أي معركة ستخوض!؟

بواسطة | فبراير 2, 2024

بواسطة | فبراير 2, 2024

أي معركة ستخوض!؟

تعتبر الحياة رحلة مستمرة مليئة بالتحديات والتجارب، وفي هذا المقال، سيتم مشاركة خلاصة رحلة شخصية في فهم الإنسان وكيفية التغلب على التحديات والحفاظ على الإيجابية.

رحلتي في معركة الحياة: نصائح للتفكير الإيجابي والتغلب على التحديات

نظراً لأنني ممن تعثروا.. وأدخلتهم الدنيا أزقتها دون دليل لها، أو وقاية ضد حوادثها، كان لزاماً عليَّ أن أبحث عن مخرج..!

عقدين من الزمن أمضيتهما في فهم الإنسان.. لماذا يعاند نفسه؟ وكيف يسلك الطرق الضيقة بإرادته؟ متى بدأت أزمته؟ ولماذا يعيد تكرار الأخطاء؟ وهل لهذه الدوامة من نهاية؟!

كنت أنا المتأمل والحالة! كنت الطبيب والمريض، المتهم والقاضي! ولم لا؟.. ألست من الناس، وبداخلي ما بداخلهم من طمع وجشع، وأثرة وحب نفس؟ ألست مثلهم نبيلاً لوقت، شجاعاً لمرة، شهما أصيلا ذات يوم؟!

أمضيت عقدين أحاول إنقاذ نفسي، وحينما أدركت أن طريقي ما زال طويلاً أو – بمعنى أدق- لا سبيل لنهايته، قررت أن أخبركم بما توصلت إليه، علَّ في هذا ما يمكن أن أفيد به صديقاً بدأ لتوه رحلته الشاقة في فهم ما يحدث له في هذه الدنيا.

يا صاحبي ودونك النصيحة! إن ما أخبرك به القرآن وحدثك عنه الفلاسفة، ونبه إليه غير قليل من علماء النفس، غير أنك تحاول الهروب منه؛ هو أن المرء منا ليس نظيفاً، ولا يولد نزيهاً، ولا يرتدي ثوباً نقياً!

يولد المرء يا صاحبي أنانياً، طماعاً، نهماً، عجولاَ، كنوداً جاحداً؛ هذا جانب مهم يولد مع الإنسان.. حنوناً، محباً، أصيلاً؛ هذا جانب آخر! وبمجرد أن تطلق صافرة البداية، ويقذف بك رحم القدر لهذه الدنيا، تبدأ رحلة كفاحك.

فإياك ثم إياك ثم إياك، أن تذهب إلى ما ذهبوا إليه من أن دورك أن تخوض حربك مع الحياة، إن حربك يا صاحبي مبدؤها ومنتهاها في محاربة الوحش الكامن بداخلك، لأن الحياة ببساطة هي نحن، نحن من ننحاز إلى نسخة ما في ضمائرنا، نحن من نقرر لمن نوجه طاقتنا، وجهدنا، وحربنا.

أَتُراك ستقتل الشرف والإنسانية، مناطق الحس والشعور بداخلك، كي لا تؤورقك في مشوارك التعس؛ أم ستجاهد في محاصرة نسختك الكريهة، وتتحمل وجع العيش طاهراً وسط أناس فيهم من فاقك جهاداً، وفيهم من أطلق كل وحوشه في وجهك؟!

نحن الفعل يا صاحبي، ولقد أمرنا ربك – جل اسمه- أن تنظر نفوسنا إلى ما قدمت لغد.. والغد كي يكون مشرقا، لن نمضي إليه منعمين، بل هانئين! وثمة فرق هائل يا صاحبي بين أن تعيش منعما، وأن تعيش هانئا؛ إذ النعيم ليس في الدنيا وضل طالبه، مبتغاك هو هناء النفس، وراحة الضمير، ونقاء القلب.

وليس معنى هذا أن تمر من فخاخ الحياة سليماً، ستقع غير أنك ستنهض، ستخطئ وتذهب منكسر النفس آسفاً، ستطمع غير أنك لن تغدر، وتحدثك نفسك بالسوء، فتطاوعها مرة وتقسو عليها مرات.. وأثناء انشغالك في هذا ستجد نفسك فجأة بين التراب، لقد أُطلقت صافرة النهاية دون وقت إضافي، ما ضيعته لا يعوض، وأثر عملك ماض في الحياة، شرا كان أم خيرا!

يا صاحبي – وأنا أولى بالنصيحة- إياك أن تشغلك الحياة عن تأمُّل نفسك، انظر دائماً إلى عداد الوقت كي لا يمر زمنك وأنت لاهٍ لم تحسم معركتك بعد! وربك يا صاحبي قريب، خالق النفس أعلم بما فيها، وخالق الضعف بشَّره بالرحمة، وخالق العقل أمره بالتدبير..

صدقني.. لمعركتك ثمن، غير أن الدنيا لن تخبرك بهذا!

يا أنا، وكلانا أنا.. عندما ضرب ربك الأمثال بقصص في كتابه لم يكن يسلينا بحكايات نرددها قبل النوم، إنه – جل اسمه- ينبهنا إلى أن دوران الزمن على الناس آيه تحتاج لتأمل، وفهم، وتدبر، فما بالك بدورانه علينا، ووجع تقلباته في نفوسنا؟!

أعلم أن معركة لقمة العيش قد أنهكتك، والقيام بدورك دون تقصير قد أتعبك، ولكن.. ما الجديد يا صاحبي؟!

 نحن دائماً في اختبار، إما اختبار نعمة؛ أنشكر أم نكون من الكافرين؟ أواختبار شِدة؛ أنصبر أم نسقط ونكون من الجاحدين؟. والحياة تمضي على الجميع، وأثرها في النفوس متوقف على تعهد الواحد منا لنفسه، ومراقبتها، وتقويم سلوكها.

 هذا التقويم الذي ربما أمرك به شيخ في مسجد فتوهمت أنه مرضاة لربك فقط، إنه يا هذا نجاة لروحك من فخ نسختك السيئة، إنقاذ للإنسان الذي بداخلك، والذي مهما أغروك باغتياله أو حبسه، لن تجد بعد أنسه مكانا آمنا في العالم يقبلك!

كما قلت، لا جديد في ما ذكرته، ستجده مدوناً في الكتب السماوية، وأرشيف الفلاسفة، ونصائح الحكماء.. الكل سيخبرك أنه مطلوب أن تكون إنساناً فاضلاً، حقيقياً، منشغلاً بحربك الحقيقية..

كل ما هنالك، أنني أرسلها لك من قلب المعركة!

6 التعليقات

  1. أسماء حسين

    دائمآ متألق في كلماتك أستاذنا المبدع
    احببت الكتابة والإبداع في الحديث من متابعات اعمالك
    الله يأجرك ويحفظك ويسعدك ويتقبل منك

    الرد
  2. يوسف الگدار من المغرب

    مختصر لمسلسل “الحياة” من المهد إلى اللحد.
    و يبقى الإسلام السبيل إلى ضبط النفس و تزكيتها… حيث يطمئن المرء مادام ماأصابه لم يكن ليخطئه و مادام رزقه ضمنه له خالقه و لن ينقضي عمره حتى يفني رزقه.
    و ختاما…. شكرا لك فقد كنت رائعا صراحة و استمتعت بالفعل بإعادة قراءة مقالتك مرات.
    كل التوفيق إن شاء الله.

    الرد
  3. منى البحيرى

    شكرا أستاذى الجليل لهذه النصائح الغالية كنت أحتاج إليها فى وقتى هذا وانا بداخل سجنى الذى وضعت فيه ابتلاءا من ربى أأصبر أم …؟؟؟
    فكانت نصيحة حضرتك بمثابة العون لى

    الرد
  4. حكمت

    كلام من ذهب على أسطر من نور بارك الله وسددك

    الرد
  5. Mo Elsayed

    شكرا استاذ كريم

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...