إنهم يسرقون أجمل شبابنا!!
بقلم: أيمن العتوم
| 6 نوفمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 6 نوفمبر, 2023
إنهم يسرقون أجمل شبابنا!!
أعظم ما جُعلتْ من أجله عدالة الآخرة ظلم الدنيا، ولهذا قال جل في علاه: {لا ظلم اليوم}. ولولا يقين قيام الناس لرب العالمين من أجل أن يأخذ المظلومون حقوقهم لجُنُّوا! فمن يحتمل كل هذا الأذى والضيم والدمار والموت والهلاك في غزّة إذا لم يكن مطمئنا إلى عدالة السماء يوم الحساب؟
والظلم في الدنيا قائم وطامٌّ، فيظلم كل ذي قدرة من هو دونه، حتى لتخال أنه لا ينجو منه أحد، وأن الناس قسمان: ظالم وهالك؛ فأما الأول فيعدو على الثاني فيحزّه حَزّ الغلاصم، وأما الثاني فيرى عينَي قاتله قبل أن تغرق عيناه في الظلام نحو هجعة لا يستيقظ منها إلا على النفخ في الصور. وما أبلغ ما قال المتنبي، وهو يفتش عن غريزة الظلم المركوزة في الإنسان، التي تحوّله إلى وحش بشع:
والظلم من شِيَم النفوس فإِن تجد .. ذا عِفَّة، فَلِعلَّة لا يظلم!
والموت قدَر، وحَيْنُه أَجل، ولحظته لا تملك قوة في الأرض أن تقدّمها أو تؤخّرها، غير أنه يُعمِل تلك اللحظة في الورود، قبل أن تحظى هذه الورود بشمس دافئة، أو هواء نظيف.
ومُصعَبُ كان هذا؛ كان أحسن شباب مكة لباسا، وأطيبهم رائحة، وأنعمهم جسما، ثم نظر الموتُ في عينيه يوم أُحد فاختاره الله شهيدا في شباب لم يُبلِه إلا لله، وفي نعمة كان يحسده أهل مكة عليها، وفي غِنىً لم يبلغه أثرياؤها، ثم من هذا كله خلص إلى كفن تقلّص عن جسده، لأنه كان أكبر من الأكفان كلها: “كنّا إذا غطينا بها رأسه خرجتْ رجلاه، فإذا غطَّينا رجليه خرج رأسه، فأمرَنا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أن نغطي رأسه بها، ونجعل على رجليه إذخرًا”. فلله دَرُّ الموت كيف يختار أجمل شبابنا!
وأطفال غزّة كانوا هذا، تأتيهم الطائرات دون سواهم كأنها تحبهم، تفجّرهم الصواريخ كأنها تنتقيهم، تقصد الجميلين منهم، الصغار الذين لم ينبت في قوادمهم ريش بعدُ، الرائعين ذوي الضحكات التي تُنسيك همَّ الدنيا وغَمّها، ثم لا تُبقي لهم حتى أشلاءهم. من تُطوِّع له نفسُه أن يفعل هذا؟ من يحتمل هذا؟ من يقدر على أن يفهم هذا؟!
يُزهر الورد في الربيع، يفوح الشذى، تصدح البلابل.. ثم تأتي قذيفة عمياء؛ تسحق الورد، وتملأ المكان برائحة من دخان، وتخنق البلابل. هذا الاحتلال وُلِد ليقتل، هذه الآلات موكّلة بالقضاء على كل من لا ينتمي إليهم. ومن وراء الباب، يسمع الإخوة الكبار أصواتَ الذبح، ويشمّون رائحة الدماء التي يغرق فيها صغارُهم، ثم لا يحرّكون ساكنا.
يقصفون كل شيء، يذبحون الخيول التي تجرّ العربات، يطحنون حتى الحجارة، يهدمون المدراس، يستهدفون الموتى في القبور، ويلاحقون من تبقّى على قيد الحياة في المستشفيات، يضربون خزانات المياه حتى يموت الناس عطشا، يدمرون المخابز حتى يموت الناس جوعا.. إذا لم يكن هذا تطهيرا عرقيّا وحرب إبادة فماذا يكون؟!
قالتْ تلك المرأة الغزّيّة المكلومة التي لم يبقَ من عائلتها أحد: سنزوّج الشباب في الثانية عشرة حتى نأتي بشباب يقاتلونكم أيها المحتلون، وسينجب جيلُهم هذا جيلا بعده يستمر في قتالكم، ولن نتوقف عن الجِلادِ والإنجاب حتى يرحل آخر صهيوني منكم بدنسه عن طُهْر بلادنا.
تريدون اختِرام شبابنا اليوم؟ إن قَدَرهم واحد، وهم أعدّوا أنفسهم لهذا اليوم، يعلمون أن الشهادة كالنبوّة؛ اختيار من الله.. وأن الموت ينظر في وجوه الذاهبين إلى ميادين النزال، فيمسح بيده على أَقْوَمِهم طريقةً، وأَحسنهم خَلِيقةً، ثم يصطحبه إلى جنات النعيم، وهو يردّد:
قد أجلبَ الناس وشدُّوا الرنَّةْ .. ما لي أراكِ تكرهين الجنةْ؟!
تريدون أن تقتلوا نساءنا حتى لا تُنجب أطفالا يأتون محمَّلين بالثأر منكم، يزرعون الرعب في قلوبكم؟ لن تقدروا.. نحن قوم صبيانه أبطال:
إذا بلغ الفطامَ لنا صبيٌّ .. تَخِرُّ له الجبابر ساجدينا
وأطفاله سادة، كلما استُشهِد طفل، تَبِعه على الطرق طفل يقود المعركة:
إِذا مات منا سيّد قام سيّد .. قَؤول لما قال الكرام فعول
إنه رغم كل هذا الموت الذي يملأ المكان، وينساب كالهواء حتى من بين الشقوق، لنعرف أننا كرام أحرار، وخلفَنا نهر يتبعنا من الكرام الأحرار كذلك، وحين نُسجَّى في الثرى نسمع نشيد الخلود يهتف بحروف الخالدين:
عليكَ سلام الله وَقْفًا فإنني .. رأيتُ الكريم الحُرّ ليس له عُمْر
صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق