إسرائيل كدولة منبوذة
بقلم: خليل العناني
| 27 مايو, 2024
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: خليل العناني
| 27 مايو, 2024
إسرائيل كدولة منبوذة
ثلاث ضربات نوعية تلقتها إسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية، ومحصلتها جميعا أنها أصبحت دولة منبوذة ومكروهة، ومعزولة إقليميًّا وعالميًّا.
الضربة الأولى جاءت من المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي طلب من قضاة المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق مجرمَي الحرب، بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت؛ وهو الطلب الذي أثار – ولا يزال- عاصفة من ردود الأفعال الأميركية، التي وصلت إلى حدِّ تهديد رئيس مجلس النواب “مايك جونسون” بفرض عقوبات على المحكمة، واعتبار قرارها شائنا وغير مقبول؛ ومثل هذا كان موقف الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي انتقد طلب خان بشدة، ودافع عما ترتكبه إسرائيل من جرائم في حق الفلسطينيين، واعتبر أنها ليست إبادة جماعية.
الضربة الثانية هي الاعتراف الثلاثي بالدولة الفلسطينية، الذي جاء من إسبانيا وإيرلندا والنرويج، وللأخيرة دلالة مهمة حيث إن عاصمتها “أوسلو” هي التي احتضنت قبل ثلاثين عاماً ما يسمي بـ”مسار السلام” الوهمي، الذي مكّن إسرائيل من مد سيطرتها ونفوذها على معظم الأراضي الفلسطينية. ولعل أهمية هذا الاعتراف ليست فقط في قيمته الرمزية وإنما أيضا السياسية؛ فهو اعتراف صريح بتحمُّل إسرائيل عواقب فشل قيام الدولة الفلسطينية، واعتراف صريح بنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته، واعتراف صريح بانتهاء زمن التخويف والترهيب الإسرائيلي من مغبة إعلان قيام الدولة الفلسطينية. وقد كان لافتا تصريح وزيرة العمل الإسبانية، التي رفعت شعار “فلسطين حرة من النهر إلى البحر” بعد اعتراف بلادها بفلسطين، وهو ما أثار موجة من الغضب داخل الكيان الصهيوني، وهذا أيضا مثال آخر على مدى العزلة التي تعيشها إسرائيل، والجرأة التي باتت تتحلى بها حكومات كثيرة، لم تعد تخضع للتهديدات أو الابتزاز الإسرائيلي، كما كانت الحال قبل السابع من أكتوبر الماضي.
أما الضربة الثالثة، والأقوى، فقد جاءت الجمعة الماضية من محكمة العدل الدولية، التي استجابت لطلب جنوب أفريقيا، وطالبت إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في رفح فورا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؛ وهو القرار الذي أثار جنون الكيان الصهيوني وحلفاءه في أميركا، الذين هاجموا المحكمة واعتبروها متحيزة ضد إسرائيل، بل ومؤيدة لحركة حماس، ورغم ذلك فقد رحبت دول عديدة بقرار المحكمة واعتبرته ملزماً لإسرائيل. وحسب القانون الدولي فإنه إذا لم تستجب إسرائيل للقرار، فيجب على مجلس الأمن إجبارها على تنفيذه؛ وتبدو إدارة بايدن عاجزة عن اتخاذ فعل حقيقي يضمن تحقيق ذلك في ظل حالة الضعف والتخبط، التي تتعامل بها مع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
هذه الضربات الثلاث جعلت وسائل الإعلام الأميركية تصف إسرائيل بأنها أصبحت دولة معزولة ومنبوذة عالمياً، وأنها لن تكسب هذه الحرب مهما طالت.
وقد ردت إسرائيل على ذلك من خلال قصف همجي ووحشي على خيام النازحين في مدينة رفح، وحرقت الأطفال والنساء، وذلك في تجاهل تام لقرار المحكمة واعتراض عليه، وفي ظل صمت دولي مُشين؛ وهو ما يدل على حالة الجنون والهيستريا واليأس التي أصابت الكيان الصهيوني، الذي فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي من أهداف الحرب، سواء القضاء على المقاومة الفلسطينية، أو استعادة الرهائن، أو التهجير القسري للفلسطينيين.
ومن الواضح أن العزلة الإسرائيلية تصحبها أيضا عزلة أميركية ظاهرة، بسبب التورط الأميركي في الإبادة الجماعية في قطاع غزة؛ وهناك شعور داخل المؤسسة الرسمية الأميركية، بأن ما يجري في المحكمة الجنائية الدولية سوف يكون له تداعيات خطيرة على أميركا نفسها، وليس فقط على إسرائيل، وهو ما يفسر الرد الغاضب من كثير من الساسة الأميركيين، خاصة داخل الحزب الجمهوري الذي يتوعد أعضاءٌ بارزون فيه قضاةَ المحكمة بالويل والثبور وعظائم الأمور.
لا تريد إسرائيل أن تعترف بأنها خسرت الحرب، والخسارة ليست مجرد كلام إنشائي، وإنما جاء الاعتراف بها من كافة الخبراء الإستراتيجيين والجنرالات العسكريين، سواء الأميركيين أو الإسرائيليين، الذين حذروا من أن إسرائيل تغرق في مستنقع غزة، وأنه لا وجود لأي نصر ممكن على الطريقة التي يريدها نتانياهو الذي يحلم بتحقيق ما يسميه “نصر مطلق” في غزة.
كذلك لا ترغب إسرائيل في الاعتراف بأنه كلما زاد إجرامها وقتلها العشوائي للمدنيين، ازدادت عزلتها دوليا بشكل غير مسبوق.. ونتانياهو بات كالثور الهائج، أو كشمشون الذي سوف يهدم المعبد فوق رأسه ورؤوس من يسير خلفه.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق