الاقتصاد التركي.. انطلاقة جديدة أقوى
بقلم: نديم شنر
| 26 يونيو, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 26 يونيو, 2023
الاقتصاد التركي.. انطلاقة جديدة أقوى
بعد الانتخابات، برز الاقتصاد كأولوية في الأجندة التركية؛ وبعد أن تولى الخبير الاقتصادي المخضرم محمد شيمشك مسؤولية الاقتصاد في التشكيلة الوزارية، تحولت الأنظار لمعرفة التعيين القادم لرئاسة البنك المركزي، وما إذا كان سيتم رفع سعر الفائدة؛ وفي هذا الشأن كانت توقعات المؤسسات المالية الغربية على وجه الخصوص، وبعض الاقتصاديين داخل تركيا، أن يأتي رفع السعر أعلى بكثير مما حصل، لكن ما تقرر كان هو الصواب.
ففي اجتماع مجلس النقد الذي عُقِد بعد تعيين حفيظة غاية أركان رئيسة للبنك المركزي، تقرر رفع سعر الفائدة من 8.5 إلى 15 في المائة.
نعم، رفع سعر الفائدة لن يعيق النمو الاقتصادي، لكنه يعطي رسالة إيجابية للأسواق؛ والشيء الأكثر أهمية هو أن هذا الرفع جاء ليدعم مكانة تركيا الأمنية والدفاعية والقوة الإقليمية. إذ إن السياسة الاقتصادية كانت أساسا في الدور الذي لعبته تركيا في السياسة الدولية كقوة إقليمية.
لماذا وضع المجلس المسؤول عن سياسات الأمن القومي لجمهورية تركيا الاقتصاد على جدول أعماله؟
لم تصل تركيا إلى هذا الموقع بسهولة، بل اعترضها العديد من الهجمات التي حاولت إعاقة وصولها؛ حيث قادت الولايات المتحدة حملات على الاقتصاد التركي، أثرت سلبا على مسار سياسات تركيا الإقليمية.
وفي الواقع، كان الاقتصاد أحد بنود جدول أعمال مجلس الأمن القومي، إحدى أهم مؤسسات الجمهورية التركية، في اجتماعه الذي عقد في نوفمبر 2021. وقد نص البيان الذي تم الإدلاء به بخصوص هذه القضية بعد الاجتماع على الآتي:
“تم التأكيد على أن جميع الصراعات الضرورية، وخاصة على حدودنا، مع المنظمة الإرهابية الانفصالية ستستمر بلا هوادة. لقد تم تقييم التحديات والتهديدات التي واجهتها تركيا، والتي قد تواجهها في عملية تنفيذ سياسات الاستثمار والإنتاج والتوظيف، والسياسات الاقتصادية لدعم حركة التصدير، وفقا لأهدافها بترسيخ البنية التحتية الصلبة التي بنتها؛ وتم تأكيد التصميم على الوصول إلى العام الـ 100 لجمهوريتنا بسياسة اقتصادية قوية، كما هو الحال في جميع المجالات الأخرى”.
والسؤال هنا هو: لماذا وضع المجلس المسؤول عن سياسات الأمن القومي لجمهورية تركيا الاقتصاد على جدول أعماله؟. فقد ذُكِرَ في البيان أنه “تم تقييم التحديات والتهديدات التي واجهها الاقتصاد، والتي سيواجهها أيضا”
والجواب، لأن الاقتصاد التركي تعرض للهجوم من قبل الولايات المتحدة مرتين خلال رئاسة دونالد ترامب، في عامي 2018 و 2019.
إنَّ هذا ليس سرا، وليس افتراء على رئيس الولايات المتحدة، الذي اعترف بنفسه أمام أعين العالم بأسره.
أدى الانخفاض في كمية “الأموال الساخنة” الغربية، التي تسببت في الماضي في تقلبات في أسواق المال مع التدفقات المفاجئة للأموال إلى الداخل والخارج، إلى ضمان إدارة خالية من المخاطر لعملية الانتخابات في عام 2023.
فقد كانت قضية القس الأمريكي برونسون، الذي اعتقل بتهمة التجسس، إحدى أهم الأزمات بين تركيا والولايات المتحدة في عهد ترامب، الذي كثرت تغريداته من أجل إطلاق سراح القس برونسون، وكان يهدد الاقتصاد التركي علنا. وهذا عرض لبعض تغريداته:
18 أبريل 2018: “يحاكم القس أندرو برونسون، ويعاني في تركيا دون سبب. يسمونه جاسوسا، لكنني أكثر منه جاسوسية، آمل أن يعود إلى عائلته الجميلة التي ينتمي إليها”
19 يوليو 2018: “من العار أن تركيا لم تطلق سراح الكاهن الأمريكي المحترم، فهو رهينة منذ فترة طويلة جدا. يجب على أردوغان أن يفعل شيئا لهذا الزوج والأب المسيحي الرائع، فإنه لم يرتكب أي خطأ، وعائلته بحاجة إليه”.
26 يوليو 2018: “ستفرض الولايات المتحدة عقوبات واسعة على تركيا بسبب الاحتجاز الطويل للقس أندرو برونسون.. يجب إطلاق سراح رجل الدين البريء هذا فورا!.”
10 أغسطس 2018: “في الوقت الذي تتراجع فيه الليرة التركية بسرعة مقابل الدولار القوي للغاية، وافقت على مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم القادم من تركيا!. علاقاتنا مع تركيا ليست جيدة في هذا الوقت!.”
بعد الانتهاء من محاكمة برونسون، وإدانته بالتجسس أُطلق سراحه من السجن، وعاد إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، تعرضت الليرة التركية للهجوم، الذي أثر على سعر الصرف وانخفضت قيمتها.
لم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى حدثت أزمة أخرى بين تركيا والولايات المتحدة، إذ كان ترامب قد قرر سحب قواته من سوريا،
ومع انسحاب القوات الأمريكية، حلَّ خطر انتشار منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية في المنطقة، وكانت تركيا تفكر حينها في اتخاذ تدابير لدرء هذا الخطر؛ إلا أن ترامب، الذي كان يخطط لمغادرة سوريا، كان يقف ضد عملية تركيا ضد حزب العمال الكردستاني وحدات حماية الشعب. وقد جاء الرد على العملية التركية بتهديدات اقتصادية؛ والتغريدتان التاليتان للرئيس الأمريكي كافيتان لإظهار الموقف الأمريكي من هذه القضية:
14 يناير 2019: “إذا ضربوا الأكراد، فإن الاقتصاد التركي سيُدمر”.
08 أكتوبر 2019: “إذا أحسست أن الأمور تجاوزت الإطار الذي تم رسمه، فسوف أدمر الاقتصاد التركي. لقد فعلت هذا من قبل!.”
لا يزال الأمل في خلق اقتصاد قوي دون المخاطرة بالنمو الاقتصادي قائما، لا سيما من خلال دعم ذلك بسياسات مالية وتوجيه المدخرات نحو ليرة تركية ثابتة.
تماما، كما في حالة أزمة القس برونسون، قوبلت العملية التي كان سيتم تنفيذها ضد منظمة حزب العمال الكردستاني بتهديدات اقتصادية، وتهديدات بالعقوبات من قبل الولايات المتحدة؛ وتم تنفيذ بعضها، ما أدى إلى إضعاف الليرة التركية، وانخفض سعر صرفها.
هذان الحدثان وغيرهما من الحوادث المماثلة من جمهورية تركيا تطلبا في هذا الوقت اتخاذ الاحتياطات اللازمة؛ ولهذا السبب، تم إدراج عنوان «الاقتصاد» في جدول أعمال اجتماع مجلس الأمن القومي في نوفمبر 2021، حيث تتم مناقشة قضايا مثل الأمن الداخلي والخارجي ومكافحة الإرهاب في ظل الظروف العادية.
ومنذ ذلك الحين، تم التخلي تدريجيا عن “سياسة السيولة المالية” التي جعلت الاقتصاد التركي عرضة للهجمات.
كما أدى الانخفاض في كمية “الأموال الساخنة” الغربية، التي تسببت في الماضي في تقلبات في أسواق المال مع التدفقات المفاجئة للأموال إلى الداخل والخارج، إلى ضمان إدارة خالية من المخاطر لعملية الانتخابات في عام 2023.
ولولا ذلك، لكان الاقتصاد اليوم سيواجه وضعا أسوأ بكثير، وكان يمكن أن يؤثر حتى على نتائج الانتخابات الأخيرة.
نعم، هناك مشكلات اليوم، ولكن بفضل سعر الفائدة الذي تم رفعه بطريقة خاضعة للرقابة والمعدلات المسموح بها للزيادة، يتم إنشاء توازن جديد ومحاولة لتحقيق استقرار الأسعار.
لا يزال الأمل في خلق اقتصاد قوي دون المخاطرة بالنمو الاقتصادي قائما، لا سيما من خلال دعم ذلك بسياسات مالية وتوجيه المدخرات نحو ليرة تركية ثابتة.
وأحد العناصر المهمة في ذلك هو أن تركيا تجذب الاستثمارات من الدول التي تتعاون معها بشكل وثيق. وهذا سيعزز مكانة تركيا كقوة إقليمية وسيؤدي إلى ظهور تفاهم جديد يعزز التعاون المتبادل والمنفعة المتبادلة بما في ذلك آسيا الوسطى والشرق الأوسط ودول الخليج وروسيا والصين.
إن العلاقات الاقتصادية التي تم تطويرها من خلال تعاون متين وقائم على الثقة ستكون بالطبع مصدر إزعاج للدول الغربية، ولكنها ستكون أيضا بداية حقبة جديدة للعالم بأسره، وخاصة لمنطقتنا.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق