الثقافة العنصرية
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 18 يونيو, 2023
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 18 يونيو, 2023
الثقافة العنصرية
يعتقد بعض الباحثين أن كلمة “العنصرية” ظهرت في الأدبيات عندما استخدمها الفرنسيون في القرن التاسع عشر؛ واصفين أنفسهم بالتفوق والتميز على المجموعات البشرية الأخرى، ويذكر بعضهم استخدام الإنجليز للمصطلح عام 1902؛ وقد انتشر مصطلح “العنصرية” في ألمانيا مع اعتقاد حكومتها النازية أن اليهود يشكلون عرقا بيولوجيا مختلفا عن سكان شمال أوربا، وانتشر في القرن العشرين في الولايات المتحدة للتعبير عن عدم المساواة بين الأعراق. بعد ذلك ساد جدل بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا حول العلاقة بين العنصرية البيولوجية والتحيز على أساس الاختلاف الثقافي.
المجتمع الواحد يتكون من مجموعة من الثقافات المتباينة والمتنوعة، ولابد أن يكون هناك ثقافة متفوقة ومتمايزة على غيرها من الثقافات داخل المجتمع الواحد، وعلى هذا فإن الثقافات المتنوعة غير منسجمة مع بعضها، ويصعب بينها التعايش.
لذلك، يرى بعضٌ أن الأعراق تتشكل ثقافيا، ويقدمون دليلا على ذلك ما يعتقده المنظرون من أن المهاجرين في أوروبا الغربية في أواخر القرن العشرين هم “فئات متغايرة” غير منسجمين ثقافيا مع السكان الأصليين، وهنا ظهر مفهوم العنصرية الثقافية.
ونعرج هنا على مفهوم العنصرية الثقافية، التي هي عنصرية قائمة على التحيز والتمييز، بين سكان البلد الواحد على أساس الاختلافات الثقافية بين المجموعات العرقية؛ ولقد تم تطوير هذا المفهوم على يد مجموعة من المفكرين والمنظرين والأكاديميين، في ثمانينيات القرن العشرين. ويُعتبر الباحث البريطاني (مارتن باركر) هو أول من أطلق على هذا المفهوم الجديد اسم “العنصرية الجديدة “، وقد أطلق عدد من الفلاسفة عليه أسماء أُخرى؛ فمنهم من أطلق عليه “العنصرية الحديثة”، ومنهم من أسماها بـ “العنصرية الثقافية التفاضلية”، ومنهم من يعتبرها “عنصرية الاختلاف الثقافي” ومنهم من يعنونها “عنصرية ما بعد الحداثة”، إلى غير ذلك من المفاهيم والاصطلاحات، التي هي في أصلها واحد.
وقد ظهر هذا المفهوم على أساس أن البلد الواحد، أو المجتمع الواحد يتكون من مجموعة من الثقافات المتباينة والمتنوعة، ولابد أن يكون هناك ثقافة متفوقة ومتمايزة على غيرها من الثقافات داخل المجتمع الواحد، وعلى هذا فإن الثقافات المتنوعة غير منسجمة مع بعضها، ويصعب بينها التعايش.
الثقافة تشمل اللغة والعادات والتقاليد في المأكل والملبس والمسكن، وغيرها من الاختلافات الظاهرة والمرئية؛ أما “التطرف والإرهاب” فهو مرتبط بالأيديولوجيات والمعتقدات والثوابت، وليس نوعا من أنواع الثقافة.
تختلف العنصرية الثقافية عن غيرها من العنصريات الأخرى؛ فهي تختلف عن العنصرية البيولوجية أو العلمية، التي هي عنصرية قائمة على التحيز المبني على الاختلافات البيولوجية؛ والجدير بالذكر أن العنصرية البيولوجية أصبحت أقل انتشارا في المجتمعات الغربية في النصف الأخير من القرن العشرين، وقد حلت محلها العنصرية الثقافية الجديدة، وتُعتبر الحركات اليمينية المتطرفة سببا في ترويج مثل هذه المفاهيم الجديدة. وقد حدث جدل كبير بين الباحثين والمفكرين حول مفهوم العنصرية الجديدة؛ فبعضهم يرى أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يشمل مصطلح “العنصرية” النوعين معا (البيولوجية والثقافية)؛ لأن استخدام هذا المفهوم بهذه الطريقة يؤدي إلى ضعف مفهوم العنصرية ذاتها.
وهناك بعض الآراء التي تعتبر أن “الإرهاب والتطرف” في الإسلام هو من أنواع العنصرية الثقافية، كما هو الحال في أطروحات صامويل هنتنغتون، ولكن آخرين يردون على تلك المزاعم بأن ذلك ليس من العنصرية الثقافية، لأن الثقافة تشمل اللغة والعادات والتقاليد في المأكل والملبس والمسكن، وغيرها من الاختلافات الظاهرة والمرئية؛ أما “التطرف والإرهاب” فهو مرتبط بالأيديولوجيات والمعتقدات والثوابت، وليس نوعا من أنواع الثقافة.
أما في الحديث عن مواجهة العنصرية الثقافية الجديدة، فيُشار إلى إمكانية أن يتم ذلك عن طريق استثمار وسائل الاتصال والإعلام الحديثة في الدفاع عن حقوق الأقليات المهاجرة في البلدان، والدفاع عن الصورة التي شوهها الإعلام الذي يتبنى النفَس العنصري الثقافي. كما أنه لابد من تشجيع المبادرات التعليمية والتوعوية، وإعطاء المساحة الكافية للقادة والمفكرين لكي يدافعوا عن الأقليات المهاجرة، ويقفوا بقوة ضد المفاهيم العنصرية الثقافية الحديثة التي يتم الترويج لها.
أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق