءة المزيد
السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

في ظهيرة الجمعة 26 من مارس/ آذار انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بث مباشر، قام بنشره شاب صعيدي، أرسل من خلاله استغاثة، وهو على متن قطار مصري اصطدم بآخر، فسقط به من الضحايا العشرات. بدا الشاب بعيون زائغة، والغبار يلف وجهه وشعره، وهو يصرخ بشدة، قائلاً "الحقونا.....

قراءة المزيد
الحاقة ما الحاقة؟

الحاقة ما الحاقة؟

 سؤال لا يمكن للعقل البشري أن يجد إجابة عليه!. هكذا يسأل الله قارئ القرآن وكل من يسمع بدايات سورة الحاقة.. يعرض سبحانه في المرة الأولى كلمة الحاقة، وهي من أسماء يوم القيامة، يسأل عنها، ثم في المرة الثانية يؤكد سبحانه على عظم ومكانة هذا اليوم بقوله: "وما أدراك ما...

قراءة المزيد
Loading...