إنصاف لا مصالح | تقاسم لا استغلال
بقلم: نديم شنر
| 22 يوليو, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 22 يوليو, 2023
إنصاف لا مصالح | تقاسم لا استغلال
زيارة الرئيس أردوغان للسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة لم يقتصر معناها على تطوير العلاقات مع الدول الثلاث، بل إنها كانت أيضا رسالة عالمية!.
فعلى مدى قرون، نظرت الدول الغربية إلى باقي دول العالم، بدءا من تركيا والشرق ومرورا بالشرق الأوسط وأفريقيا، على ضوء مصالحها؛ وهي لم تتردد في فرض هيمنتها من أجل تلك المصالح. ولترى كيف أسست الكتلة الغربية، بقيادة أمريكا، هيمنتها لضمان مصالحها، لن تكون بحاجة إلى قراءة مجلدات حول موضوع “الإمبريالية”، بل يكفي الدخول إلى ويكيبيديا والنظر في مقالة “الهيمنة الأمريكية”، التي جاء فيها:
تعتمد الهيمنة الأمريكية على 3 ركائز
1- في الناحية الاقتصادية: يمر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ونظام التجارة العالمي عبر الدولار.
2- تحقيق الريادة في القيم الأخلاقية في مجال العلوم التكنولوجية الاجتماعية والثقافية.
3- الناتو هو القوة العسكرية الحامية، فالناتو هو شرط لا غنى عنه للهيمنة الأمريكية.
ولقد شكَّلت السياسة الخارجية للرئيس أردوغان، التي تتبعها تركيا منذ عام 2016، رسالة مهمة لا لنفسها فقط، بل أيضا لكسر هذه الهيمنة، وخاصة في منطقتنا.
في شأن علاقة تركيا مع كل من السعودية والإمارات، أنهت زيارة أردوغان التوترات التي سادت خلال السنوات الأخيرة، ليحل التضامن بديلا عنها.
أما قطر، فقد ربطتها بتركيا علاقة تاريخية عميقة الجذور وقائمة على الثقة، أكدها البيان الذي سبق اجتماع وفدي البلدين برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قصر لوسيل؛ فقد أوضح البيان المشترك بمناسبة الذكرى الـ 50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وقطر متانة الروابط بين البلدين، وأشار إلى أن العلاقات التركية القطرية شهدت تحولا نوعيا منذ تأسيسها عام 1973 حتى وصلت إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية، مؤكدا أن التعاون القائم بين البلدين الشقيقين يتعزز باستمرار يوما بعد يوم، تحت قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وقال البيان إنَّ “العلاقات التركية القطرية هي علاقات تاريخية عميقة الجذور مبنية على أسس سياسية واجتماعية، حيث قدم البلَدان، كل منهما للآخر، دعما ثابتا تسوده روح الأخوة والتضامن في العديد من المنعطفات المهمة، وحافظ البلدان على دعمهما المتبادل في مختلف المجالات”.
وأما في مكان آخر، فقد بدأت التوترات، كما قلت، تتحول إلى تعاون متبادل؛ إذ التقى الرئيس رجب طيب أردوغان مع ولي عهد المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في جدة، حيث كانت المحطة الأولى في جولته الخليجية. وفي هذه الزيارة تمَّ توقيع 5 مذكرات تفاهم جديدة بين الوفدين التركي والسعودي، وتوقيع خطة تنفيذ للتعاون في مجالات القدرات والصناعة الدفاعية والبحث والتطوير، بالإضافة إلى عقدي بيع بين وزارة الدفاع السعودية وشركة بايكار التركية، وتمَّ الاتفاق على التعاون في مجال تعزيز الاستثمار المباشر، وعقد اتفاقيات أخرى مختلفة في مجالات الإعلام والطاقة.
ونتج عن الزيارة توقيع وزير الدفاع الوطني التركي يشار غولر، ووزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان آل سعود، على خطة تنفيذية للتعاون بين وزارتي البلدين؛ كما عُقدت اتفاقية للتعاون بين وزارة الدفاع السعودية وشركة بايكار التركية. وكذلك وقَّع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، ووزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، مذكرة تفاهم بشأن الطاقة بين الوزارتين.
المحطة الأخيرة في زيارة الرئيس أردوغان إلى الخليج كانت الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى برئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتم توقيع اتفاقية بقيمة 50.7 مليار دولار بين دولتيهما.
وخلال الزيارة، التي تم فيها التوقيع على 13 وثيقة وقبولها في مختلف المجالات، تم الاتفاق على إنشاء “مجلس إستراتيجي رفيع المستوى” برئاسة رئيس تركيا ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تم رفع العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية باتفاقية مشتركة. وتقرر تعميق التعاون القائم في مجالات عديدة، مثل الطاقة والنقل والبنية التحتية والخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والتمويل والصحة والغذاء والسياحة والعقارات والبناء وصناعة الدفاع والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.
إن البعد الاقتصادي لزيارة الرئيس أردوغان للدول الثلاث مهم، لكن الأهمية الحقيقية تكمن في الرسالة السياسية التي يوجهها إلى العالم؛ لأن تركيا هي من ناحية عضو في حلف شمال الأطلسي ولديها علاقات مع الاتحاد الأوروبي، وهي من ناحية أخرى تبني علاقات متوازنة مع الجمهوريات التركية ودول الخليج والدول العربية ودول أفريقيا وروسيا. وهذا الدور السياسي الذي تمارسه تركيا تؤكده أيضا الدول التي تتعاون معها.
والتعاون الذي يربط تركيا مع الدول الأخرى لا يحدده الفهم الأناني لـ”المصالح” كما هو عند الغرب، لأن “المصلحة” إما أن تكون أحادية الجانب، أو تنظيما للمصالح الاقتصادية والسياسية للبلدين دون اعتبار لسواهما، لكن تركيا تعمل على تعزيز علاقاتها مع كل دولة مع مراعاة حقوق دول المنطقة؛ وبالإضافة إلى هذا تراعي تركيا في اتفاقياتها مبدأً “الإنصاف”، الذي يشملها مع جميع الدول المتعاونة معها. وهكذا، تشعر جميع البلدان بأنها جزء من “القوة الإقليمية” الناشئة حديثا، فيكون الجميع فيها كمجموعة لاعبين في فريق واحد. ويبدو أن هذه الإستراتيجية قد قبلتها كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية.
ومن الواضح أن هدف تركيا ليس المصلحة الذاتية الأنانية، بل أن تصبح قوة إنصاف لا تسعى لاستغلال موارد البلدان، بل العمل على تقاسمها بشكل عادل.
وإذا استمر التعاون القائم على الثقة والتعاون مع أصدقاء تركيا ضد نظام الهيمنة الجديد، الذي تحاول الولايات المتحدة إقامته مع الدول الأوروبية في العالم، فإن أولئك الذين استغلوا العالم في القرنين 19 و20 لن يتمكنوا من مواصلة استغلالهم لدولنا في هذا القرن.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق