الديمقراطية التركية تحت وصاية منظمة غولن الإرهابية

بواسطة | مايو 12, 2023

بواسطة | مايو 12, 2023

الديمقراطية التركية تحت وصاية منظمة غولن الإرهابية

أعلن مرشح الرئاسة، زعيم حزب البلد “محرم إنجه” انسحابه من الترشيح، بسبب ما نشره أعضاء منظمة غولن الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي، من مونتاج وصور.
لم تكن هذه المحاولة الأولى لمنظمة غولن الإرهابية، للوصاية على السياسة التركية والديمقراطية التركية. ففي عام 2010، نشرت منظمة فتح الله الإرهابية صورا لرئيس حزب الشعب الجمهوري السابق “دنيز بايكال”، مما أدى إلى استقالته، وهذا مهد الطريق لوصول رئيس حزب الشعب الجمهوري الحالي “كمال كيليتشدار أوغلو”.
وفي 7 يونيو 2012، بعد محاولة اعتقال وكيل وزارة الاستخبارات هاكان فيدان ومساعديه، وقف “كمال كيليتشدار أوغلو”، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، إلى جانب منظمة غولن الإرهابية في الحرب التي نشأت.

عرّفت جمهورية تركيا منظمة غولن الإرهابية، بأنها هيكل دولة موازية بقرارها للأمن القومي، وتم الاستيلاء على الشركات الخاصة بالمنظمة ووسائل إعلامها.

أرادوا اعتقال أردوغان
واصلت منظمة غولن الإرهابية المؤامرة لاعتقال رجب طيب أردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت، بعمليات الفساد والرشوة في 17/25 ديسمبر 2013؛ وأيد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو وفريقه العمليات، بتصريحات أدلى بها على القنوات التلفزيونية التابعة لمنظمة غولن الإرهابية.
في عام 2014، عرّفت جمهورية تركيا منظمة غولن الإرهابية، بأنها هيكل دولة موازية بقرارها للأمن القومي، وتم الاستيلاء على الشركات الخاصة بالمنظمة ووسائل إعلامها. وفي غضون ذلك، ذهب كيليتشدار أوغلو شخصيا، مع نوابه وأنصاره،  إلى المؤسسات الإعلامية لمنظمة غولن الإرهابية ودَعَمها.

وُصف 15 يوليو بأنه “انقلاب مسيطر عليه”، قال أوغلو إن الانقلاب الحقيقي هو إعلان حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس أردوغان في 20 يوليو.

كيليتشدار أوغلو من مؤيدي منظمة غولن الإرهابية
وفي 15 يوليو 2016، حاولت المنظمة الاستيلاء على إدارة البلاد، بالتخطيط لقتل الرئيس رجب طيب أردوغان في محاولة انقلاب عسكري، وإغلاق الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا؛ ومع ذلك، وقف كمال كيليتشدار أوغلو إلى جانب منظمة غولن الإرهابية في هذه القضية أيضا.
وبينما وُصف 15 يوليو بأنه “انقلاب مسيطر عليه”، قال أوغلو إن الانقلاب الحقيقي هو إعلان حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس أردوغان في 20 يوليو. وقد تم بموجب حالة الطوارئ هذه فصل أعضاء منظمة غولن الإرهابية، الذين تغلغلوا في المؤسسات الحكومية، لا سيما في سلك القضاء والشرطة والتعليم، في حملة واسعة لتطهير أجهزة الدولة ومؤسساتها من المنظمة المسؤولة عن محاولة انقلاب.
وفي عملية الترشح للرئاسة، حصل كيليتشدار أوغلو على أكبر دعم من أعضاء منظمة غولن الإرهابية الذين فروا إلى الخارج، ومن العناصر المحلية؛ حيث وعد بحماية 124000 شخص تسللوا إلى الدولة وطُردوا بموجب حالة الطوارئ، وإعادتهم. ولهذا علقت منظمة غولن الإرهابية آمالها على كمال كيليتشدار أوغلو ليصبح رئيسا من أجل إعادة تأسيس نفسها في الدولة؛ وهذا هو سبب عمليات التشويه والهجوم ضد كل من يرونه يقف في طريق كيليتشدار أوغلو.

عادت ميرال أكشينار، التي أنهكها الهجوم عليها والإهانات الموجهة لها، إلى الطاولة في 6 مارس 2023، وقبلت بترشيح كيليتشدار أوغلو.

الهجوم على ميرال أكشينار
كانت ميرال أكشينار، زعيمة الحزب الجيد، التي اعترضت على ترشيح كمال كيليتشدار أوغلو، هدفا لعمليات الهجوم ذاتها. ومن المثير للاهتمام، أن أعضاء منظمة غولن الإرهابية لم يكونوا وحدهم هذه المرة؛ فقد ساعدت شبكات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لحزب الشعب الجمهوري، والشبكات التابعة لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، في عملية الهجوم ضد أكشينار. وعادت ميرال أكشينار، التي أنهكها الهجوم عليها والإهانات الموجهة لها، إلى الطاولة في 6 مارس 2023، وقبلت بترشيح كيليتشدار أوغلو.
في أعقاب هذه الأزمة، كان “محرم إنجه”، الذي خدم في حزب الشعب الجمهوري لمدة 40 عاما، وأصبح مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة في عام 2018، على جدول الأعمال ليكون مرشحا في الانتخابات التي ستجرى في 14 مايو. وكان يُعتقد أن ترشيح “محرم إنجه” سيؤدي إلى انخفاض أصوات كيليتشدار أوغلو، وبالتالي منعه من الترشح للانتخابات.

أخاطب الذين ارتكبوا هذا العمل الغادر: ليس لدي أي خوف من هذه المؤامرات.. أنا أنسحب من الترشيح، ولن أترك لهم (يعني المعارضة) المجال لتحميلي المسؤولية، في فشلهم بمواجهة أردوغان صباح الاثنين القادم”.

تصريح إنجه
ولهذا السبب، تم إطلاق حملة مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي، لدفع محرم إنجه للانسحاب من الترشح. ولمدة 45 يوما، تعرض “محرم إنجه” للإهانة والشتم والتهديد، وتم نشر إيصالات مزيفة، وطُرحت كذبة أن “محرم إنجه” تلقى المال، كما تم التشهير بزوجته وعائلته؛ وتم دمج صوره الأخيرة مع الصور المأخوذة من المواقع الإباحية الأجنبية، وإنشاء محادثات واتس أب مزيفة للهجوم عليه. وبسبب الضغط الشديد الذي واجهه منذ 45 يوما، ألغى آخر تجمعين له وأعلن أمس أنه سينسحب من الترشيح قائلا: “أقاتل في السياسة منذ أكثر من 40 عاماً.. ما رأيته في آخر 45 يوما، لم أره في السنوات ال 45 الماضية: إيصالات مزيفة، سيارات جيب مزيفة، صور غير موجودة، تم قطع رأسي ووضعه في صورة من موقع إباحي إسرائيلي؛ لم أر مثل هذا الافتراء طوال تاريخ الجمهورية، ولم تستطع جمهورية تركيا حماية سمعتي.
أخاطب الذين ارتكبوا هذا العمل الغادر: ليس لدي أي خوف من هذه المؤامرات.. أنا أنسحب من الترشيح، ولن أترك لهم (يعني المعارضة) المجال لتحميلي المسؤولية، في فشلهم بمواجهة أردوغان صباح الاثنين القادم”.

وراء هذا العمل منظمة غولن الإرهابية، التي لا يزال زعيمها فتح الله غولن، بدعم من المخابرات الأمريكية، يقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.

كيليتشدار أوغلو يخفي دور منظمة غولن الإرهابية
ومن المثير للاهتمام أن “محرم إنجه” حمّل منظمة غولن الإرهابية المسؤولية بشأن فضيحة المونتاج؛ في حين ألقى منافسه كمال كيليتشدار أوغلو باللوم على الروس، وقال في تغريدة نشرها مساءً باللغتين، التركية والروسية: “أصدقائي الروس الأعزاء، أنتم وراء المونتاج والمؤامرات والمحتوى المزيف العميق، الذي انتشر في هذا البلد أمس.. إذا كنتم تريدون أن تستمر صداقتنا بعد 15 أيار/مايو، فارفعوا أيديكم عن الدولة التركية.. ما زلنا نؤيد التعاون والصداقة”. وكانت هذه مجرد كذبة تم تقديمها من قبل كيليتشدار أوغلو للتغطية على دور منظمة غولن الإرهابية في فضيحة المونتاج.
وكان وراء هذا العمل منظمة غولن الإرهابية، التي لا يزال زعيمها فتح الله غولن، بدعم من المخابرات الأمريكية، يقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. وتقوم المنظمة بالإنتاج، وتقوم الشبكات التابعة لحزب الشعب الجمهوري، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المقربة من حزب العمال الكردستاني، بالنشر.
منظمة غولن الإرهابية أداة للولايات المتحدة
تقف الولايات المتحدة وراء كل الذي تقوم به منظمة غولن الإرهابية، ولا تزال هذه المنظمة تهدد الدولة التركية، والأمة التركية، والديمقراطية التركية.
وتماما، كما ضمن كيليتشدار أوغلو انتخابه زعيما لحزب الشعب الجمهوري في العام 2010، من خلال مؤامرة الشريط والابتزاز ضد دنيز بايكال؛ فقد قضى على خصمه محرم إنجه، الذي اعتبره عقبة أمام انتخابه رئيسا في اليوم نفسه بعد 13 عاما بالضبط. وهذا لا يعني فقط القضاء على السياسي الذي ينظر إليه على أنه عقبة أمام انتخاب كيليتشدار أوغلو، ولكنه يعني أيضا أن الدولة التركية ستخضع لوصاية منظمة غولن الإرهابية، إذا تم انتخاب كيليتشدار أوغلو.
على الرغم من أنها تبدو وكأنها فضيحة مونتاج بسيطة، إلا أننا نواجه حدثا ضخما، سيكون له تأثير ليس على تركيا والتطورات الإقليمية فحسب، ولكن أيضا على التطورات السياسية في جميع أنحاء العالم.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...