اجتياح رفح.. نتانياهو يستثمر في الدماء للبقاء في السلطة

بقلم: خليل العناني

| 19 مارس, 2024

بقلم: خليل العناني

| 19 مارس, 2024

اجتياح رفح.. نتانياهو يستثمر في الدماء للبقاء في السلطة

يقول الخبر إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد وافق على الخطط التي وضعها الجيش الصهيوني لاجتياح مدينة رفح؛ وأغلب الظن أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار، أو اتفاق لعقد صفقة الرهائن، لن يوقف العملية العسكرية في رفح، والتي تعد بمثابة ورقة سياسية مهمة لنتانياهو في معركته من أجل البقاء في السلطة.

فاستمرار الحرب – وبغض النظر عن تكلفتها العسكرية والبشرية- هو بمثابة غاية بحد ذاتها لمجرم الحرب نتانياهو، الذي بات يستثمر في دماء الفلسطينيين، ولا يعبأ بأية ضغوط دولية من أجل وقف حربه المجنونة على الفلسطينيين في قطاع غزة؛ فهو يعلم جيدا أن وقف الحرب يعني نهايته سياسيا، ومحاسبته على فشله الذريع في منع هجمات السابع من أكتوبر، فضلا عن قضايا الفساد التي يحاكَم بشأنها، خاصة وأن هناك أيضا تراجعا في شعبيته، وانكشافه داخليا وخارجيا.

ولعل ما يشجع نتانياهو على المضي قدما في عملية اجتياح رفح هو حالة الضعف والاستسلام الأميركي له ولمنطقه في إدارة الحرب؛ حيث لم تمارس إدارة بايدن عليه أية ضغوط حقيقية أو جادة لوقف الحرب، وذلك رغم ارتفاع حدة الانتقادات لنتانياهو، سواء في البيت الأبيض أو الكونجرس الأميركي. وحتى الآن لم تفرض إدارة بايدن أية عقوبات على نتانياهو، ليس لجرائمه في حق الفلسطينيين حيث إن واشنطن شريكة شراكة كاملة في الحرب الحالية عبر تقديمها الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي لإسرائيل، ولكن على الأقل لرفضه التحذيرات الأميركية، سواء بشأن الحرب في قطاع غزة أو بشأن اجتياح رفح؛ ولا تزال العصا الأميركية حتى الآن مختفية ولم تستخدم في وجهه، وذلك بسبب حسابات بايدن السياسية، رغم أن دعمه اللامحدود لإسرائيل قد يكلفه الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.

وأغلب الظن أن اجتياح رفح قد يحدث بعد عيد الفطر المبارك، وذلك لتجنب انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، خاصة في ظل التضييقات التي تمارسها سلطات الاحتلال على المصلين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان. وإذا حدث ذلك فالخسائر ستكون مروعة، فنحن نتحدث هنا عن حوالي مليون ونصف مليون إنسان يعيشون في رقعة جغرافية لا تتجاوز مساحتها 150 كيلو متر مربع، وهو ما يعني أن ما يقرب من 27 ألف شخص يعيشون في كل كيلو متر مربع مأهول بالسكان؛ وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة واكتظاظاً بالسكان في العالم، ويؤدي مجرد إلقاء قنبلة أو قذيفة صغيرة إلى وقوع مئات القتلى والجرحى.

يراهن مجرم الحرب نتانياهو أيضا على تأييد قطاع كبير من الإسرائيليين له في حربه الدموية على قطاع غزة، وكذلك يراهن على دعم اليمين الفاشي المتطرف في إسرائيل، الذي يريد إبادة غزة بشكل كامل، ولذلك فإن أحد أهم الأهداف الأساسية لعملية اجتياح رفح، وللحرب الدائرة حاليا بشكل عام، هو ترحيل الفلسطينيين وتهجيرهم خارج القطاع؛ وهو هدف لا يخفيه حلفاء نتانياهو في الحكومة الفاشية، وأبرزهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بل يؤكدون عليه بشكل علني ودون مواربة.

لا يعبأ نتانياهو بالتحذيرات الدولية – سواء الأوروبية أو الأميركية- التي تحذره من اجتياح رفح؛ بل ويرد بكل صفاقة على هذه التحذيرات ويهاجم من يتحدثون بها، مثلما فعل أكثر من مرة في رده على الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي يبدو مستسلما لنتانياهو بشكل شبه كامل، وهو ما جعل الأخير لا يأخذ تصريحاته وتحذيراته بجدية، لأنه يعلم جيداً أنه لا توجد أية عواقب لسلوكه الدموي في قطاع غزة.

يدّعي نتانياهو أن اجتياح رفح ضروري من أجل هزيمة المقاومة الفلسطينية، وهي كذبة جديدة من أكاذيبه التي روجها طيلة الأشهُر الست الماضية. فحسب آخر تقرير لمجتمع الاستخبارات الأميركية، والذي يتكون من حوالي ١٧ جهازا استخباراتيّا داخليا، فإن إسرائيل لن تتمكن من القضاء على حركة حماس لشهور وربما لسنين قادمة، وأنه رغم الحرب الطاحنة التي تشنها على قطاع غزة منذ خمسة أشهر ونصف، فإنها لم تقض سوى على ما يقرب من ثلث المقاومة الفلسطينية، خاصة حركة حماس.

يعلم نتانياهو جيداً أنه لن يستطيع القضاء على المقاومة، كما يعلم أيضا أنه لن يتمكن من استعادة الرهائن عبر عملية عسكرية كتلك الجارية حالياً؛ ورغم ذلك فهو مستمر بالحرب حتى آخر نفس في صدره.. وذلك باعتبارها طوق النجاة الوحيد له مما ينتظره من حساب وعقاب.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

معضلة الإعلام عن غزة بين الحياة والموت

معضلة الإعلام عن غزة بين الحياة والموت

منذ طوفان الأقصى، ومواقع التواصل تحتفي بأخبار إبداعات أهل غزة، ومبادراتهم التي تنهض وسط الإبادة والحصار، وتطرق جدران الخزان لتبعث برسائل التحدي، بهدف إظهار تمردهم على الواقع الصعب الذي فرضه الاحتلال، وإعطاء الأمل للعالم في أن هذه الثلة الصابرة المحاصَرة المرابطة قادرة...

قراءة المزيد
“انفجار جمجمة” على الحدود المصرية الليبية! 

“انفجار جمجمة” على الحدود المصرية الليبية! 

في روايته البديعة "انفجار جمجمة"، رسم الأديب النوبي الراحل "إدريس علي" صورة قلمية مدهشة لبطل الرواية "بلال"، الذي تداخلت شخصيته واختلطت سيرته بشخصية وسيرة "إدريس" نفسه. "بلال" باختصار إنسان مر بظروف قاسية في حياته.. قادم من الجنوب إلى القاهرة بثقافة "التهميش"، أحب...

قراءة المزيد
نموذج البطل

نموذج البطل

بعضُ الحوادث لا يُمكن أنْ تجتازَها بسهولة، تظلّ طعنةً في القلب، وحربةً نافِذةً في الرّوح، ومع أنّ الدّموع قد تجفّ، والأيّام قد تمرّ، والعهود تتقادَم، إلاّ أنّ جرحًا ما يظلّ طريًّا نديًّا مهما غَبَرَتْ عليه السّنون. كيفَ تُنسَى وتلك الصُّورة الأُسطوريّة لرحيلك عصيّةٌ...

قراءة المزيد
Loading...