إسرائيل ليست قهراً لازماً
بقلم: كريم الشاذلي
| 27 أكتوبر, 2023
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: كريم الشاذلي
| 27 أكتوبر, 2023
إسرائيل ليست قهراً لازماً
هذه بديهية نفيها هو الجالب للاستغراب: فلسطين ليست قدرا!
إسرائيل ليست دولة عظيمة، وليست دولة نزيهة، وليست دولة قوية، هي ليست أكثر من طفل مدلل.. الدول العظيمة لا تشجع على المدنيين، والدولة النزيهة لا تقصف المستشفيات، والدولة القوية لا تطلب العون من أحد.. الطفل السمين المدلل هو فقط من يختبئ خلف أقدام أبويه حال الخوف والإهانة.
إسرائيل المدللة دولة لا حدود لها على الخريطة ولا على الضمير! تحمل مدفعها وقبعتها وتنظر بعيدا وتهدد، حتى إذا جاءها العذاب من تحت أقدامها، صارت إسرائيل المدللة في صدمة.. إسرائيل ليست شيئا خارقا لا حيلة لنا معه، إسرائيل دولة استعمارية، يدعمها قادة العالم أو جلهم، لكنها ليست قوية كما تدعي. لقد تفاخرت بخط بارليف والساتر الرملي والجدار العازل والقبة الحديدية وأجهزة المخابرات؛ ثم إنه عندما يغلق الباب على إصبع هذه الطفلة المدللة، تقصف مصنعا أو مشفى، فتقتل مدنيين وأبرياء.. وقتْل أولئك لا يصنع نصرا.
إسرائيل ليس لها قوة القدر، وليس لها في هذه الأرض جذور راسخة، بل الجذور لأهل فلسطين.. ففي الوقت الذي تواجه إسرائيل فيه حركة نزوح من غلاف غزة داخليا، ومستوطنين يبحثون عن تذكرة فرار خارج هذه الأكذوبة، نرى أهل فلسطين مزروعين في الأرض، أرض غزة هي المعجزة إن شئت حديثا عن المعجزات.
إسرائيل “الدولة المدللة” تواجه هزيمة نفسية تشبه هزيمة أهل مصر سنة 1967، وانتقالهم من مرحلة “سنلقي اليهود في البحر” لمرحلة الأمر الواقع شديد السوء والانكسار.. إسرائيل تواجه الأزمة نفسها، لكن الفارق هنا أن لمصر أهل دافعوا عنها، بينما الطفل المدلل لا أهل له، لقيط يأويه لقطاء.
إسرائيل خطأ يريد إيهامنا أن بقاءه من بقاء القدر، خطأ اجتهد العالم لسنين في جعله صوابا، الأب السيئ يزوّر الحقائق من أجل إنقاذ طفله المدلل، وقادة العالم اليوم يزوّرون الحقيقة بوجه بارد خاصمه الحياء، غير أن الواقع يقول إن كل إعلام العالم يسب حماس، والشارع يدعم فلسطين.. والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” والأندية الأوروبية كلهم مارسوا إرهابا على كرة القدم، بل وعاقبوا لاعبيين أبدوا تعاطفا مع فلسطين؛ والنتيجة: انفجرت المدرجات في العالم بجماهير بالآلاف، وفي مباريات دوري أبطال أوروبا تهتف باسم فلسطين.
إسرائيل خطأ، حتى بعد نصف قرن من معاهدة كامب ديفيد، وعقود على أوسلو، وسنوات على تطبيع مجاني..كل هذا لم يُحدث أثرا كافيا لتجميل وجه الكذبة. لقد أعاد أهل فلسطين المعادلة إلى أصولها، أهل فلسطين مغروسون في أرض غزة، شبابهم تحتها يحفظون عهد الله، وشيوخهم ونساؤهم وأطفالهم فوقها يواجهون وقع القنابل وهمجية القصف، وألم التشريد ووجع الوداع.. لكنهم ليسوا شتاتا، لا تفرقهم القنابل إلا بقدر ما تجمعهم فلسطين. وفي الضفة أيضا يفعل أهل فلسطين الكثير، ويواجهون الكثير، ويحاولون التأثير في المعادلة، رغم قسوة الطوق، وهمجية العقاب.
وإسرائيل الضعيفة تنزف، هي ضعيفة اقتصاديا تتخبط في أزمة بعد نزوح مئات الآلاف، وتعبئة الجيش الاحتياطي وإعلان حالة الحرب.. دعك من خسارة القيمة الاقتصادية التي تمثلها مستعمرات غلاف غزة في الثروة النباتية والحيوانية، وأزمة ميناء إيلات بعد القصف الأخير.
هي كذلك ضعيفة سياسيا، وقد ظهر فيها انقسام بسبب الأسرى، وانقسام بسبب قيادة نتنياهو للحرب، وانقسام بين نتنياهو وقائد جيشه.. هي ضعيفه نفسيا، غير قادرة على اتخاذ قرار، لم تحقق أي انتصار عسكري أو سياسي حتى الآن، الجرح لا زال ينزف، وغطرستهم مهانة. وإسرائيل ضعيفة أمنيا، إذ ما معنى الأمن، وصافرات الإنذار تدوي كل ساعة، وصواريخ القسام تحلق في سماء تل أبيب!
إسرائيل دولة محتلة متغطرسة، لكنها ليست بالقوة التي تخيلناها لسنين، حتى تصورنا أن هزيمتها بحاجة لنفخ الروح في جسد صلاح الدين الأيوبي، كي ينقذنا ويحرر أقصانا الأسير!. الأمر ليس بهذه الصعوبة، ليس بحاجة لمعجزة، ثمة صفحات بيضاء في كتب الفخار مازالت تنتظر أسماء أبطالها، الحق لا يعدم رجاله على طول التاريخ.
إسرائيل ليس لها قوة القدر.. خنقها ممكن لو شئنا، ومهما رأيت إنهاءها صعبا فاستمرار وجودها ـ منطقياـ أشد صعوبة.
ونكرر لأننا ننسى، أن قتل المدنيين ليس بطولة، لاسيما وأن ذلك الطفل المدلل لا يعلن عن كشف نفق تحت مشفى، أو قاعدة إطلاق صواريخ في كنيسة أو مسجد، أو مخزن ذخيرة تحت بناية سكنية.. هي خسة المهزوم المدلل لا أكثر.
إن مكاسب حرب السابع من أكتوبر لكثيرة مهما كانت نتيجة الحرب، هذه حرب حُسمت في بدايتها، إذ يكفي أنها هدمت جبل الأكاذيب، وأغضبت الطفل المدلل.. وأثبتت لنا أن الأقدار يُمضيها الله، ويصنعها الرجال.
والقدر أن تسطر فلسطين تاريخ مجدها.. بيد الأبطال بعد مشيئة الله.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق