أمريكا والسقوط الأخلاقي الأكبر

بواسطة | يناير 14, 2024

بواسطة | يناير 14, 2024

أمريكا والسقوط الأخلاقي الأكبر

تكشف المقالة عن فضيحة السلوك الأمريكي في ظل أحداث طوفان الأقصى، مظهرة التحيز والخسائر الأخلاقية التي أصابت صورة الولايات المتحدة.

خسائر أخلاقية وتحيز مكلوم في وجه القضية الفلسطينية

الولايات المتحدة الأمريكية هي الخاسر الأكبر منذ بداية طوفان الأقصى.. فقد كان سقوطها الأخلاقي مدويا، ومعه انكشفت كل عوراتها، خصوصا في ما يتعلق بالحريات والعدالة، ودفعت ثمنا باهظا لتحيزها الواضح ضد الشعب الفلسطيني.

وتصرّ حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على مواصلة الانعزال عن العالم، وتحقيق أكبر قدر من الخسائر لصورتها، التي صرفت عليها الكثير لتبدو الدولة الأكثر أخلاقية وعدالة على كوكب الأرض، والدولة المدافعة عن الحقوق والمحاربة للإرهاب.

انكشف أبناء العم سام في ثلاثة أشهر، بسبب مواقفهم الصريحة والواضحة كضوء الشمس في مشاركة الكيان الصهيوني في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، خصوصا في قطاع غزة؛ والرئيس الأمريكي جو بايدن – الذي أعلن أنه صهيوني ولا يعتذر عن ذلك، بل إنه سن قانونا يجرّم معاداة الصهيونية- مازال وحكومته يقدمون كل أنواع الدعم لدولة الاحتلال، طفلهم المدلل.. الرئيس بايدن تخطى الكونغرس مرتين في شهر واحد، لتمرير صفقة طارئة لبيع أسلحة لدولة الاحتلال، تضمن إيصال قذائف حديثة لضرب الأبرياء والأطفال والنساء في غزة.

استخدام حق الفيتو وتداول الأسلحة

الولايت المتحدة الأمريكية استخدمت حق الفيتو ضد كل مشاريع القرارت التي تطالب بوقف إنساني لإطلاق النار، وهو أمر ليس بمستغرب من دولة استخدمت حق النقض على مر التاريخ بنسبة تصل إلى 99 بالمئة لحماية إسرائيل، بينما استخدمته لمصلحتها مرتين فقط.

هي نفسها أمريكا التي أقامت الدنيا ولم تُقعدها بسبب استهداف جماعة الحوثي في اليمن للسفن الإسرائيلية، أو لتلك التي تتوجه إلى موانئ إسرائيلية، للضغط بهدف وقف العدوان الصهيوني على غزة؛ فكان أن حركت أمريكا أسطولها البحري إلى جنوب البحر الأحمر، وحشدت كل مؤيديها، ونجحت وبسرعة البرق في الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، يدين هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، ويطالب بالوقف الفوري لهذه الهجمات.. ولم تكتفِ أمريكا وشريكتها بريطانيا بقرار الإدانة، بل بادرت بإعلان الحرب على اليمن وقصْف مواقع تابعة لجماعة الحوثيين.

مواقف متناقضة في مجلس الأمن

والمضحك أن ليندا توماس غرينفيلد، مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن، وصفت هجمات الحوثيين بأنها انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية.. وهي نفسها التي عارضت طوال الشهور الماضية اعتبار أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الأعزل في فلسطين يمثل انتهاكا للقوانين والمعاهدات الدولية، بل إنها كانت – كحكومتها- تعتبره دفاعا عن النفس، وحقاً مشروعاً لدولة الاحتلال.

لم يعد أحد يتعجب من المواقف الغريبة المريبة للحكومة الأمريكية، التي قدمت كل الدعم للكيان الصهيوني على مر التاريخ وما زالت؛ لكن خسائرها كانت فادحة هذه الأيام، بعد أن اكتشفت شعوب العالم الحقيقة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، التي فضحت التحيز السافر للإعلام الغربي الذي كان يكذب طوال الوقت.. وباتت الشعوب حاليا على درجة كبيرة من الوعي، لتضع الولايات المتحدة وكل من يدعم الكيان المحتل في ركن واحد، ركن من يدعم الإرهاب الحقيقي ويرسخ مفهوم البلطجة الدولية.

ولكم أن تتخيلوا حجم ما أنفقته الولايات المتحدة الأمريكية لوصم الإسلام والمسلمين بالإرهاب، وما استغرقته من وقت لترسيخ هذا الفهم في عقول الغرب.. حتى جاء طوفان الأقصى، فضرب هذا المخطط في أيام قليلة، وأسقط ورقة التوت وكشف العورات، حتى إن العالم كله بات يرفع علم فلسطين التي أرادوا محوها من على الخريطة، وبات اعتناق الإسلام مذهلا بين تلك الشعوب الغربية بفضل صبر وثبات الشعب الفلسطيني على الابتلاء، وطريقة تعامل المقاومة الفلسطينية مع الأسرى، وغير ذلك من المشاهد التي كشفت كذب آلة الإعلام الغربي.

1 تعليق

  1. Hassan Atia

    لابد من رفع القبعة تقديراً لكم على هذا المقال الرائع ، لسان حالنا جميعاً وقلمنا الذي عبر عما يجول بخاطرنا بل وأسمع صوتنا للعالم العربي والغربي الظالم في الوقت الذي نحتاج فيه لمن يعبر عنا ويبلغ صوتنا

    شكراً جزيلاً لك وخالص الأمنيات بالتوفيق

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...