أخطاء خطيرة في خطاب السفيرة الأميركية

بواسطة | مارس 5, 2024

بواسطة | مارس 5, 2024

أخطاء خطيرة في خطاب السفيرة الأميركية

كلمة ليندا توماس غرينفيلد – الوحشية الإسرائيلية في فلسطين وحاجة العالم للتحرك

في كلمة مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، التي ألقتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بمناسبة ذكرى مرور عامين على الحرب الروسية في أوكرانيا؛ حدثت أخطاء غير مطبعية على درجة عالية من الأهمية الموضوعية والخطورة السياسية، لما تسببه من إحراج شديد للإدارة الأميركية، ومن فضح لموقفها تجاه حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ خمسة أشهر، حيث جاءت الكلمة على النحو التالي:

رأينا القوات الإسرائيلية ترتكب أعمالا ًوحشية لا توصف وجرائم ضد الإنسانية. وشاهدنا بأم العين كيف سعت إسرائيل إلى إعادة كتابة التاريخ، وحاولت إنكار الهوية الفلسطينية وتبرير ما لا يعقل من خلال التعذيب والترحيل وإعادة التعليم، والتلقين، والقمع، والتضليل.

– على أبواب غزة

حضرات الزملاء، مرّت خمسة أشهر على شن إسرائيل اجتياحها الشامل الوحشي وغير المبرر وغير الشرعي على قطاع غزة، وهو اجتياح توّج ٧٥ عاماً من الجهود الرامية لاحتلال الأراضي الفلسطينية وإخضاع شعبها. ورأينا القوات الإسرائيلية منذ ذاك الحين ترتكب أعمالا وحشية لا توصف وجرائم ضد الإنسانية، وشاهدنا بأم العين كيف سعت إسرائيل إلى إعادة كتابة التاريخ، وحاولت إنكار الهوية الفلسطينية وتبرير ما لا يعقل من خلال التعذيب والترحيل وإعادة التعليم، والتلقين، والقمع، والتضليل.

ولكننا نعرف الحقيقة! نحن نعرف الحقيقة، ليست هذه حرب تحرير، ولا حربا تدافع فيها إسرائيل عن نفسها، ليست هذه الحرب الملاذَ الأخير ولم تكن يوما كذلك، وبالتأكيد لا ينطبق عليها هذا الوصف اليوم.

حضرات الزملاء، هذه ذكرى مؤلمة وفرصة لإعادة تأكيد دعمنا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وللشعب الفلسطيني.. لا نقوم بذلك لأن كثيرين يعانون في أماكن أخرى، بل لأن النضال من أجل الأمن والإنسانية وحق تقرير المصير مسائل عالمية مشتركة.

لقد أظهر لنا الفلسطينيون معنى النضال من أجل هذه القيم، في كل يوم وبمواجهة أشد الصعاب، ولذلك نحن مدينون لهم حتى يتمكنوا من أن يرووا القصة التي تسعى إسرائيل جاهدة لطمسها! قصة الزعماء الدينيين الذين تم اعتقالهم أو قتلهم لأنهم تجرؤوا على الصلاة من أجل بلادهم، قصة الصحفيين والمعارضين والناشطين السياسيين الذين تم استهدافهم وتعذيبهم، ولكنهم يواصلون دق ناقوس الخطر، قصة المئات.. المئات من الرجال والنساء والأطفال الذين أعدمهم الجنود الإسرائيليون في فلسطين، وتحول معسكر أطفالهم إلى غرفة تعذيب، وألقيت جثثهم في مقابر جماعية.

شعب عادي واستثنائي، يفوقه العدو عدداً بفارق كبير ويدافع بشراسة عن مجتمعاته، أساتذة يحولون المخابئ إلى فصول دراسية، عمال مدن يجدون سبلا لاستعادة التدفئة والكهرباء بعد القصف، عائلات تقنن الطعام لإطعام جيرانها، يجب أن تكون روحهم غير القابلة للانحناء نموذجاً نقتدي به جميعنا، فهذه الحرب وهذا الانتهاك الصارخ لميثاق الأمم المتحدة يؤثران علينا جميعاً.

سبق أن اجتمعنا كمجتمع دولي لإدانة انتهاكات إسرائيل لميثاق الأمم المتحدة ورفض محاولاتها غير القانونية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. لقد وجدنا طرقا للالتفاف على حرب إسرائيل لضمان الإمدادات الغذائية العالمية، واخترنا الدبلوماسية والحوار حتى عندما اختارت إسرائيل التدمير والفوضى.

يعوّل نتنياهو على تبدّد عزمنا، فيما يأمل أن يتلاشى عزم قطاع غزة. وبالتالي، فالمهمة التي أمامنا واضحة.. بعد مرور ٧٥ عاماً على الغزو الإسرائيلي الشامل، يتعين علينا مواصلة الوقوف إلى جانب فلسطين والدفاع عن النظام الدولي”.

ولكن يعوّل نتنياهو على تبدّد عزمنا، فيما يأمل أن يتلاشى عزم قطاع غزة. وبالتالي، فالمهمة التي أمامنا واضحة.. بعد مرور ٧٥ عاماً على الغزو الإسرائيلي الشامل، يتعين علينا مواصلة الوقوف إلى جانب فلسطين والدفاع عن النظام الدولي.

إذاً، فيما نواصل العمل على مدار الساعة لإيجاد أفضل مسار للعمل في الشرق الأوسط، لا يسعنا أن نغفل عن وحشية إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، ولا يمكننا أن ننسى محنة الفلسطينيين الذين ما زالوا يقاتلون ويموتون من أجل حريتهم.

ويقودني ذلك إلى نقطتي التالية، ألا وهي ضرورة أن نتحدث بصوت موحد لمطالبة إسرائيل بإنهاء هذه الحرب، أي دعوتها إلى سحب قواتها إلى خارج حدود الأراضي الفلسطينية المعترف بها دوليا، والتمسك بالمبادئ الأساسية للسيادة والسلامة الإقليمية، وضمان تحقيق العدالة لضحايا جرائم إسرائيل المروعة، فخلف كل إحصائية شخص ذو قصة.

لا أستطيع أن أتصور كيف يمكنني أن أتكلم عن تعبنا لمن التقيت بهم في الأراضي الفلسطينية، للمرأة التي اغتصبها الجنود الإسرائيليون ولم تعد الفرحة تظهر على وجهها، للعامل في القطاع الطبي الذي اعتقلته القوات الإسرائيلية وعذبته لأسابيع، للطفلة بنت الـسنوات العشر، التي أرادت العودة إلى المدرسة ورؤية أصدقائها أكثر من أي شيء آخر، للأم التي فقدت طفلتها في هجوم على منزلها وحملت ابنتها بين ذراعيها عندما لفظت أنفاسها الأخيرة.

حضرات الزملاء، لا يستطيع هؤلاء الفلسطينيون وتلك العائلات تحمل التعب، وهم يعتمدون علينا للدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة ومحاسبة من ينتهكه، ولمقاومة الانقسام والتعب، ولنجتمع معا للدفع من أجل الدبلوماسية والحوار والسلام العادل والدائم وحماية الحياة، حتى تزدهر الحرية والديمقراطية مرة أخرى في الأراضي الفلسطينية وفي كل مكان يتعرض للهجوم.

كان هذا أبرز ما ورد في كلمة السفيرة غرينفيلد.. وكان الخطأ الذي حدث لهذه النسخة، هو وضع كلمة “إسرائيل” مكان “روسيا”، لأنهما يتساويان في القيام بالحرب وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وكلمة “الجيش الإسرائيلي” مكان “الجيش الروسي” لأنهما يتساويان في ارتكاب الجرائم ضد المدنيين وضد الإنسانية، وكلمة “نتنياهو” مكان “بوتين” لأنهما يتساويان في المسؤولية عن اتخاذ قرار الحرب، وكلمة “فلسطين والمناطق الفلسطينية وقطاع غزة” مكان كلمة “أوكرانيا والمناطق الأوكرانية” لأنهما يتساويان في موقع الضحية.

كان هذا الخطأ ضرورياً لكشف حقيقة ما تقوم به الولايات المتحدة من تحايل وخداع وظلم، ومن ازدواجية معايير، وانتهاك لأسس النظام العالمي، رغم أن أوكرانيا تقف في وجه روسيا ومعها خمسون دولة تقدم لها أحدث الأسلحة، وتوفر لها كل ما تحتاجه من دعم وإسناد ومساعدات عسكرية ومالية وإغاثية، بينما تقف غزة في وجه الإبادة الجماعية الصهيو-أميركية وحدها، تدفع بصدرها الدمار والقتل والموت والجوع والعطش والتشريد والخذلان، ولا تزال صامدة.

تجاوز عدد الضحايا المدنيين في قطاع غزة مئة ألف بين قتيل وجريح، ٧٠٪ منهم من النساء والأطفال، وتجاوز عدد المعتقلين في الضفة وغزة في الأشهر الخمسة الماضية خمسة آلاف، ولا تزال الإدارة الأميركية عند ذكر هذه الحرب لا تتحدث إلا عن سقوط ١٢٠٠ قتيل إسرائيلي و٢٠٠ أسير في هجوم طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣م.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

عن الذين لا يعرفهم عمر!

عن الذين لا يعرفهم عمر!

جاء السائب بن الأقرع إلى عمر بن الخطاب يبشره بالنصر في معركة نهاوند؛ فقال له عمر: النعمان أرسلك؟.. وكان النعمان بن مقرن قائد جيش المسلمين في المعركة. قال له السائب: احتسب النعمان عند الله يا أمير المؤمنين، فقد استشهد! فقال له عمر: ويلك، ومن أيضا؟ ‏فعد السائب أسماء من...

قراءة المزيد
حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
Loading...