ألمانيا النازية العنصرية

بقلم: أسامة السويسي

| 21 يناير, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: أسامة السويسي

| 21 يناير, 2024

ألمانيا النازية العنصرية

في ظل الدعم الحالي الكبير من ألمانيا للكيان الصهيوني، يبدو أن بعض الأمور لا تزال تتشابك مع التاريخ النازي. هذا المقال يلقي نظرة على الدور الحالي لألمانيا وكيف تظهر بعض علامات العنصرية في تعاملها الدولي والداخلي.

ألمانيا – دعم الكيان وعنصرية مستمرة

مخطئ من يتصور أن موقف ألمانيا الداعم للكيان الصهيوني دافعه التكفير عما فعله القائد النازي أدولف هتلر، خلال المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، التي راح ضحيتها ملايين اليهود في فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بسبب هويتهم العرقية والدينية، على يد الحكم النازي في ألمانيا.

ولا تتعجب عندما تشاهد هذا الدعم الشامل من الحكومة الألمانية الحالية لإسرائيل، حتى إنها تضامنت معها أمام محكمة العدل الدولية، في الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا متَّهِمةً الكيان الإسرائيلي بارتكابه جرائم إبادة جماعية، في عدوانه المستمر على غزة منذ ثلاثة أشهر.. ولا تندهش عندما ترى المستشار الألماني أولاف شولتس يرفض أي وقف “فوري” لإطلاق النار في قطاع غزة، مبررا ذلك بأنه يعني في نهاية المطاف أن إسرائيل ستدع حماس تمتلك صواريخ جديدة.

العنصرية الحديثة في ألمانيا

ببساطة شديدة، ألمانيا الجديدة “العنصرية” لا تختلف كثيرا عن ألمانيا القديمة “النازية”.. لذا فهي تقف دائما في صف الأشرار، وتدعم كل ما هو عنصري متحيز. وعلينا أن نتذكر أن جرائم هتلر لم تقتصر على اليهود، فقد قام بقتل مجموعات أخرى من البشر، وشمل ذلك الغجر وذوي الإعاقة؛ كما اعتقل وانتهك حقوق آخرين كالمعارضين السياسيين وغيرهم؛ ولو كُتب له الاستمرار في غزواته لجاء الدور على العرب والمسلمين.

لهذا، لا تستغرب عندما ترى الدعم المطلق من مستشاري ألمانيا للكيان الصهيوني، مهما كانت الفاتورة الإنسانية التي يدفعها المدنيّون؛ لأنهم ببساطة يعتبرون أن أمن أسرائيل مصلحة عليا للدولة الألمانية، وهو ما أكدته مندوبتهم في مجلس الأمن الدولي، عندما قالت إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها.

تأثير دعم الكيان على السياسات الداخلية

لو تعمقنا قليلا في صورة ألمانيا الجديدة، لوجدنا أشكالا من العنصرية يتعرض لها سكان البلاد الذين تدل ملامحهم على أنهم من أصول مهاجرة، ويشمل ذلك التنمر والإهانة، وحتى السخرية التي تحدث يوميا.. على الرغم من أن ألمانيا تَعتبر نفسها دولة ليبرالية، ويُنظر إليها أيضا على أنها بلد عالمي أكثر مما كانت عليه قبل الألفية الجديدة.

وتذكروا تكرار جرائم النازيين الجدد ضد المواطنين الألمان ذوي الأصول الأجنبية، وضد الأجانب المقيمين -خاصة الأسر التركية- في عقد التسعينيات؛ ويأتي مع هذا كله ما تقوم به ألمانيا من قمع غير مسبوق  لحرية التعبير للأصوات المتعاطفة مع فلسطين.. فقد ألغى معرض فرانكفورت للكتاب حفل تكريم الروائية الفلسطينية عدنية شبلي وتسليمها جائزة، وسحبت مدينة بوخوم جائزة بيتر ويز من الكاتبة البريطانية- الغانية المقيمة في برلين، شارون دوداو أوتو، وألغى البينالي الألماني للتصوير المعاصر جولته لعام 2024 بعدما عزل مديره المصور المشهور شهيد الله علم، وألغى متحف سار لاند معرضا لعام 2024 للفنانة اليهودية من جنوب أفريقيا المقيمة في برلين كانديس بريتز.

وتعاملت الشرطة بعنف مع المتضامنين مع فلسطين، وتم اعتقال حتى غير المشاركين المارين في الشوارع، ومنعت شرطة برلين مسيرة شبابية ضد العنصرية، وتظاهرة للتذكير بالأطفال الذين قُتلوا في غزة.. ومنعت برلين رفع العلم الفلسطيني والألوان المرتبطة به والكوفية الفلسطينية، وظهر فيديو لمدرس وهو يضرب تلميذا يحمل علم فلسطين، وتم تعليق دراسة طالبين. أما الأستاذ، فلم يواجه بعد تداعيات فعله.

فلا تتعجبوا، لأن الإمبراطورية الألمانية للإبادة الاستيطانية- الاستعمارية في ما تعرف اليوم بدولة نامبيا، قتلت نحو 100 ألف شخص في الفترة ما بين سنتي 1904  و1908، ومحت نسبة 80% من قبائل هيروري من شعب الناما.. كما كانت ألمانيا الإمبريالية رائدة في معسكرات القتل والتجارب الطبية الفظيعة، التي ستصبح علامة فارقة للحكم النازي.

أسامة السويسي

ناقد رياضي بقناة الكاس

3 التعليقات

  1. احمد جمال ابوجناح

    احسنت استاذنا الفاضل دول الغرب تنظر لمجتمعتنا جميعا كعرب علي ان العرب جميعا فكرهم فكر ارهابي متطرف وهذا بالعكس فهم من ابتدع التطرف والفكر الارهابي والعنصرية
    كل التوفيق والاحترام لشخصك الكريم
    استاذا وموفق دائما

    الرد
  2. ايمن السيد عبدالعزيز

    ربط جميل للكاتب الكبير .. بالفعل هو شكل جديد للنازية والعنصرية. احسنت يا استاذ يا كبير

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
سوريا وثورة نصف قرن

سوريا وثورة نصف قرن

سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...

قراءة المزيد
Loading...