إيقاف الحرب على غزة.. هل تفعلها قطر؟

بواسطة | فبراير 2, 2024

بواسطة | فبراير 2, 2024

إيقاف الحرب على غزة.. هل تفعلها قطر؟

في ظل التوترات الحالية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تبرز قطر كوسيط فعّال في مفاوضات الهدن والمساعدات الإنسانية. هذا المقال يلقي الضوء على دور قطر في التوسط بين الأطراف المتنازعة وإيجاد حلول لأزمة غزة.

الوساطة القطرية في الأزمات الإنسانية والسياسية

في ذروة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تتجه الأنظار تجاه قطر، التي أصبحت وسيطاً في مفاوضات الهدن وتبادل الرهائن والمعتقلين.

وما إن أعلن الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، عن نجاح وساطة قطر في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، يشمل إدخال أدوية وشحنة مساعدات إنسانية، حتى عادت التساؤلات حول إمكانية نجاح قطر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، خاصة بعدما أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال مشاركته في منتدى دافوس أن الأوضاع في العالم تزداد صعوبة، وأن الوضع في فلسطين “حساس”؛ وأنه يجب التطرق إلى كيفية إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، وكيفية إطلاق سراح “الرهائن” والسجناء الفلسطينيين.

نجحت قطر هذه المرة أيضاً في الوساطة لإدخال مساعدات إنسانية، لشعب يتجرع الحصار لـ ١٠٠ يوم ويزيد؛ هذه الوساطة الناجحة سبقتها تجارب عديدة لقطر في التوسط في حروب وفي أزمات رهائن، بين دول أو بين دول وفصائل مسلحة. فبمساحة لا تتجاوز 11.6 ألف كيلومتر مربع، امتد نفوذ الدوحة إلى أكبر دول العالم وأقواها، وحافظت في الوقت نفسه على علاقات متينة بين هذه الدول وأعدائها.

تتعلق الآمال العربية والغربية بشدة بالوساطة القطرية لوقف نزيف الدماء في غزة، والتوصل إلى تسوية بين حماس وإسرائيل، منطلقها الرئيس تبادل الأسرى.

اللافت أنه – وخلال السنوات الأخيرة- بمجرد اندلاع أزمة عنيفة تتجه الأنظار العربية والعالمية إلى قطر، على اعتبار أنها الوسيط الأمثل المرتقب للتدخل في حلحلة الأزمة، ما يحمِّلها مسؤولية سياسية وإنسانية وأخلاقية، تؤديها في كل مرة وتنجح. ومنذ مطلع هذه الألفية تمكنت الوساطة القطرية من حل أزمة دارفور، والصراع في لبنان، والخلاف بين جيبوتي وإريتريا، وإنهاء أكبر حرب في المنطقة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان أفغانستان.

وعادة ما يكون على الدول اختيار طرف في الصراع، إما مع هذا أو ذاك، لكن قطر تنجح غالبا في المحافظة على مكانة وعلاقة بين الطرفين، ورغم العلاقات القوية والمتينة بين الدوحة وواشنطن، فإن للدوحة نفوذاً لدى حركة طالبان الأفغانية. كذلك كانت قطر أيضاً في طليعة الدول المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا والعراق، وكانت شريكاً أساسياً مع الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، إذ تتعاون مع أكبر القوى العالمية لمحاربة الأفكار المتطرفة، لكنها في الوقت ذاته تقدر دور المقاومة وتثمنه، ما جعلها الوسيط المفضل لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس، تعول عليها فلا تخذلها.

وعلى مدار سنوات طويلة أكدت قطر ولاتزال أنها الوسيط الأنسب، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع كل الأطراف، وجَلَدٍ على التوسط في مفاوضات شديدة التعقيد، وقدرة على تقديم حلول ومبادرات تنعكس على واقع بلدان بأكملها، وتنتشلها من حالة الحرب إلى حالة السلم. ولا يقتصر الدور القطري على حل أزمة سياسية، بل على إنهاء صراعات تغير مسارات شعوب بأكملها، تنهي حروبها وتأخذ بيدها إلى ما بعد الاستقرار السياسي والاجتماعي، فكم من الملايين تغيرت حياتهم بهذه الوساطات!

والآن، ينتظر العالم – وبالأخص العالم العربي- الدور القطري في التوصل لاتفاق بوقف الحرب الغاشمة على قطاع غزة.. هذه الآمال لم تكن لتتعلق لولا تاريخ طويل من وساطات ناجحة سابقة، فهل تفعلها قطر وتنهي الحرب على غزة؟

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...