
الإعداد لاغتنام رمضان على خطى الرعيل الأول
بقلم: د. علي محمد الصلابي
| 8 مارس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. علي محمد الصلابي
| 8 مارس, 2024
الإعداد لاغتنام رمضان على خطى الرعيل الأول
يستعرض المقال قيم وتقاليد الصالحين في رمضان، مشيراً إلى عبادات الصحابة والسلف الصالح، مثل الصيام والقيام وقراءة القرآن والصدقات. يحث على اتباعهم في إحياء الشهر الفضيل بالطاعات والعبادات.
عبادة الصالحين في رمضان – قيم وتقاليد وأفعال
شهر رمضان من أعظم مواسم الخير والبركة التي يغتنمها المسلم، وهو فرصة ثمينة لا تعوَّض للمغفرة والتوبة والعتق من النار، فهو شهر القرآن والإحسان والصيام والقيام، وهو شهر الدعاء المستجاب، فمن أهمله وخرج منه كما دخل خاسرٌ محروم، والسعيد من أحياه بالطاعة والعبادة، ففاز فيه بالمغفرة والثواب العظيم، وأعتق رقبته من نار الآخرة وعذابها.
– رمضان في القرآن
فرض الله تعالى صيام رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وجعله ركناً من أركان الإسلام، كما فرضه على الأمم السابقة، وفي ذلك تأكيد على أهمية هذه العبادة الجليلة، ومكانتها. قال تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذين آمنوا كُتِب عليكم الصِّيام كما كُتِب على الَّذين من قبلكم لعلَّكم تتَّقون﴾ [البقرة: 183]. وقد وضَّحت الآية الكريمة الثمرة العظمى التي يحظى بها الصائمون المخلصون؛ ألا وهي بلوغ درجة التقوى. فالصيام بالنسبة للأمَّة ﴿لعلَّكم تتَّقون﴾، مدرسة فريدة، ودورة تدريبيّة على طهارة النفوس؛ لكي تنخلع من آفاتها، وتتحلَّى بالفضائل، وترتقي في مدارج التقوى، والصلاح.
وامتدح الله سبحانه شهر الصِّيام، واختصَّه من بين سائر الشهور؛ لإنزال القرآن العظيم، فقال – عزَّ وجل-: ﴿شهر رمضان الَّذي أُنْزِل فيه القرآن هدىً للنَّاس وبيِّناتٍ من الهُدى والفرقانِ فمن شهد منكم الشَّهر فلْيصمْه ومن كان مريضًا أو على سفرٍ فعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ يريد اللَّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولِتُكْملوا العِدَّة ولِتُكَبِّروا اللَّهَ على ما هداكم ولعلَّكم تشكرون﴾ [البقرة: 185]. ولأهمية الصيام في تربية المجتمع المسلم، فقد رغَّب النبي ﷺ في أيام للصيام، وحثَّ على صيامها، ورغَّب في الأجر، والمثوبة من الله تعالى؛ وبذلك أصبحت مدرسة الصيام مفتوحة أبوابها طيلة السَّنة؛ لكي يبادر المسلم إليها كلما أحسَّ بقسوة في قلبه، وحاجة لترويض نفسه، ورغبة في المزيد من الأجر، والفضل عند الله سبحانه، وقد جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من صام يوماً في سبيل الله؛ بَعَّدَ اللهُ وجهَه عن النّار سبعين خريفاً» [البخاري (2840) ومسلم (1153)].
ومن فضائل شهر رمضان أن الله تعالى جعل فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، قال تعالى: ﴿إنَّا أنزلناه في ليلة القَدْر* وما أدراك ما ليلة القَدْر* ليلة القَدْر خيرٌ من ألف شهرٍ* تَنَزَّل الملائكة والرُّوح فيها بإذن ربِّهم من كلِّ أَمْرٍ* سلامٌ هي حتَّى مَطْلَع الفجر﴾ [القدر: 1-5].
– رمضان في السُّنة
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال رسول الله ﷺ: “قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض اللهُ عليكم صيامه، تُفتَح فيه أبواب الجنَّة، وتُغلَق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم” [النسائي (2106)].
وجعل الله تعالى صيامه إيماناً واحتساباً سبباً لمغفرة الذنوب والتطهر من الخطايا، فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه” [البخاري (2014)، ومسلم (760 )]، وقال ﷺ: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر” [مسلم (233)]، كما جعل الله من كرامات هذا الشهر الفضيل أن الشياطين تصفد فيه، وتغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله ﷺ قال: “إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغُلِقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين” [البخاري (1898)، ومسلم (1079)].
– الرعيل الأول والسلف الصالح في رمضان
كان السلف الصالح، وعلى رأسهم الصحابة (رضوان الله عليهم)، خير من يعرف قيمة هذا الشهر الكريم، فيستغله بالطاعات والعبادات، وكانوا خير من يقتدي بالرسول ﷺ في إحياء رمضان بالصيام والقيام وقراءة القرآن، فكما كان ﷺ يضاعف العبادات والطاعات في رمضان أكثر من غيره، كان للصحابة والسلف الصالح أحوال في رمضان غير أحوالهم في غيره من الشهور، فكانوا يقتدون بالنبي ﷺ الذي كان يكثر فيه من قراءة القرآن وقيام الليل حتى تتفطر قدماه، وكان ﷺ أجود ما يكون في رمضان. عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنهما) قال: “كان رسول الله ﷺ أجودَ الناس، كان أجودُ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيُدارسه القرآن، فلَرسولُ الله ﷺ حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المُرسَلة” [البخاري (3048)، ومسلم (2308)].
كان عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، أما عثمان بن عفان (رضي الله عنه) فقد كان يختم القرآن في كل يوم من رمضان مرة، وقد ظهر حرص الصحابة (رضي الله عنهم) على الإكثار من الصلاة في رمضان في الحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): “أنَّ رسول اللَّه ﷺ صلَّى ذات ليلة في المسجد، فصلَّى بصلاته ناسٌ، ثم صلَّى من القابِلَة، فَكَثُر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يَخْرج إليهم رسول اللَّه ﷺ، فلمّا أَصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أَنّي خَشِيت أَن تُفْرَض عليكم وذلك في رمضان” [البخاري (1129)].
ومما روي عن الإمام مالك بن أنس أنه كان يوقف دروسه في المسجد، ويفر من مجالسة أهل العلم في رمضان، لينقطع للعبادة وقراءة القرآن، وكذلك كان يفعل الإمام الزهري رحمه الله. أما سفيان الثوري فكان إذا أقبل رمضان ترك مشاغل الدنيا والعبادات جميعها، وأقبل على قراءة القرآن؛ وكان الشافعي رحمه الله يختم القرآن في رمضان ستين ختمة في غير الصلاة؛ أما الإمام البخاري فإذا كان في أول ليلة من رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم، فيقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، ويقول عند كل ختمة: دعوة مستجابة.
وكان من دأب الصالحين والأتقياء الإكثار من قيام الليل في رمضان، فقد ذكر الذهبي عن أبي محمد اللبان أنه “أدرك رمضان سنة سبع وعشرين وأربعمائة ببغداد، فصلّى بالناس التراويح في جميع الشهر، فكان إذا فرغها لا يزال يصلي في المسجد إلى الفجر”؛ وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى ثم يقول “اللهم إن جهنم لا تدعني أنام”، فيقوم إلى مصلاه. وعن السائب بن يزيد قال: “كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطَّاب (رضي اللَّه عنه) في شهر رمضان بعشرين ركعة – قال- وكانوا يقرؤون بِالْمِئِين، وكانوا يتوَكَّؤون على عُصِيِّهم في عهد عثمان بن عفَّان (رضي اللَّه عنه) من شِدَّة القيام”.
هكذا كان حال الصحابة والتابعين والصالحين في شهر الخير والبركات، وشهر الرحمة والمغفرة، وشهر القيام والقرآن، ولذلك كانوا يفرحون بقدومه ويستبشرون به، وأولهم رسول الله ﷺ الذي كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان؛ فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: “أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبواب الجنَّة، وتُغلَق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم” [النسائي (4/129)].
فإذا كان هذا دأبهم في رمضان، وهم الرعيل الأول والسلف الصالح لهذه الأمة، فما أحرانا نحن بالسير على خطاهم في إحياء رمضان بمختلف الطاعات والعبادات، وذلك بالإكثار من قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار، والحرص على صلاة التراويح وقيام الليل، وخصوصاً في العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، وما أجدرنا بأن نكثر من الصدقات على الفقراء والمساكين، ولاسيما على أهلنا وإخواننا المحاصرين في غزة، الذين لن يجدوا ما يقضون به سحورهم وإفطارهم، وأن لا ننساهم من الدعاء بالنصر والفرج في صلواتنا وعند إفطارنا خلال هذا الشهر الكريم.

مفكر سياسي ليبي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق