
إعلام مجبول على الكذب والتضليل
بقلم: جعفر عباس
| 29 نوفمبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: جعفر عباس
| 29 نوفمبر, 2023
إعلام مجبول على الكذب والتضليل
تتناول هذه المقالة دور الإعلام الأمريكي في تشكيل صورة رسمية مغلوطة حول الدور العالمي والداخلي للولايات المتحدة، وكيف يساهم في توجيه الرأي العام نحو رؤية محددة، بما يتناسب مع مصالح الحكومة.
تضليل الإعلام الأمريكي: بين الواقع والصورة الرسمية
قال حجة السياسية، وحامي حمى الديمقراطية، وراعي السلام والأمن العالميين، والرئيس الحالي للولايات المتحدة، جو بايدن، ردا على سؤال حول أسباب مناصرة حكومته للعدوان الإسرائيلي على غزة، إنه “لو لم تكن هناك إسرائيل لاخترعتها الولايات المتحدة”.. وبهذا كان نصيب من يعيدون اكتشاف كروية الأرض، وظلوا يرددون على مدى أكثر من سبعين عاما أن إسرائيل مخلب قط أمريكا في الشرق الأوسط، أن ألقمهم الرجل حجرا، ومعهم في ذلك الإعلام الأمريكي الذي يصور الولايات المتحدة كراعية للسلام والحريات العامة في كل القارات، لدرجة أن غالبية الأمريكان لم يعودوا يعرفون أن بلادهم كانت ولا تزال كفيل الأنظمة الديكتاتورية في جميع القارات.
قناة (سي إن إن) الأمريكية تتحدث هذه الأيام عن رهائن إسرائيليين في قبضة حركة حماس في غزة، ولا تسميهم أسرى حرب، بينما هم كذلك في واقع الأمر، أما تلفزيون (بي بي سي) فقد قام الأسبوع الماضي بتسجيل ندوة حول حرب غزة، شارك فيها مناصرون لإسرائيل، وأربعةٌ منافحون عن الحقوق الفلسطينية؛ وعند البث اختفى هؤلاء الأربعة وما قالوه من المادة المبثوثة.
يتمتع الإعلام الأمريكي بقدر هائل من الاستقلال، بل إنه لا توجد وسيلة إعلام رسمية حكومية في الولايات المتحدة، ولكن يمكن الجزم بأن أكثر من 90% من أدوات الإعلام الأمريكي ضالعة في تضليل الرأي العام المحلي والخارجي، ولهذا لا يعرف معظم الأمريكيين أن بلدهم هي وحدها من استخدم السلاح النووي ضد البشر في الحرب، ويصدقون أن جنودهم يقاتلون من أجل الدفاع عن الوطن في العراق وسوريا وأفغانستان، كما فعلوا في أمريكا اللاتينية وآسيا بشرقها وغربها.
كانت حرب الخليج الثانية (أغسطس 1990- فبراير 1991) التي شنتها الولايات المتحدة على العراق لإرغامه على الجلاء عن الكويت حدثا فريدا، ليس بسبب تفاصيل الحرب، ولكن لأن تلك الحرب كانت متلفزة، ورأى الملايين بعيون شبكة (سي إن إن) التلفزيونية الطائرات والصواريخ والراجمات الأمريكية تفعل العجائب في مهرجان الألعاب النارية المدمرة، ولم تنقل الشبكة قط شيئا عن مقاومة الجيش العراقي، بل حرصت على نقل مشاهد لجنود عراقيين يستسلمون صاغرين لرصفائهم الأمريكان.
بذريعة اجتثاث تنظيم القاعدة، قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان في نوفمبر من عام 2001، وكان أول الأهداف التي تعرضت للقصف مكتب لقناة الجزيرة في كابُل، وتم تدميره بالكامل؛ ثم كان الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وقبل ضربة البداية بثلاثة أشهر كانت قناة الجزيرة قد وزعت عددا من كواردها الصحفية والفنية على بغداد وكركوك والبصرة ومواقع أخرى كانت مرشحة للقصف والاجتياح، ودعت القيادة العسكرية الأمريكية جميع وسائل الإعلام أن ترافقها خلال العمليات الحربية، وكانت الجزيرة هي الوحيدة التي رفضت ذلك، واختارت أن تكون حيث تسقط القذائف لا حيث تنطلق، وهكذا كانت الجزيرة هي الأداة التلفزيونية الوحيدة التي غطت المقاومة العراقية للغزو على جميع الجبهات، ما أثار حنق الإدارة الأمريكية التي كالت تشكيلة ضخمة من الاتهامات للجزيرة، ثم قصفت مكتب الجزيرة في بغداد، ما أدى إلى استشهاد الصحفي طارق أيوب، وإصابة المصور زهير العراقي بجراح بالغة؛ وما يؤكد أن القصف كان متعمدا هو أن الجزيرة زودت وزارة الدفاع الأمريكية وقيادة القوات المركزية الأمريكية بإحداثيات دقيقة لمكتبها كي لا يتعرض للقصف، فإذا بالقيادة الأمريكية تستخدم تلك الإحداثيات لتوجيه ضربة دقيقة للمكتب، بل وعلى ذمة صحيفة دايلي ميل البريطانية نجح رئيس الوزراء البريطاني وقتها، توني بلير، في إقناع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بصرف النظر عن مقترحه بقصف مباني قناة الجزيرة في العاصمة القطرية، الدوحة.
ونجح الإعلام الأمريكي ليس فقط في أن يجعل المواطن الأمريكي يؤمن إيمانا جازما بأن بلاده نصيرة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن من يعاديها ينتمي إلى محور الشر، بل أيضا في أن يزرع القناعة لدى أبناء الشعوب التي عانت وما تزال تعاني من البطش الأمريكي المباشر أو من خلال وكلاء أمريكا المحليين، بأن الولايات المتحدة هي أرض الأحلام الزاهية، وأنه لا يكسب القرعة (اللوتري) للفوز بالجنسية الأمريكية إلا ذو حظ عظيم.
وما كان ممكنا أن تنجح الحكومات الأمريكية المتعاقبة في تغطية قبح الأفعال بفصاحة الأقوال، لولا تواطؤ الإعلاميين معها، بل إن رجلا مثل والتر ليبمان، يحظى بلقب عميد الصحفيين الأمريكيين المعاصرين، كان يؤيد تسخير الحملات الإعلامية الدعائية لـ”تحقيق الإجماع “، حتى يقبل الرأي العام بأمور كانت تحظى بالرفض العام، وبرر ليبمان ذلك بأن المواطنين عاجزون عن إدراك ومعرفة أين تكمن مصالحهم ومصالح بلدهم، بل مضى إلى أبعد من ذلك بالدعوة إلى تقسيم المواطنين إلى طبقتين: النخبة التي تمثل نسبة ضئيلة من الشعب، والتي تتمتع بدرجة عالية من الذكاء تتيح لها فهم وإدراك الأمور؛ والغالبية العظمى من الشعب، الذين يصفهم بالـ “القطيع الحائر أو الضال”، الذي يتحتَّم على الدولة أن تحمي نفسها من أفكاره وتصرفاته.
ورأينا كيف سعى الإعلام الأمريكي جاهدا لمحو الصورة القبيحة لأمريكا وشعبها، الصورة التي رأتها جميع شعوب العالم في السادس من يناير من عام 2021، عندما اجتاح عشرات الآلاف من البيض المناصرين للرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكابيتول، حيث مجلسا النواب والشيوخ، لمنع إشهار فوز جو بايدن على ترامب ليصبح الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة، وسط هتافات متشنجة تطالب بقتل النواب الذين لم يناصروا ترامب! والمفارقة الكبرى هنا ليست فقط أن بلدا يزعم أنه قائد العالم الحر والمتحضر يتصرف مواطنوه بوحشية مفرطة إزاء مواطنين آخرين، بل في أن مرتكبي تلك الهجمة البربرية كانوا من الأمريكان البيض الذين ينظرون إلى سود وسمر بلادهم وبقية بلدان العالم على أنهم برابرة متخلفون وهمجيون.
وهكذا يمارس الإعلام الأمريكي التضليل والتجهيل محليا ودوليا، ما يشي بالتواطؤ مع كل جالس في البيت الأبيض.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق