أميركا ومحاولة إنقاذ إسرائيل من مستنقع غزة
بقلم: خليل العناني
| 30 نوفمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: خليل العناني
| 30 نوفمبر, 2023
أميركا ومحاولة إنقاذ إسرائيل من مستنقع غزة
تحليل يسلط الضوء على مراجعة إستراتيجية في الخطاب والضغوط الداخلية في إدارة بايدن، مستعرضًا إمكانية وقف الحرب الإسرائيلية على غزة بناءً على التحولات السياسية والعسكرية.
مراجعة إستراتيجية: التحولات في سياسة الولايات المتحدة تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة
بعد تقديمها الدعم الأعمى وغير المحدود لإسرائيل خلال حربها على قطاع غزة، يبدو أن ثمة مراجعة داخلية تقوم بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في ما يخص الأزمة الراهنة. هذه المراجعة تتم بشكل غير معلن وذلك تجنبًا للحرج داخليا وخارجيا، ولكن مؤشراتها تبدو واضحة.
فمن جهة، ثمة تحول ملحوظ في الخطاب الأميركي من الحرب الحالية، وذلك بالحديث المتكرر عن مد آجال الهدنة المؤقتة، وتحويلها إلى هدنة دائمة، وربما وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. ومن جهة أخرى، هناك دعوات -وإن كانت على استحياء- من أجل وضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، بحيث لا يتم استهداف المدنيين في قطاع غزة؛ وهو أمر لم يكن واردًا على الإطلاق قبل هذه الحرب، والتكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعها الفلسطينيون من أرواحهم خلال الفترة الماضية. ومن جهة ثالثة، هناك رفض أميركي لتوسيع نطاق الحرب باتجاه جنوب قطاع غزة بنفس الطريقة التي تمت بها في الشمال.
وعلى ما يبدو فإن إدارة بايدن، وبناء على نصيحة مستشاريها العسكريين والاستخباريين، بدأت تدرك بأن حرب إسرائيل على قطاع غزة هي حرب خاسرة، وأنه من الصعب، إن لم يكن مستحيلًا، التخلص من حركة حماس عبر عملية برية واسعة؛ ولذلك فقد ضغطت إدارة بايدن، ولا تزال، على تل أبيب من أجل الموافقة على تمديد الهدنة المؤقتة أيامًا، وذلك من أجل إنجاز صفقة التبادل بين عدد من الرهائن لدى المقاومة الفلسطينية، خاصة الأطفال والنساء، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
كذلك تبدو الإدارة الأميركية مقتنعة بأنه من الصعب بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، استمرار الحرب بنفس الطريقة والوتيرة التي جرت عليها طيلة الأسابيع الستة التي استغرقتها حتى توقيع اتفاق الهدنة المؤقتة، خاصة مع ارتفاع التكلفة الإنسانية الباهظة من المدنيين من أهل قطاع غزة؛ لذلك فهي تبحث الآن عن مخرج لها ولإسرائيل من هذه الورطة، وذلك بشكل يحفـظ ماء وجهيهما من جهة، وفي نفس الوقت لا يمنح حماس لذة الانتصار ونشوة الفوز في هذه الحرب من جهة أخرى.
وحقيقة الأمر أن هذه القناعة الأميركية لم تأت من فراغ، ولكن من عدة أمور أهمها فشل العملية العسكرية البرية التي قامت بها إسرائيل في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض، سواء في ما يتعلق بضرب القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، أو ما يرتبط بإمكانية تحرير الرهائن بالقوة ورفض التفاوض لحل الأزمة. كذلك فإن ثمة إدراك أميركي بأن إطالة أمد الحرب على نفس الوتيرة يعني احتمال اتساع نطاقها، وإمكانية ودخول أطراف أخرى على خط الأزمة، سواء كان ذلك بالتصعيد على جبهة جنوب لبنان، أو على الجبهتين السورية والعراقية ضد القواعد العسكرية الأميركية، أو المخاوف المتزايدة من جبهة الحوثيين في اليمن، التي أصبحت نشطة وفاعلة خلال الأيام القليلة الماضية، والتي من المتوقع أن يزداد نشاطها خلال الفترة المقبلة سواء في البحر الأحمر أو في خليج عدن بالقرب من المحيط الهندي وربما مضيق هرمز.
أيضا، لعبت الضغوط الداخلية في أميركا دورًا مهما في تحول الموقف الأميركي من الحرب على غزة؛ فالخلافات داخل الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الحاكم، باتت جلية لا يمكن مُداراتها، فعدد الذين يرفضون الحرب ويطالبون بوقفها بشكل فوري أصبح كبيرًا، وفي نفس الوقت خسر بايدن دعم الشباب داخل حزبه إلى حد كبير بعد أن هبطت شعبيته بينهم إلى أدنى مستوياتها؛ كذلك يتزايد عدد الرافضين للحرب بين أعضاء الحزب في الكونجرس الأميركي، بل ويحاولون الآن الضغط من أجل فرض شروط على المساعدات العسكرية التي تقدمها أميركا لإسرائيل؛ وأخيرا، هناك حالة تمرد داخل بعض المؤسسات الأميركية، حيث يرفض عدد من الموظفين ما يجري في قطاع غزة، ويطالبون بوقف فوري لإطلاق النار. كل هذه الأمور تمثل عنصر ضغط على صانع القرار الأميركي الذي يدرك بأن الوقت ليس في صالحه ولا في صالح إسرائيل، وبالتالي يبحث الآن عن مخرج من هذه الأزمة.
بيد أن السؤال الملحّ هو: هل بإمكان أميركا أن توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟ نظريا، الإجابة هي: نعم تستطيع، وذلك لما تملكه من أدوات ونفوذ لدى إسرائيل؛ فواشنطن هي الداعم الأكبر لتل أبيب عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا، وهي التي منحت إسرائيل، ولا تزال، غطاء للحرب على غزة، وهي أيضا من يفاوض مع المقاومة نيابة عن إسرائيل، التي تبدو كالطفل المدلل الذي يتمرد على والده وهو يعلم أنه لن يتم عقابه، كما أنها تمنع الضغط الدولي على إسرائيل من أجل وقف الحرب، وإنهاء المأساة الإنسانية في قطاع غزة. ويمكن لواشنطن، إن أرادت، أن تستخدم منطق (العصا والجزرة) مع إسرائيل، إذ يمكن أن تلوّح بوضع شروط وقيود على المساعدات التي تقدمها لإسرائيل، وكذلك تضغط دبلوماسيا من خلال مجلس الأمن كي يقوم بتمرير قرار من شأنه وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
ولكن التحدي هو في مدى توفر الإرادة السياسية لدى أميركا من أجل فرض أي وقف لإطلاق النار على إسرائيل، خاصة في ظل الضعف الشديد الذي تبديه إدارة بايدن تجاه تل أبيب، والذي تستغله هذه الأخيرة لصالحها منذ بدء الحرب وحتى الآن. وفي كل الأحوال ستضطر إدارة بايدن لإيقاف هذه الحرب عندما تشعر بأن تكلفتها السياسية والعسكرية باتت أكبر من أن تتحمله داخليًّا وخارجيًّا.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق